موازنات ( ١ )
بين الإخلاص والرياء
الكثير يشتكي عسر الإخلاص والخوف من الرياء بل قد يجزم في كثير من الأعمال بأنها ليست لله .. فيحمله ذلك على ترك العمل إن عظم خوفه من الله أو الاستمرار من غير تصحيح للنية ..
لابد من فهم طبيعة هذا الأمر حتى تعرف طريق التعامل مع نفسك وتنزيل الفتاوى والأقوال عليها ..
أوجبت النصوص الإخلاص وحذرت من الإشراك في النية .. ومن طبع النفس الضعف والتغير عند اشتداد المغريات والضغوطات عليها .. وكذا النفوس تتفاوت في ذلك في أصلها فلابد من معرفة الشخص نفسه هل هي من النفوس الطامحة الثائرة أم من النفوس الكامنة الهادئة ..
أما بالنسبة للحل:
فلابد أولا من تطييب القلب بالإيمان والعناية الكبيرة بأعمال القلوب وتزكية النفس والاستمرار على ذلك حتى يغلب الإيمان حظ النفس ويردعها ثم لابد من إكثار الدعاء وعمل السر حتى يطهر ما يعلق في القلب من شوائب العمل الظاهر ثم لابد من الخوف والمجاهدة حتى تلقى الله على ذلك لأن الأمن في الدنيا وصف المنافقين لا المؤمنين ..
في الحديث القدسي:
"وعِزَّتِي لا أجمعُ على عَبدي خَوفيْنِ وأَمنيْنِ، إذا خافَني في الدُّنيا أمَّنْتُه يومَ القيامةِ، وإذا أمِنَني في الدُّنيا أَخَفْتُه في الآخِرةِ"
وقال ابن أبي مليكة:
"أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه"
وعمر بن الخطاب وهو من هو في المنزلة والرفعة والإيمان يسأل حذيفة بن اليمان قائلا:
نشدتك بالله، أنا منهم-أي من المنافقين-؟
قال: لا، ولا أبرئ أحدا بعدك.
يسلط الله على العبد نفسه حتى يظل خائفا راجيا محبا له دائم التضرع والدعاء ..
القصد مما سبق:
إن تركت العمل الواجب أو المستحب خسرت وإن تركت الخوف والمجاهدة وما يثمران من دعاء وعمل خفي أمنت والأمن صفة أهل النفاق ..