View in Telegram
«كان التحول الأكبر في حياتي أنني أحببت محمّداً صلى الله عليه وسلم .. أنني أحببته حتى تملّك قلبي كلّه .. فصارت حركاتي وسكناتي وأنفاسي ولحظاتي وألحاظي تتنسّم عطره، وصارت خطرات عقلي وخلجات قلبي خاشعة أمام مرآه الجميل وهيبته الآسرة .. كان رزقاً عظيماً من الله .. أن ينفذ إلى القلب هذا النور، فينفسح به وينشرح .. وتتسع مداركه ومشاعره وتمتلئ سكينة وطمأنيينة بهذا الإمام .. كان جيلنا قد تعلّم الكثير عن الإسلام بوصفه منهجاً وفكرة ومشروعاً. حدثونا كثيراً عن الرسالة، وقليلاً عن الرسول. ثمّ فهمتُ من بحر القرآن العظيم أنّهما وحدة واحدة "البيّنة: رسول من الله يتلوا صحفاً مطهّرة"، وأنّ "الصراط المستقيم" هو "صراط الذين أنعمت عليهم". لم يكن صحيحاً دائماً أنّ عالم الأفكار والمجرّدات أعلى من عالم الأشخاص، بل بينهما مطابقة آسرة توسّع الفكرة وتزكّي الشخص وتبني طوال الوقت جسوراً بين المثال والحياة .. الحبّ حقيقة إيمانية لا تحتاج إلى بيان. "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين". والحبّ شعور يتوثّق بالمعرفة ويثمر الإتباع، ويقرّب البعيد حتى يصبح الدين حقيقة سارية في الدم واللحم والمشاعر .. أُحدّث بهذه النعمة لأنها تفيض عن حدود القلب ولأنّني أحبّ لكل من أعرفه أن يذوق تلك اللحظة التي يرتعش لها الفؤاد ثمّ يلين لها ويسكن بها، فيستقيم معها معيار العلم وميزان العمل. لن يستقيم العالم، ولن يقوم المؤمن قومته المقصودة إلا بهذا الائتمام. ليس الائتمام هو فقط العمل بالأحكام، بل هو خبرة طويلة يصحب فيها المحبّ سيرة حبيبه صلى الله عليه وسلم، ويعيش معه فكراً وشعوراً في بيته ومسجده وساحات جهاده ودعوته، فينطبع بطبعته وينطوي هواه في ما جاء به، فيصير ببساطة "محمّدياً" في قلبه وقالبه، في طريقة تفكيره ونظره إلى العالم وفي أسلوب دعوته وتعامله مع الخالق سبحانه وتعالى والمخلوقين ورحمته للعالمين. حدثينا يا أماه عن خلقه .. "كان خلقه القرآن" صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً ورضي الله عن صحابته أعظم الرضوان.» - أ.أسامة غلوجي
Telegram Center
Telegram Center
Channel