التعامل مع الدنيا معاملة المُودّع؛ تجعل المؤمن لا يضيّع لحظة منها إلا واستغلّها.. من كلمة طيبة أو مواساة، أو قضاء حاجة، إصلاح، أبواب البرّ والإحسان.. هذا التعامل يجعل الدنيا في عينه صغيرة.. يهون فيه كل بلاء وهمّ وقلق، كمسافر إقامته قصيرة.. بمعناها الحقيقي ..
فتعيش عمرك و أنت تحسبه شراً.. هل عرفت أم الغلام حقيقة ما حدث؟ وهل أخبرها الخضر؟ الجواب طبعا: - لا وبالتأكيد قلبها انفطر و أمضت الليالي الطويلة حزنا على هذا الغلام الذي ربته سنينا في حجرها ليأتي رجل غريب يقتله ويمضي.. و بالتأكيد .. هي لم تستطع أبدا أن تعرف أن الطفل الثاني كان تعويضا عن الأول وأن الأول كان سيكون سيئا.. فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً.. فهنا نحن أمام شر مستطير حدث للأم ولم تستطع تفسيره أبدا ولن تفهم أم الغلام أبدا حقيقة ما حدث إلى يوم القيامة.. نحن الذين نمر على المشهد مرور الكرام لأننا نعرف فقط لماذا فعل الخضر ذلك.. أما هي فلم ولن تعرف..!! النوع الثالث من القدر و هو الأهم: (الشر الذي يصرفه الله عنك دون أن تدري لطف الله الخفي) (الخير الذي يسوقه لك الله و لم تره و لن تراه، و لن تعلمه) - فهل اليتامى أبناء الرجل الصالح عرفوا أن الجدار كان سيهدم ..؟ الجواب: قطعاً لا. - هل عرفوا أن الله أرسل لهم من يبنيه ...؟ الجواب: قطعا لا. - هل شاهدوا لطف الله الخفي ..؟ الجواب: قطعا لا. - هل فهم موسى السر من بناء الجدار..؟ الجواب: قطعا لا. نرجع إلى كلمة الخضر القدر المتكلم الأولى: ( إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ) لن تستطيع أيها الإنسان أن تفهم أقدار الله .. الصورة أكبر من عقلك .. استعن بلطف الله الخفي لتصبر على أقداره التي لا تفهمهما وثق في ربك فإن قدرك كله خير.. وقُل في نفسك.. أنا لا أفهم أقدار الله.. لكنني متسق مع ذاتي.. و متصالح مع حقيقة أنني لا أفهمها لكنني موقن كما الراسخون في العلم أنه كله من عند الله. منقول
فيذهبان إلى القرية فيبني الخضر الجدار ليحمي كنز اليتامى.. وهنا ينفجر موسى فيجيبه من سخَّره ربه ليحكي لنا قبل موسى حكمة القدر: قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرا هنا تتجلى حكمة الله التي لن تفهم بعضها حتى يوم القيامة .. إن الشر نسبي.. و مفهومنا كبشر عن الشر قاصر لأننا لا نرى الصور الكاملة..!! فالقدر أنواع ثلاث: النوع الأول: (شر تراه فتحسبه شراً فيكشف الله لك أنه كان خيراً) فما بدا شراً لأصحاب القارب اتضح أنه خير لهم.. و هذا هو النوع الأول.. ونراه كثيرا في حياتنا اليومية.. وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم النوع الثاني: مثل قتل الغلام.. (شر تراه فتحسبه شرا لكنه في الحقيقة خير) لكن لن يكشفه الله لك طوال حياتك...!!
ولماذا سيدنا موسى تحديداً الذى قدر له من بين جميع الأنبياء و الرسل أن يقابل سيدنا الخضر الأكثر علماً و رحمة .
قصة موسى و العبد الصالح لم تكن كغيرها من القصص.. لماذا؟!! لأن القصة تتعلق بعلم خاص.. ليس هو علمنا القائم على الأسباب .. وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي .. إنما نحن في هذه القصة أمام علم من طبيعة أخرى خاصة... {علم القدر الأعلى} علمٌ أسدلت عليه الأستار الكثيفة، كما أسدلت على مكان اللقاء و زمانه وحتى الاسم { عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا } كان هذا اللقاء استثنائياً يجيب على أصعب سؤال يدور في النفس البشرية منذ خلق الله آدم إلى أن يرث الله الأرض و ما عليها..
السؤال هو:
-لماذا خلق الله الشر و الفقر والمعاناة والحروب والأمراض ولماذا يموت الأطفال وكيف يعمل القدر؟ البعض يذهب إلى أن العبد الصالح لم يكن إلا تجسيداً للقدر المتكلم لعله يرشدنا.. - فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا. - آَتَيْنَاهُ {رَحْمَةً} مِنْ عِنْدِنَا. - وَ{عَلَّمْنَاهُ} مِنْ لَدُنَّا عِلْماً. أهم مواصفات القدر المتكلم كما وصفه الله عزّ وجل أنه رحيم عليم.. فالرحمة سبقت العلم.
فقال النبي البشر موسى: - هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَني مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً؟ يرد القدر المتكلم (الخضر) : - قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فَفَهمُ أقدار الله فوق إمكانيات العقل البشري ولن تصبر على التناقضات التي تراها .... فيرد موسى بكل فضول البشر : - سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِى لَكَ أَمْراً هنا تبدأ أهم رحلة توضح لنا كيف يعمل القدر...
يركبان فى قارب المساكين فيخرق الخضر القارب..!! تخيل معى المعاناة الرهيبة التى حدثت للمساكين في القارب المثقوب .. معاناة..!! ألم...!! رعب...!! خوف..!! تضرع...!! جعلت موسى البشري يقول : قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا.. لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً..!! عتاب للقدر كما نفعل نحن تماماً.. - أخلقتنى بلا ذرية كى تشمت بى الناس..؟!! - أفصلتنى من عملى كى أصبح فقيراً ..؟!! - أأزحتنى عن الحكم ليشمت بى الأراذل ؟!! - يارب لماذا كل هذه السنوات فى السجن؟!! - يارب لماذا هذا الزلزال المدمر؟ - يارب أنستحق هذه المهانة..؟!! وتكون الإجابة بسؤال أيضا: - أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً؟ (ألم أقل لك أنك أقل من أن تفهم الأقدار؟ ) ثم يمضيان بعد تعهد جديد من موسى بالصبر ، فيمضى الرجلان ويقوم الخضر الذى وصفه ربنا بالرحمة قبل العلم بقتل الغلام ويمضي... فيزداد غضب موسى عليه السلام وهو النبي الذي يأتيه الوحي و يعاتب بلهجة أشد : أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا. تحول من إمراً إلى نكراً.. والكلام صادر عن نبي أوحي إليه لكنه بشر مثلنا و يعيش نفس حيرتنا..!! فيؤكد له الخضر مرة أخرى: - أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً؟ ثم يمضيان بعد تعهد أخير من موسى كليم الله بأن يصمت و لا يسأل..
اللهم اغفر لي ولوالديَّ، اللهم ارحمهما كما ربياني صغيرًا، اللهم اجعلني لهما قرة عين واحفظهما برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل لهما في كل خطوة سلامة وأمانًا، واجعل روحي وروح والديَّ في صحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، واجمعني وإياهما في جنتك يا أرحم الراحمين.”
رحل من كنت أدعي له بالشّفاء بكل صلاه ، رحل من كنت أستعيذ مئات المرات من فقدانه، ولن يجبر كسر فراقه من قلبي سوى أملي برحمة الله بأن هناك لقاء أبدي ينتظرنا على أبواب الجنه اللهُم أرحم فقيدي أبي حبيب قلبي واجمعني به بجنات النعيم حيث لا حُزن ولا فراق ..💔
فبكى مالك رحمه الله ودخل غرفته ونام ثم رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول له: لما العجب يا مالك؟ فقال مالك: يا رسول الله كيس نشارة خشب يتحول إلى دقيق!! فقال له صلى الله عليه وسلم: من سأل الله بالصلاة على رسول الله لا يخيب. . اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وظل هكذا يدعو الله حتى صلى العصر وعاد إلى بيته، وهو في الطريق مر بصديق له يعمل نجاراً.
فقال له النجار: أعطني يا مالك هذا الكيس لأملئه لك نشارة خشب تستوقد بها ليلك. فأخذ الإمام مالك الكيس وهو مملوء بنشارة الخشب، وطرق الباب على زوجته ثم وضع الكيس أمام الباب وعاد إلى المسجد مسرعاً خوفاً منها. ثم رجع يدعو الله مرةً أخرى حتى صلى المغرب والعشاء، وعاد إلى بيته فوجد دخاناً يخرج من بيته، فطرق الباب وألق السلام وقال لزوجته: ماذا تصنعين قالت أصنع طعاماً من الدقيق الذي أحضرته لنا.