من أدب كتابة طباق السماع:
لحذاق المحدثين آداب حسنة في كتابتهم للطباق يطول شرحها، والمقصود هنا: الإشارة إلى أدب منها لطيف.
وهو التأدب مع الشيوخ الكبار سناً وقدراً الذين يحضرون مجالس السماع تبركاً بها لكونها من مجالس الذكر، وتكثيراً لسواد أهلها، ومساهمة في نعش السنة ونشرها وجمع الناس عليها.
ويتجلى هذا الأدب في طبقة السماع بأمور:
منها: أن يقدموا في الذكر على غيرهم، إلا لمعنى ككونهم مفوِّتين فيحتاج إلى تأخيرهم مع نظرائهم في ذلك.
ومنها: التنبيه على تميزهم عن غيرهم سناً وقدراً.
فتجد في كثير من الطباق التنبيه على ذوي الأسنان بقولهم: "وهو شيخ".
وعلى ذوي الأقدار بالتحليات والنعوت، التي ربما توسعوا فيها لأغراض منها بيان مباينة مقامهم لغيرهم من المذكورين.
ومن دقيق الآداب مع هذا الصنف ولاسيما الجامعين بين علو المقام سناً وقدراً لأجل العلم والدراية أو علو السند والرواية: أن لا يجعلوا من جملة الطلبة السامعين - وإن كانوا من جملة من سمع، وحتى لو لم تكن القراءة عليهم لكون المروي لغيرهم -،
فيذكرون بوصفهم حاضرين للمجلس، ويستجاز منهم كما يستجاز من الشيخ أو الشيوخ المسمعين إن كان مناسباً إظهاراً لفضلهم واستحقاقهم للأخذ عنهم، وإفادة للسامعين من الطلبة، وإن أحبوا هم أن يرووا بذلك السماع فالأمر إليهم لكن لا يفرض عليهم.
وهذه الآداب مما يحسن مراعاته، وقد تفوت لسهو أو عجلة ونحو ذلك.
وهاهنا مثال لذلك في طبقة حافلة بخط المحدث المجوِّد المتقن الصالح الأصيل المحب عبدالله بن أحمد بن المحب المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى تضمنت سماع "مشيخة أحمد بن عبدالدائم الحنبلي" على ثمانية شيوخ سمعوها منه، ونص على حضور ستة شيوخ سواهم، وقد استجيزوا مع المسمعين الثمانية فأجازوا.
وكان من جملة الطلبة السامعين: الحافظان ابن عبدالهادي الحنبلي، وابن كثير الشافعي، ومقرئ دمشق بعدُ الأمين عبدالوهاب ابن السلارالشافعي (شيخ ابن الجزري وزوج بنت أخي التقي ابن تيمية والمدفون بجواره كابن كثير) في خلق من الرجال والنساء والأطفال، فيهم الجد والابن والحفيد.
وكان السماع يوم الثلاثاء سادس عشري شعبان سنة 731 بجامع الحنابلة المظفري بسفح قاسيون ظاهر دمشق حرسها الله تعالى من كل شر وعمرها بكل خير وسائر بلاد المسلمين.
28 / 3/ 1441
#إعادة_نشرhttps://t.center/arrewayahalthkafh