*شرحُ الحديثِ:*
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ ﷺ نَهى أنْ يُقِيمَ الرَّجُلَ أخاهُ الَّذي سَبَقه إلى مَجلِسٍ مِن المجالِسِ، ثمَّ يَجلِسَ فيه؛ لأنَّ فيه تَعَدِّيًا على حقِّ أخيهِ الَّذي بادَرَ وسارَعَ إلى الخيرِ لتَحصيلِ ثَوابِ الآخرةِ بتَقدُّمِه في المجلِسِ والصُّفوفِ الأُولى، ولأنَّ المسجِدَ بَيتُ اللهِ، والنَّاسُ فيه سَواءٌ؛ فمَن سبَقَ إلى مَكانٍ فهو أحَقُّ به، والمرادُ بالأُخُوَّةِ: أُخُوَّةُ الإسلامِ، ويُحمَلُ المعنى على أنَّ المرءَ إذا قام مِن مَجلِسِه لعارِضٍ -كوُضوءٍ ونحْوِه- والظنُّ يَغلِبُ أنَّه سيَرجِعُ إليه؛ فلا يُبادِرْ أحدٌ إلى هذا المَقعدِ فيَجلِسَ فيه؛ لأنَّ الذي قام منه هو أحَقُّ به إذا رجَعَ إليه، وإنْ جلَسَ فيه أحدٌ فلْيَقُمْ منه عندَ عَودةِ صاحِبِه. وهذا الحُكمُ لا يَختَصُّ بالجُمُعةِ كما بيَّن نافعٌ مَولَى ابنِ عُمرَ؛ لأنَّها مَظِنَّةُ هذا الحُكمِ حينَئذٍ؛ لاجتِماعِ النَّاسِ لها، ويَجلِسُ ويَتقدَّمُ فيها الأسبَقُ فالأسبَقُ، وإنَّما الحُكمُ يَشمَلُ كلَّ مُجتمَعٍ للنَّاسِ؛ سواءٌ كان لدِينٍ أو دُنْيا.
#الدّرر السَّنيّة