ماذا ينقصنا؟
كل شيء بقدر الله ومشيئته، وحال العالم اليوم أن ما يهدم لا يعود بناؤه، وما ينتثر لا مصلح له، وهذا مؤذن بخراب العالم، إما من جهة وضعه الحالي لوضع جديد مغاير وإما تغييرا لوضعه الكلي ولا جامع له على أي صيغة أخرى.
وهذا الوضع في طوفان الأقصى يدخل في هذا المعنى، فإما أن يمتد القتال ويتشعب ويتعاظم متصلا بعضه ببعض دون راحة، وإما أن يسكن سكونا قصيرا ثم يعود أشد اشتعالا.
ومما ينبغي ربط بعضه ببعض أن العالم كله يميل إلي شدة التناقض والصراع، مع وجود أسباب التفجر بين كل الجيران والأقطاب، وعودة الصراع العقدي، ذلك لأن الصراع السياسي والاقتصادي كان له سقف من الحرارة، وكان يمكن ضبطه والحفاظ على درجة معينة من الخلاف، لكن الخلاف العقدي اليوم يحكم أكثر صور صراعات العالم.
ما يجب البحث فيه هو دورنا في هذا الواقع.
والظاهر اليوم أننا ساحة صراع، وأننا أدوات لهذا الصراع ولا فاعلية ذاتية مؤثرة لنا، والسبب أن مجموعنا بصفتنا أمة قد غيب، وخاصة أن هذا الوصف ينطبق أكثر على أهل السنة، فلا وجود لهم ككيان ممكن أو شبيه من التمكين، وقد أثبتت التجارب أننا الأقدر أي أهل السنة على تأجيج الصراع الداخلي بيننا، وأننا نحمل إرثا تاريخيا من التناقضات، حتى إن أصغر المسائل أو أدقها قادرة على تفجير الخلاف الدموي بيننا، وأننا في زمن السلم ذئابا على بعض وفي زمن الحرب أشد في ذلك.
ينقصنا شيء واحد: ﴿ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وإذا كانت المملكة الأموية هي القدر الملائم لتغيرات الأمة الإسلامية، وهذه التغييرات لزم منها الخروج من الخلافة الراشدة للملك، فإن واقعنا لا ينفعه إلا الملك، وللأسف فإن من هم معلق بهم مناط التوفيق واتحاد الأمة نرى أنهم أسباب الفرقة والاختلاف، ويقصد بذلك من يتسمون بالعلماء.
مشكلتنا أكبر من أن يستوعبها إلا سلطان ملكي ممكن، يضرب بيد من حديد على أسباب الفرقة، ويجمع الأمة إلى واجباتها الحقيقية لا المتخيلة والموهومة والتاريخية.
قد يحاول بعضهم التخفيف من أثر الخلاف الداخلي، وهذا غلط أثبت الواقع خلافه، فبكلام شاب يتعالم يصنع أشد الخلاف والفرقة وتأطير الشباب، حتى لو أعطي السلاح للفرقاء لأفنى بعضهم بعضا.
أمنيتنا أن تسقط حلقة ردة بيد أهل الإسلام دون تشظي يمزقها، ولكن واقع العالم اليوم كله إلى الخلاف والصراع والتمزق.
والله الحافظ