أفتقِدُها.. تلك الأيّام التي صوّرتُها في ذاكِرتي على أنّها زِنزانة ، وصلّيتُ كثيراً لأكبُر بلمحِ البَصر، لتسمح لي أمي بالخروج لأتخرّج من المدرسة لأمتلك هاتفاً كالكبار لتكُف جدّتي عن تضفير شعري في بداية كُل يوم ليقلّل والدي من صراخِه عليّ. اليوم، أريدُ ان أتراجع عن عتبةِ النضوج أن أفرّ بجلدي من حياة الكِبار أدركتُ أن الطفولة كانت هي الحُرية الأكبَر، والأبهى وإن ظنناها عكسَ ذلك.. أودُّ أن تمنعني أُمي من الخروج أن أُطفِئ جميع الهواتف، ونجلس جميعاً أمام التلفاز نُشاهِد "سبيستون" ثم نغفُو بِدون هم.. أن أصحو في  صباح اليوم التّالي على غِناء جدّتي وعبقِ قهوتِها، أريد أن أعودَ إلى الوراء، أن أستردّ من بين كُل هذهِ الحياة المُعقدة والغير مألوفة تلك البساطة التي فقدنَاها.. أن تعود صباحاتُ المدرسة، والتضجُّر من النهوضِ باكراً، والتهديدات الأبويّة التي تتراشق عليّ من جميع الجِهات.. أريد أن أستعيدَ رِفاقي الذين شتّتهُم العُمر في بِقاعِ الأرض.. أن أُعانِد الحُمى وأُمّي، وانسابُ بين المطَر أن تعود ذاكرتي غضّة، لاتحمِلُ في داخلها موتٌ ما، أو ندبَة أو وجهاً ليس بوسعي الوُصُول إليه . #لقائله ☁️🤍