بدأت قصة نزار قباني مع حبيبتِهِ عندما كان قباني يلقي إحدى قصائده في بغداد التي احتضنت آنذاك مهرجانًا شعريًّا دُعِيَ إليه قباني عام 1962 للميلاد، وكانت القاعة التي ألقى بها نزار قباني قصيدته تحوي الفتاة العشرينية التي توغل في كلِّ تفاصيل المرأة العربية، تلك المرأة التي جذبتْ نظر قباني فدخلتْ قلبَهُ منذ أول نظرةٍ. بعد نهاية المهرجان ذهب نزار يستقصي أخبار الفتاة ويسأل عن أحوالها وعن نسبها واسمها، فعلمَ أنّها تعيش في الأعظمية على ضفاف دجلة، فسارع قباني وتقدّم لخطبتها من أبيها، ولكنَّ عادةَ العرب أنّهم لا يزوجون من تغزّل بابنتهم، فرفض والدُها أن يزوّجها لنزار، فعاد قباني من المهرجان في بغداد إلى مدريد في إسبانيا حيث كانَ يعمل هناك في السفارة السورية. لم تتوقّف حكاية قباني هنا، فما زالتْ بلقيس تُراودُ خيالَهُ. ولم يزلْ طيفها يمرُّ على أطلال الذاكرة حاملًا معه وحشة بغداد وحنين العصفور الدمشقي إلى الأعظمية حيث تسكن حبيبَتُهُ، وكانَ قباني في تلك الفترة يتبادل الرسائل مع بلقيس سرًّا دون علم والدها، وبعد مرور السنوات، عامًا تلو عام، دُعِي قباني للمشاركة في مهرجان المربد الشعري في العراق، فكتبَ قصيدة نحتها لإزميل الحنين، على لوحٍ من الأشواق، قصيدةً دمشقية بهوس عراقي لذيذ، تزيد على مئة بيت شعري، وصعد المنبر في المربد وقال: مرحبًا يا عراقُ، جئت أغنيك وبعـضٌ من الغنـاء بكـاءُ مرحبًا، مرحبًا، أتعرف وجهًا حفـرتهُ الأيـامُ والأنـواءُ؟
فضجّت القاعة لهذا الكلام الذي أجبر الحضور على التّعاطف مع نزار، وبدأ الناس يتناقلون أخبار قصة عشق نزار للفتاة التي تسكن على ضفة النهر في حيَِّ الأعظمية في بغداد، ونُقلتْ القصة إلى الرئيس العراقي آنذاك أحمد حسن البكر، فبعث الرئيس العراقي شخصيًّا وزير الشباب ووكيل وزارة الخارجية لخطبة بلقيس لنزار قباني من أبيها، وعندها وافق والدها على تزويجها من نزار قباني عام 1969 لتبدأ حياة نزار مع امرأتِهِ التي كتبَ لها كتاب الحبِّ خالدًا حتى هذه اللحظة، والذي يقول في إحدى قصائده: أشهدُ أن لا امرأةً أتقنت اللعبة إلا أنتِ واحتملتْ حماقتي عشرة أعوام كما احتملتِ واصطبرت على جنونِي مثلما صبرتِ وقلمتْ أظافري، ورتبت دفاتري، وأدخلتني روضةَ الأطفالِ إلا أنتِ
13 مارس 100 عام علئ ميلاد نزار قباني و ربع قرن علئ رحيله