ينضجُ المرءُ بِمقدار جرأتِه على الحياة، بغض الطرفِ عمَّا تركت حَوَادثُ الدهرِ من تشوّهاتٍ بداخله، وجروح في عقله، ودمعات لم تجفّ بذاكرته، ورغمًا عن أنفِ الظلام الذي يحشو عَلاقَاتِنا بذواتِنا، ورغمًا عن أنفِ الأحزانِ التي لا تسكتُ عنَّا وتتفصَّد منَّا في كلِّ مكان، فَالذي لم يقضِ علينا يصنعنا، يجعلنا أكثر جدارة بالوجود، وأعمق رؤية للطريق، وأشدّ افتتانًا بجمالياتِه المخبوءة، وأكثر تقديرًا وامتنانًا للإنجازات الصغيرة والمُتَع البسيطة.
نعم بشكلٍ أو بآخر ننقم على التجارب التي اغتالتْ فينا البراءة وجعلتنا نشعر أننا من القاسية قلوبهم، لكن من أعماق أعماقنا نشكر تلك التجارب، فقد اختصرتْ علينا الكثير من الدروسِ والعِظات وأرتنا الحياة بوجهيها القبيح والحَسَن حتَّى نُشغَف بها كما هي، ونحبّها جُملةً وتفصيلًا، لا نُحبّ بعضًا ونَكفُر ببعض، ومهما أتانا النُضج مُقنَّعًا بقِناع القسوة فسنفتح له أبوابنا على مِصراعيها دونَ وعيٍ منَّا، لأننا نريدُ أنْ نعيش ما تيسَّر لنا من حياة وهو أخصَر طريقٍ لها، وقد كبرنا بما فيه الكفاية لنعرف أنَّ مَنْ أراد حَلاوةَ الشيء كان لِزامًا عليه أنْ يتقبّل مُرَّه بصدرٍ رحب
✍️🩶#صاحب_السعادة