{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} مجيئهم إلى موقف الحساب كل نفس معها سائق يسوقها إلى محل الحساب، وموقف العرض على الله، ثم إلى النار إذا كان من أهلها، أو إلى الجنة إذا كان من أهلها فلكل نفس سائق يسوقها وشهيد يشهد عليها بعملها.
(22) {لَقَدْ كُنْتَ} في الدنيا {فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ} رأيت الحقائق الآن في الآخرة وتجلت الأمور التي كنت في غفلة منها {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} اليوم صرت تبصر جيداً.لما عاين ما وعد الله به أصبح بصره ثاقباً لكن لا فائدة له في الإبصار حينئذ، مادام لم يستخدم سمعه وبصره يوم كان في الدنيا.
(23) {وَقَالَ قَرِينُهُ} كأنه يعني الملك الحافظ له: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} هذا كتاب عمله وكل ما أحصيته عليه حاضر مسجل فيه، كأنه يسلمه إلى العبد في موقف العرض. {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} ما كان عنده رغبة لفعل الخير لأنه غير مؤمل في ثواب ولا خائف من عقاب فهو مناع للخير الذي أمر الله به، مثل: إطعام المسكين يمنع لا يعطي أحداً شيئاً {مُعْتَدٍ} يعتدي على عباد الله يظلمهم {مُرِيبٍ} إما مرتاب في نفسه أي صاحب ريب، أو مريب يقلق منه المجاور والمصاحب له لا يؤمَن شره بل هو مريب لا يأمنه جليسه ولا صاحبه ولا جاره. {قَالَ قَرِينُهُ} هذا قرينه الذي كان في الدنيا يضله. وهو المقصود بقوله تعالى: ]وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ[ [الزخرف:36] وقال ـ أيضاً ـ في شأنه: ]يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ[ [الزخرف:38] وهو إما من شياطين الإنس أو من شياطين الجن {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} يريد أن يتنصل منه لئلا يحمل شيئاً من ذنوبه إضافة إلى حمله هو {وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} هو نفسه في ضلال بعيد أي بعيد عن الطريق.
(28) {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} قد قدمت إليكم في الدنيا بالوعيد فالمستضعف غير معذور كان عليه أن يسمع كلام الله، ويتبع هدى الله، ويرفض تضليل أولئك الذين كان يعتقد أنهم كبار وعظماء من الطغاة والمستكبرين الذين خضع لهم وأطاعهم.
(29) {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} في كل ما تقدم من الوعيد في الدنيا، لا تراجع عنه {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} إنما بالحق نعذبكم التابع والمتبوع.
#السيد_بدرالدين_أميرالدين_الحوثي