الخروج قبل القائم الحلقة 4سنكمل بقية الروايات التي تنهى عن الخروج قبل القائم، وسنتكلم في هذه الحلقة عن روايات أحلاس بيوتكم، وهي:
1- أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي، قال:
حدثنا علي بن الصباح بن الضحاك، عن جعفر بن محمد بن سماعة، عن سيف التمار، عن أبي المرهف، قال:
" قال أبو عبد الله (عليه السلام): هلكت المحاضير.
قال: قلت: وما المحاضير؟
قال: المستعجلون، ونجا المقربون، وثبت الحصن على أوتادها، كونوا أحلاس بيوتكم، فإن الغبرة على من أثارها، وأنهم لا يريدونكم بجائحة إلا أتاهم الله بشاغل إلا من تعرض لهم .
(كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ٢٠١)
2- حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا يوسف بن كليب المسعودي، قال: حدثنا الحكم بن سليمان، عن محمد ابن كثير، عن أبي بكر الحضرمي، قال:
" دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله (عليه السلام) وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان، فقلنا: ما ترى؟
فقال: اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح.
(كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ٢٠١).
3 - وعن أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي (أبو الحسن) قال: حدثنا إسماعيل بن مهران قال:
حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، ووهيب بن حفص عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: (قال لي أبي: لا بد لنار من آذربيجان لا يقوم لها شئ، فإذا كان ذلك فكونوا أحلاس (2) بيوتكم، والبدوا (3) ما لبدنا، فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه ولو حبوا
(مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج ١١ - الصفحة ٣٥).
وربما هنالك غيرها من الروايات.
وبغض النظر عن ضعف أسانيد أغلبها، سنناقش مداليلها ونرى مدى صلاحيتها للدلالة على حرمة الخروج قبل القائم، وذلك في نقاط:
1- أن كل هذه الروايات ناظرة لقضية خارجية ولواقعة معينة، وليس بصدد بيان حكم وضابطة عامة.
فالرواية الأولى يتكلم الإمام عن فتنة معينة وأن الغبرة فيها على من أثارها، ويوصي الشيعة بالتثبت وترك العجلة.
والرواية الثانية تتكلم عن رايات العباسيين الذين رفعوا شعار الرضا من آل محمد، ولأن الإمام يعلم بكذبهم وخداعهم، أمر الشيعة بأن لا يشاركوا معهم ويكونوا أحلاس بيوتهم.
وهكذا الرواية الثالثة تتكلم عن الحرب في أذربيجان، والتي لا يبدو أن للشيعة دور فيها، فأمرنا كذلك بلزوم بيتنا.
والأمر في هذه الروايات بلزوم البيوت أمر خاص بالحوادث المذكورة في الرواية، ولا يمكن تعديته ليكون أمراً عاماً لكل الروايات والأحداث المستقبلية، لأن كل حادثة لها ظروفها وخصوصياتها وجزئياتها المختلفة عن الحوادث الأخرى، فكيف يمكن أن نعدي الحكم منها لغيرها من الروايات؟
2- الجامع المشترك بين الأحداث المذكورة في الروايات أعلاه هو أنها ناظرة لنزاعات دنيوية ليس لأحد حق فيها، لذلك إذا أمكن تعدية الأمر في الروايات فإنما نعديه لموارد النزاعات الدنيوية التي ليس فيها حق، أو لموارد الفتن التي يشتبه فيها الحق، وهذا أمر مسلم ولا خلاف فيه، فأن من المهم جداً للمؤمن الحذر والتثبت وعدم القيام مع حركة لا حق فيها أو أن الحق فيها مشتبهاً، فلهذا المقدار ممكن أن نعدي الروايات، لكن لا يمكن أن نعديها لموارد وجود ووضوح الحق وكون الخروج بإذن الفقيه الجامع للشرائط، فإن النهي عن الخروج قطعاً لا يشمله، ولا يمكن تعدية الروايات له.
3- حتى لو تنزلنا عن ذلك، وقلنا أن الأمر بلزوم البيت أمر عام وشامل - ودونه خرط القتاد - فأن عدم القيام معها لا يدل على عدم مشروعيتها، كما بينا سابقاً، وذكرنا لذلك أمثلة كحركة زيد الشهيد التي كانت حركة مشروعة وممدوحة، ورغم ذلك لم يخرج معها أهل البيت أو يأمروا بالخروج معها، وكذلك ما سيأتي في هذه السلسلة في بعض الروايات التي ترجح عدم القيام لبعض الخصوصيات رغم مشروعية الحركة، فخلاصة هذه النقطة أن عدم الخروج قد يكون راجحاً لبعض الأسباب لكنه لا يلازم عدم مشروعية القيام.
فاتضح من كل ما تقدم، أن روايات كونوا أحلاس بيوتكم لا تدل على عدم مشروعية القيام للوجوه الثلاثة المذكورة.
تمت مشاركته بواسطة: بوت تذكرة مهدوية
@Alnashirmahdawi2bot