اذا انتهى الشمال وسقطت جباليا أنا أنتهي معهما..هذا خطي الأحمر وإلى هنا ينتهي صبري واحتسابي يا رب لا تفتنَّا في ديننا..يا رب أحدث تغييراً من عندك.. يا رب مشروعنا الذي فقدنا كل شيء فيه يُسلب من بين أيدينا على أعيننا يا رب متى نصرك؟؟!!
في هذه المواقف والشدائد يقسم الله عباده إلى قسمين.. قسمٌ يصطفيه على الصبر والاحتساب معجِّلاً لهم بالشهادة فيالَحظهم وحُسن سريرتهم مع الله. وقسمٌ يبقيه للشدة تمحيصاً وتطهيراً من الذنوب ليلقى ربه خالياً من كل ما يحول بينه وبين الجنة..فيبقى حتى يَخرج الشديدُ عن حوله وطاقته فيقول: "متى نصر الله".
يا رب أبقيتنا فصبرنا واحتسبنا..فنسألك قبولاً للطاعات وغفراناً للذنوب والخطايا.. يا رب إنها ضاقت واشتدت وبلغت بنا القلوب الحناجر.. يا رب فعجِّل لنا بفرجك..
من أكثر ما يستفزني هو أن أرى أحد محبي المقاومة أو حتى من حاضنتها يبكي على منظومة المقاومة العسكرية التي تعرضت إلى ضرر كبير جداً.. أين أنتم من قرآن ربكم؟؟ ألهذه الدرجة غرقتم في الماديات وحسابات الدنيا؟!! وهل كانت هذه المنظومة لتنمو تحت كل ذلك الحصار والتضييق والإغلاق لكل منافذ المقاومة وخطوط دعمها إلا بمشيئة الله القاهرة لكل ما ذكرت..الغاصبة فوق كيد الكائدين المتواطئين؟ هل نسيتم كيف ساق الله لرجاله المواد المتفجرة من عمق البحر يغوصون في بحر الله ظلمةً بعد ظلمة حتى وجدوا البارجة البريطانية؟ هل نسيتم كيف ساق الله لأهله وخاصته المجاهدين من عمق قلب الأرض أنابيب الضخ التي كان يستعملها العدو لسرقة مياه غزة الجوفية ليستعملوها فيما بعد في تصنيع الصواريخ؟! يااا صنعة داوود!! إن الله إذا شاء أمراً زلزل أركان العقبات وذلَّلها تحت أقدام المجاهدين.. كونوا دوماً على يقينٍ ثابتٍ راسخٍ بكلامه جلَّ في علاه لا في كلام شيخٍ هنا أو رجل دينٍ هناك.. قال الله: "ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن كنتم تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً" صدق الله وكذب كل من لم يقل كما قال الله!
مطلوب منك انت أكثر واحد خسرت بهالحرب تصبِّر اللي حواليك وتثبِّتهم وتشد حيلهم.. مطلوب منك تستحمل كل اللي انت فيه وتتعايش وما تبين للي حواليك الثقل اللي على صدرك.. مطلوب منك لما تسنح الفرصة للدراسة تنسى انك مش ضامن حياتك لخمس دقايق لقدام وتنسى مسألة انك ناجي من ست صواريخ زنانة وصاروخ أباتشي وأحزمة نارية وتتأمل انه ممكن تعيش وتضطر تعالج الناس لانه فش غيرك فلازم تدرس بالوقت هذا حتى لو الدبابة على راس الشارع بتطخ عالبيوت وحتى لو الك أهل محاصرين في مربع ثاني.. مطلوب منك حاجات أكبر منك بكثير..
اللهم أفرغ علينا صبراً وثبِّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين..
بيت أخي محاصرون في بيت لاهيا..نساء وأطفال تعرضوا طوال الليل بشكل مباشر لقصف مدفعي وقذائف دبابات وإطلاق نار مباشر من جيبات الاحتلال المجرم المملوءة بالجنود اليهود والعرب والمرتزقة من كل مكان.. ضاقت يا رب..ضاقت!
ستنتهي هذه المعركة وقد انصاع في نهايتها العدو إلى شروط حماس..ليُكتب في صفحات التاريخ مجداً أن كتائب القسام قد غَدَت قوةً عظمى بعد أن هزمت إسرائيل وأمريكا ومحور الشر الغربي وأحلافه من العرب. ستنتهي المعركة وقد أرضى الله شعب غزة المجاهد المرابط بجزيل الثواب والأجر والعوض الكريم في الدنيا والآخرة عن كل فقدهم وخوفهم وثباتهم وصبرهم. ستنتهي المعركة وسيلحق الخزي والعار كلَّ من تآمر على شعب غزةَ ومقاومته من الحكام الخونة الماسون والشعوب المنصاعة الذليلة وسيأتي لنا يوم ثأر منهم بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليل. ستنتهي المعركة وقد حضرنا إعلاناً حياً وحقيقياً عن بدء مرحلةٍ جديدة من مراحل الصراع انتقلنا فيها آنِيَّاً وفي ساعةٍ واحدة من عنوان "زلزل أمن إسرائيل" إلى عنوان "هدد وجود إسرائيل" يوم 7 أكتوبر المجيد، ليكون بعدها في يومٍ لا نراهُ بعيداً *العبورَ الكبير* . اللهم لا تقتلني قبل أن أراهم أمام عيني صرعى..اللهم لا تقتلني قبل أن يُشفى غليلي على نسائنا وأطفالنا وشيوخنا وذلٍّ ألحقوه بمدنيينا المستضعفين. "إنهم يرونه بعيداً، ونراهُ قريباً"
معركة جباليا هذه المرة معركة كسر عظم..يمكن قراءة النتائج المرجوة من طرف المقاومة من حجم إصرار المقاتلين على الحفاظ على نفس المستوى القتالي بل وتطويره حتى الرمق الأخير..والهدف هو جعل إسرائيل بعد اليوم تفكر ألف مرة قبل العودة إلى جباليا مركز الشمال مرة أخرى بأي مخططات رعناء مثل خطة الجنرالات والتي بات فشلها قاب قوسين أو أدنى بعون الله وتثبيته. المعركة صعبة والأهداف كبيرة وقد تُطيل أمد القتال لبضعة أشهر أخرى..