الفلسطيني كائن مدهش..
يُهجّر من أرضه في نكبة 1948، ويعتقد العالم أنه أصبح قضية منسيّة، فينشيء حركة فتح التي أشبعت الإسرائيليين خطفًا للطائرات واقتحامًا للحدود واستهدافًا للجنود..تُطبّع ‘‘فتح‘‘ وتبيع القضية وتقبل المذلّة في مدريد أوسلو، فيسوق الله المقاومة الإسلامية في ثوب حماس والجهاد، فتنقل العمل الفدائي من الحدود للداخل المحتّل، باصات وشاحانات تنفجر، فدائيين يضحوا بأرواحهم في تجمعات الجنود وثكناتهم..جدار عازل يا فلسطيني حتى لا تعبر لحدودنا؟..
إذن فلتكن الصواريخ، صاروخ بدائي مداه 3 كيلو أضحى مرمى لهيبه 150 كيلو في 15 عامًا من حكم حماس..قبة حديدية إذن؟..فلتصنع حماس طائرات مسيرة وشراعية، تقتحم الغلاف وتحقق أكبر انتصار في تاريخ العرب في آخر نصف قرن..إبادة وتدمير وتهجير في غزّة؟..فليحوّل المقاوم القسّامي حطام البيوت وأطلال المساكن لأفخاخ قاتلة لميركافات العدو..غزة مستباحة وأيدي العدو باطشة على المدنيين العزّل؟..فليظهر من قلب الداخل المحتل بطلًا يدهس خمسين خنزيرًا ويمزقهم تحت عجلات شاحنته..ويرد الصاع ألف صاع.
تموت حركة فتظهر الأخرى، يستشهد قائد فيغرس الله دعوته في ألف..برصاصة وهاون، بمسيرة وصاروخ، وحتى لو بعصا في وجه مسيرّة..يقاوم الفلسطيني حتى نفسه الأخير، ويخلفُه من يأخذ ثأره ويبقى جذوة القضية مشتعلة في الصدور..ثم يحدثني أحدهم عن الاستسلام، عن الفلسطيني الذي يخافون أن تتحول سيرته لما يشبه ‘‘الهنود الحُمر‘‘..والله ثم والله..ليس في سيرة الشعوب من يُشبه الفلسطيني..تمسكًا بأرضه، وحفظًا لشرفه، ودفاعًا عن مقدساته، وصونًا لعقيدته..ليس في سيرة الأمم، أمّة مزعوا أبناءها بين الأقطار، وفرقوا دمائها على رؤوس النواصي والأشهاد، وظنوا أنهم لصوتها مخرسون، وعلى سحقها إذ هم بكل حشودهم العسكرية مقبلون..ثم يُخرج الفلسطيني لسانه هازئًا للعالم..مرددًا جملة واحدة..لأبد الدهر هنا باقون.