هذا العمل يحتوي على رسالتين نفيستين نادرتين من التراث النحوي الصوفي الفقهي، لعَلَم من أعلام القرن السادس الهجري.
أمَّا الرسالة الأُولى فلا يُعلَم لها نظير - في حدود اطلاعنا - في التراث، وهي قائمة على بيان وشرح علم النحو في علم البدء، وعلم البدء عند السادة الصوفية هو علمُه تعالى السابق للأشياء قبل أن تكون، وهو علم الأولياء، لا يطلع عليه إلا مَن وصل إلى رتبة الولاية، وذلك عن طريق كشف الله تعالى لهم ما قدَّره لكل واحد كرامةً له.
ويعنون بشرح النحو في علم البدء: الرجوع في استخراج حقائق المعاني في النحو إلى حالة البدء، أي في علم الله الأول السابق للأشياء، لا تتناقض فيه القواعد، ولا يوجد فيه شذوذات ونوادر تَنِدُّ عن الأصول كما هو حال علم النحو عند الوسطاء أي العلماء.
والوحيد الذي كتب في هذا في حدود اطلاعنا هو الحكيم الترمذي في كتابه المفقود إلى الآن «تفسير الفاتحة»، ولما كان كلامه في غاية الغموض جاء مؤلِّفنا أبو طاهر القزويني في هذه الرسالة فشرح كلامه، إلا أن كلام الحكيم اقتصر على علامات الإعراب، ولهذا وعد القزويني في رسالته هذه أنه سيأتي على أبواب النحو بابًا بابًا ويُخرِّجه في علم البدء كما فعل الحكيم الترمذي، وذلك لأنه كان عالمًا باصطلاحات السادة الصوفية عارفًا بإشاراتهم كما أخبر هو عن نفسه.
أمَّا الرسالة الثانية، فقد أقامها الإمام النجار في بيان حرف «الواو»، وذِكر كل ما يتعلَّق به في علوم العربية، فتكلم عن أقسامها وطُرقها وأحكامها في علوم العربية.
ثم من نفيس ما كتب أنه ذكر مسألة من خمسة عشر علمًا كل مسألة منها لها تعلُّق بحرف الواو، فيقول: مسألة واوية في علم التصوف. مسألة واوية في علم الكلام. مسألة واوية في علم العروض. مسألة واوية في علم القراءات، وهكذا إلى أن وصل إلى خمسة عشر علمًا.
كل هذا في الفصل الأول، أما الفصل الثاني فهو صلب الرسالة، وهو كلامه على الواو في قوله تعالى: {وفتحت أبوابها}، لماذا أُثبِتت عند الكلام عن أهل الجنة، وحُذفت عند الحكاية عن أهل النار.
فذكر الإمام النجار جميع أقوال العلماء في ذلك وتخريجاتهم في هذا.
ومن نفيس رسالته غير الذي ذُكِر كلامه عن واو الثمانية بكلام طويل وتفريعات لم نرها عند غيره.
والإمام النجار عالم كبير مشهور بعلمَي العربية والكلام، وهو من تلامذة جار الله الزمخشري، ولم يترك علمًا إلا شارك فيه بقوة كما أخبر هو عن نفسه بذلك في الرسالة التي ترجم فيها لنفسه وسمَّاها «بث الشكوى».
وبعدُ فهناك مزيد كلام عن أهمية الرسالتين وتفاصيل عن محتواهما لا يسع ذلك أن يكون في منشور، وقد بيَّن المحقِّق الدكتور أحمد فتحي البشير ذلك في المقدمة التي صنعها لتحقيق الرسالتين.
#دار_الشيخ_الأكبر#صدر_حديثًا
#جديدhttps://www.facebook.com/share/p/JYfx2gEKSvQ8tKWM/