لاتحتاج أن تبحث عن الذنب، أصبح الذنب في العصر هو من يبحث عنك، ضغطة الزر التي كنت تنقرها لمشاهدة المحرم، أصبحت تنوب عنك فينفتح المشهد بالكامل، ويصعب عليك إغلاقه حتى الإتمام.. هذه الحالة من سهولة المنكر ومرونته لم تسبق منذ عهد آدم إلى يومنا، أن تتبرج المعاصي في عينيك دفعة واحدة، ولدى أدنى استدعاء، فيكون حظ الغالب منا هو تقسيط التخلص، أو ضمور الانقباض عند المعاقرة شيئًا فشيئًا، هذه النازلة السلوكية من الامتزاج التلقائي بالمنكر لا يمكن أن تُدافع إلا بعنصرين: تجديد حاسّة اليقظة بالمنكر، ألا تكون كثرة مرور الذنب حاجبة عن وصفه الشرعي، فلا ينقلب مع الزمن إلى "مختلف فيه"، أو "لدينا قضايا أهم"، أو "الأمر فيه سعة" لأن المنكر لايريد منك أكثر من اعتياد عينك عليه، ليصبح في الأخير وجهة نظر. والثاني: مدافعة السلوك، الله يريد منك المجاهدة يريد أن تكون مصاديق بغضك للمنكر واضحة، لاغمغمة فيها، فلا يكفي أن يكون المنكر مُنكرًا في قلبك حتى يرى عبودياتك على قارعة المدافعة، اصرف بصرك، أغمض عينك، اخرج من المكان، تخلص من التطبيق التواصلي، فقانون (أضعف الإيمان) مرتبط بقانون (فلاتقعدوا معهم) سواءً بسواء، والذي قال (فإن لم يستطع فبقلبه) هو الذي قال (المهاجر من هجر ما نهى الله عنه) مثلاً بمثل، فأرِ الله منك خيرًا، فأعظم الفرج ما استصحبت فيه رحلة المجاهدة لا مرحلة الظفر، لأنك في كل لحظة منها تتقلب في عبادة، وترجع بأجور، وتسبق بدثور. ( والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا )