سورة البقرة (٢): الآيات ١١٨ الی ١١٩]
وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّـهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩)
(بيان)
قوله تعالی: وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ هم المشركون غير أهل الكتاب و يدل عليه المقابلة السابقة في قوله تعالی: وَ قالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصاری عَلی شَيْءٍ، وَ قالَتِ النَّصاری لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلی شَيْءٍ، وَ هُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ، قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ الآية. ففي تلك الآية ألحق أهل الكتاب في قولهم بالمشركين و الكفار من العرب، و في هذه الآية ألحق المشركين و الكفار بهم، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّـهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ، كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ- و هم أهل الكتاب و اليهود من بينهم- حيث اقترحوا بمثل هذه الأقاويل علی نبي الله موسی (ع)، فهم و الكفار متشابهون في أفكارهم و آرائهم، يقول هؤلاء ما قاله أولئك و بالعكس، تشابهت قلوبهم.
قوله تعالی: قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ جواب عن قول الذين لا يعلمون إلخ، و المراد أن الآيات التي يطالبون بها مأتية مبينة، و لكن لا ينتفع بها إلا قوم يوقنون بآيات الله، و أما هؤلاء الذين لا يعلمون، فقلوبهم محجوبة بحجاب الجهل، مئوفة بآفات العصبية و العناد، و ما تغني الآيات عن قوم لا يعلمون. و من هنا يظهر وجه توصيفهم بعدم العلم، ثم أيد ذلك بتوجيه الخطاب إلی رسول الله ص و الإشعار بأنه مرسل من عند الله بالحق بشيرا و نذيرا، فلتطب به نفسه، و ليعلم أن هؤلاء أصحاب الجحيم، مكتوب عليهم ذلك، لا مطمع في هدايتهم و نجاتهم.
قوله تعالی: وَ لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ، يجري مجری قوله: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ»: البقرة- ٦.
📚الميزان في تفسير القرآن الكريم
✍السيد محمد حسين الطباطبائي
🍃🌸