View in Telegram
«وأخيراً بين من نحسن إليهم، وبين من يستكثرون علينا أن نكون في مكان يجيئهم منه إحساننا، ويدر عليهم خيرنا، والجريمة التي ارتكبناها والتي جعلت قلوب هؤلاء تنحرف عنا أننا أسعفناهم يوم احتاجوا، وأننا لما قدرنا على ذلك لم نبخل به وكما كانت جريمة ابن آدم الصالح أن الله قبل عمله ولم يقبل عمل أخيه، كذلك كانت جريمة أبي بكر أنه أنفق على قريبه مِسْطَح فكان جزاؤه أَنَّ مِسطحاً ما إن سمع الإشاعات الكاذبة تدور حول عائشة حتى أسرع يعين على ولي نعمته ويروج مع الأفاكين مقالة السوء، بدل أن يردّ جميل قريبه بالدفاع عن عرضه! إن في طباع نفر من الناس كنوداً يعز على الدواء، ولست أدري أأكثر الناس معلولون بهذا الداء، أم تلك قلة عكرت صفو الحياة، كما يعكر عذوبة الماء القليل من الملح، أياً ما كان الأمر فإنَّ الشكاة من هذا البلاء قديمة جديدة. كان مالك بن أنس يشكو على عهده قلة الإنصاف وهو عهد التابعين، وفي هذا الطغرائي بعد مئات السنين يقول: غاض الوفاء، وفاض الغدر واتَّسعت مسافة الخلف بين القول والعمل. وإنَّني لأتلفت يمنة ويسرةً وأتفرّس فى الجزاء الذى لقيته من الناس، فأحس غصة، والله المستعان». علي الطنطاوي
Telegram Center
Telegram Center
Channel