روضات الشهداء
أم الحسنين الزايدي
نحن الأقوياء الصابرين الواثقين بالله تعالى لكننا لسنا من حديد بل كتلة من المشاعر وأوجاع الدنيا كثيرة والهموم تخيم على القلوب تارة نصاب باليأس، وتارة أخرى نفقد الأمل وأحياناً نصل إلى شعور فراغ داخلي لا نعرف ماهو بالتحديد لا أطباء قادرون على تشخيص ما بنا ولا علماء نفس يستطيعون ما نشرحه لهم، مكان واحد بالنسبة لي أنا ولربما للكثير مثلي هو الذي نأتيه محملين بالهموم والأحزان والأوجاع فنغادر معافيين، مكان يضم أجساد تنبعث منها رائحة الأمل فتنعشنا ونتنفس الحياة من جديد المشي بينهم يزودنا بالقدرة على المضي في متاعب الحياة النظر إلى وجوههم كبلسم يضع على أوجاع قلوبنا فتُداوى.
لا منتزهات عالمية ولا مناطق سياحية ولا مناظر خيالية تقارن بروضات الشهداء إنها جنة الله في الأرض زُينت بأعظم الناس احتوتهم فأظهروا لها حسن عاقبتهم إن كان هذا الجمال والروحانية في هذه الدنيا فكيف بمكانتهم في جنات الخلود؟!
دائماً وفي كل مرة أزور روضات الشهداء يجتاحني شعور الأنس في قلبي والطمأنينة والهدوء أتمشى بينهم وأُحدق بأعينهم فأرى أطهر أهل الأرض يشع من وجوههم المشرقة نوراً يُضيء لي عتمة أيامي، كل شهيد ملامحه ونقاءه يشدني للنظر إليه وكأنه يقول ياأهل الدنيا لو تعلمون ماأنا فيه من النعيم لتمنيتم التعجيل في الوصول.
هم الأحياء وقد قال الله سبحانه ذلك أحياء بأرواحهم أحياء بذكراهم بتضحياتهم أحياء دائماً فينا لا ننساهم أبداً بل إنهم أحياء ويعيشون بيننا وأرواحهم تحلق حولنا ولكن نحن كما قال سبحانه(( لا تشعرون)) فكيف لنا أن نشعر بمن اختصه الله بأعظم كرامة بالإرتقاء بالشهادة ونحن مازلنا في هذه الدنيا الملوثة التي تريدنا ولكننا لا نريدها بل نريد اللحاق بمن سبقونا من أحبتنا الشهداء، وأعظم ماخصه الله بهم بأن جعلهم دائماً يختلفون عن بقية البشر الأحياء والموتى فأحياهم حياة عظيمة وتوفاهم بأعظم مايريده الإنسان الشهادة في سبيل الله حتى روضاتهم جعلها محطه للتزود بالراحة النفسية والهدوء والسكينة جعلها أعظم مستشفى قد تدخله لأن الأطباء الذين بها منحوا أعظم شهادة من أعظم مكان من الله سبحانه وتعالى وإن كان الدخول لمقابر الموتى يدعي البعض إلى الخوف فليجرب زيارة روضات الشهداء ليرى الأمان الذي يستقر في القلب عند الدخول لزيارتهم.
أي مكان قد تزوره قد تمل منه أو لا ترتاح فيه ولربما تشعر بالضيق لسبب ما لكن المكان الوحيد الذي لو بقيت فيه طوال عمرك ستبقى في روحانية عالية ونفسية مرتاحة أنها روضات الشهداء الأطهار أن تبقى تتحدث معهم ل ساعة واحدة في الأسبوع خير لك من زيارة ألف طبيب أن تتمشى بين أضرحتهم المباركة ورؤية وجوههم الطيبة خير من الدنيا ومافيها، نحن أسر الشهداء لربما نحمل نفس الشعور تجاه هذه الأماكن المقدسة كونها مكاننا المعتاد ووجهتنا المفضلة ولكنني أردت بكلماتي إيصال عظمة مانحن فيه ليس لأدعو لزيارة الشهداء فهم ليسوا بحاجة لزيارتنا بل نحن بأشد الحاجة الى زيارتهم للنجى لنهداء لنطمئن.
وجوههم ترشدنا ونظراتهم تلهمنا وأهدافهم تحثنا على السير على خطهم المبارك تضحياتهم ودمائهم الطاهرة تدعونا أن لا نميل ولا نترك الجهاد والمقاومة وإن فرطنا في هذه التضحيات وهذه الدماء فستكون وبالاً علينا جميعاً، أسر الشهداء من قدموا أغلى مايملكون يأملون في من تبقى أن لايفرطوا بدماء الشهداء وأن لا يصعدوا للمناصب ويحققون أهدافهم الشخصية على حساب تضحيات الشهداء بل يريدون من بقي بأن يمضي بنفس الطريق همه الأول والأخير هذا الدين ومقدساته وإعلاء كلمة الله والدفاع عن الأرض والعرض وعن المظلومين والمستظعفين، سلام الله على كل الشهداء العظماء سلام الله على أطهر الأماكن سلام الله على روضات الشهداء.
#كاتبات_وإعلاميات_المسيرة.
https://t.center/alhmleh