لو سرت بظعينةٍ وحدي على مياه معدٍّ كلها ما خفت أن أُغلب عليها ما لم يلقني حُرَّاها أو عبداها ،فأما الحُرَّان فعامر بن الطُّفيل و عتيبة بن الحارث
و أما العبدان فأسود بني عبس و السُّليك بن السُّلَكة
و كلّهم قد لقيت، فأما عامر فسريع الطّعن عليُّ الصوت، وأما عتيبة فأوّل الخيل إذا غارت وآخرها إذا آبت، وأما عنترة فقليل الكبوة شديد الكَلَب، وأما السُّليك فبعيد الغارة كاللَّيث الضاري."
روي أنّ رجلاً من العرب قتَلَ ابنَ أخيه، فدُفِعَ إلى أخيه ليقتصَّ منه، فلما أهوى بالسيف أُرْعِدَتْ يداه، فألقى السيفَ وعفا عنه وقال : أقولُ للنفسِ تَأْسَاءً وتعزيةً إحدى يديَّ أصابتْني ولمْ تُرِدِ كلاهما خلَفٌ مِنْ فَقْدِ صاحبِهِ هذا أخي حينَ أَدعوهُ وذا ولدي .
جاء أعرابي من بني تميم إلى صيرفي بدرهم، فقال الصيرفي: هذا الستوق ؟ قال: وما الستوق (الدَِرهم المزيف الَّذِي لَا قيمَة لَهُ) ؟ قال: داخله نحاس، وخارجه فضة !!. فكسره فلما رأى النحاس قال: بأبي أنت ، أشهد أنك تعلم الغيب."
قال الرياشي: خرج الناس بالبصرة ينظرون هلال رمضان، فرآه رجل منهم ، ولم يزل يومئ إليه(يُشير إليه) حتى رآه غيره وعاينوه (شاهدوه بأعينهم) . فلما كان هلال الفطر. - جاء الجار إلى ذلك الرجل، فدق عليه الباب، وقال له: تعال أخرجنا مما أدخلتنا فيه."
خطب أبو القطوف إلى قوم وليةً[امرأة] لهم ، فأجابوه ، وقالوا لها من الضياع والمال كذا وكذا ، فما مالك أنت ؟ قال : إن كنتم صادقين فإن مالها يكفيني وإياها ما عشنا ، - فما سؤالكم عن مالي ؟!
" لا تُشاور مشغولاً وإن كان حازماً ، ولا جائعاً وإن كان فطناً ، ولا مذعوراً وإن كان ناصحاً ، ولا مهموماً وإن كان عاقلاً ، فالشُغل والجُوع والذُعر والهم مما يكف العقل ، فلا يتولد منه رأي ، ولا تَصدُق به رؤية ".
مكِّي بن ريان بن شبه الماكسيني النحوي: قرأ على علماء الموصل، ثم تتلمذ عليه عددٌ كثير من أهلها، ثم مضى إلى الشام وعاد إلى الموصل، وكان عارفًا بالقراءات السبع، وسمع الحديث فأكثر، وقد أخذ من كل علم بطرف، وكان أوَّل حياته في ماكاسين يعرف بمُكيك تصغير مكي، فلما ارتحل عن ماكسين واشتغل في طلب العلم، اشتاق إلى وطنه .. فعاد إليها وتسامع به الناس ممن كان يعرفه من قبل، فزاروه وفرحوا بفضله، وكان ينوي الإقامة في بلده، فبات تلك الليلة. فلما كان من الغد خرج إلى الحمام سحرا فسمع امرأة تقول من غرفتها لأخرى: أتدرين من جاء؟ قالت: لا قالت: جاء مكيك ابن فلانة، فقفل راجعًا وقال: والله لا أقمت في بلد أدعى فيه بمكيك، وسافر من يومه إلى الموصل بعدما كان نوى الاقامة في وطنه.
- معجم الأدباء "إرشاد الأريب إلى معرفة الأدي لـ ياقوت الحموي.
كان الوجيه بن الدهَّان أعمى قد أتقن العربية، وحفظ شيئًا كثيرًا من أشعار العرب، وسمع الحديث، كان حنبليًّا ثم انتقل إلى مذهب أبي حنيفة، ثم إلى مذهب الشافعي، وكان يحفظ الكثير من الحكايات والمُلح والأمثال، ويعرف العربية والتركية والعجمية والرومية والحبشية والزنجية، وكان له يدٌ طولى في نظم الشعر. وكان الوجيه لا يغضب قط . فتراهن جماعة مع واحد أنه له كذا وكذا إن أغضبه... فجاء إليه فسأله عن مسألة في العربية ؟ فأجابه فيها . فقال له السائل : أخطأت أيها الشيخ !! فأعاد عليه الجواب بعبارة أخرى .. فقال له : أخطأت أيضا . وأعاد ثالثة بعبارة أخرى ، فقال له : كذبت ، ولعلك قد نسيت النحو . فقال له الوجيه : أيها الرجل ، فلعلك لم تفهم ما أقول لك . فقال : بلى ، ولكنك تخطئ . فقال له : فقل ما عندك لنستفيده منك . فأغلظ له السائل في القول ، فتبسَّم ضاحكًا ، وقال له الوجيه : إن كنت راهنت فقد غُلبت ، إنما مَثَلُك في هذا كمثل البقة - يعني الناموسة - سقطت على ظهر الفيل ، فلما أرادت أن تطير قالت له : استمسك (تعلَّق وتشبَّث) ، فإني أريد أن أطير . فقال لها الفيل : ما أحسست بك حين وقعتِ عليَّ ، فما أحتاج أن أستمسك إذا طرتِ.
قال إبراهيم بن أبي عبلة: أراد هشام بن عبدالملك أن يولِّيني خراج مصر ، فأبيتُ، فغضب حتى اختلج(اِضْطَرَبَ) وجهه، وكان في عينه الحول، فنظر إليَّ نظر منكِر وقال: لتأتينَّ طائعًا أو لتأتين كارهًا ؟ فأمسكتُ عن الكلام حتى سكن غضبه، فقلت: يا أمير المؤمنين، أتكلم؟ قال: نعم قلت: إن الله قال في كتابه العزيز: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا ﴾ فوالله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهن إذ أبَيْنَ، ولا أكرههن إذ كرِهْنَ، وما أنا بحقيق[جدير] أن تغضب عليَّ إذ أبيتُ، وتكرهني إذا كرهتُ، فضحك وأعفاني..