زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚

Channel
Logo of the Telegram channel زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
@ZADI2Promote
9.51K
subscribers
1
photo
271
links
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة المتخصصة بالخطـب والمحاضرات 🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه •~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~• للتواصل مع إدارة القناة إضغط على الرابط التالي @majd321
To first message
لم يرد الله ذالك، وأن أهل الأرض جميعاً لو أرادواْ لنعمة أن تستمر عندك مانع استمرت إذا أراد الله سبحانه وتعالى أن ينزعها عنك.

أيها المؤمنون عباد الله " النبي صلى الله عليه يقول: « اللهم إني أعوذ بك أي أحتمي بك ألتجئ بك أستجير بك أعتصم بك أتبرئ من حولي وقوتي من أهلي من مالي من معارفي من مداركي من خبرتي من علومي من كل شيء بيديء أتبرئ من ذالك كله وأعلن ضعفي وعجزي وافتقاري وحاجتي إليك « اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك » وأضاف النعمة إلى الله لأن كل خير تجده في حياتك هو من الله سبحانه قد بذلت السبب وبذله فلان وعلان وبذله مئات الملايين من البشر فأعطاك الله وأعطى آخرين ومنع آخرين لنعلم أن العطاء عطاء الله تبذل الأسباب نتحرك يميناً وشمالاً ثم هذه الأسباب قد يعطي الله بها وقد لا يعطي *﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ﴾* « اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك » أي ذهابها وانفصالها فاستعاذ بالله أن تزول النعمة وأن تنتقل وتتغير وتتبدل، يعوذ بالله سبحانه وتعالى أن يصيبه العصيان بعد الطاعة والغفلة بعد التذكرة والكفر بعد الإيمان والتجرئ على المعاصي بعد الخوف من الله، يعوذ بالله من زوال النعم الدينية والدنيوية، إستعيذواْ بالله من النعم أن تزول وأن تذهب وزوال النعمة أشد على الإنسان من عدم حصولها، أولاً فليس من افتقر بعد الغنى كمن كان فقيراً من أول الأمر الفقر بعد الغنى موجع الفقر بعد الغنى مؤلم ليس المرض بعد الصحة كالمرض إبتداءً ليس الأعمى بعد البصر كالأعمى إبتداءً إنه مؤلم إنه شديد ولذالك قال « اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك » يعوذ بالله أن تزول النعمة كم رأينا من نعم تزول سعى أهلها ورائها جرو جري الوحوش لتبقى لتستمر فينزعها الله من بين أيديهم ويأخذها الله من عندهم فيرون النعمة تخرج من حياتهم لا يستطيعون إمساكها لا يستطيعون ردها لأنها بيد الله سبحانه وتعالى يهأيها لمن يشاء ويمنعها من يشاء ثم يقول « وتحول عافيتك »التحول يعني التبديل فالزوال أي ذهاب النعمة وانقضائها وانقطاعها وتحول العافية أي أن يتحول الغنى إلى فقر، أن تتحول الصحة إلى مرض أن يتحول هدوء البال وسلامة النفس إلى انشغال البال وحلول المشاكل والهموم والمضائق، أن يتحول شمل الأسرة من أبناء يطيعون أباهم وزوجة تطيع زوجها وزوج يحن على زوجته ويحسن إلى أبنائه إلى أسرة تتفرق تتشتت تذهب يميناً وشمالاً يعوذ بالله من تحول عافيته من إنسان طليق حر لا يسأله الناس شيئاً لا يطلبه أحد شيئاً ليس مطالب ولا غريم ولا ملاحق إلى إنسان يطلب ويبحث وتصدر عليه الأوامر القهرية تتحول العافية وتتبدل فاستعاذ بالله من سبحانه وتعالى من ذالك.

كم رأينا وكم رأى الناس جميعاً من تحول العافية ومن تغير الأحوال لهذا نعلم أن الله سبحانه وتعالى هو من بيده زمام تلك الأمور وإليه مرجع تلك الأمور ومن أرادها فهذا باب السماء مفتوح وهذا شرع الله بين أيدينا فليسر كما أراد الله جل وعلا وليبشر بالخير النعم قد تزول وقد تتبدل.

انظر أيها المسلم الكريم إلى نعمة أبينا آدم عليه السلام في الجنة ويتقلب في نعيمها كيف زالت تلك النعمة كيف تحولت تلك النعمة نزل آدم من الجنة إلى الأرض ونزلنا بسبب تلك المعصية، انظر كيف تزول النعم وتتحول العافية، وانظر أيها المسلم الكريم انظر إلى الأقوام الماضية وما أعطاها الله من القوة وما أعطاها الله من النعم كيف زالت عنهم النعم وتحولت، انظر قوم عاد وهم يقولون من أشد منا قوة أنعم الله عليهم بقوة وأصبحت مشهورة معلومة لا أحد يستطيع لهم من أرض الله كيف نزع الله تلك القوة وأزال الله تلك النعمة وحول الله تلك العافية فكانواْ كأعجاز نخيل منقعر، وانظر إلى فرعون ومن معه قال الله *﴿ فَأَخْرَجْنَٰهُم مِّن جَنَّٰتٍ وَعُيُونٍ ﴾* كيف أزال الله النعمة عنهم وحول العافية فأخرجهم الله من جنات وعيون *﴿ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾﴿ وَنَعْمَةٍ كَانُوا۟ فِيهَا فَٰكِهِينَ ﴾﴿ كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَٰهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ ﴾*

حول الله عافيته أزال النعمة عن أقوام
ونقلها إلى آخرين وانظر إلى قارون الذي كانت الأموال تملأ الخزائن وكانت الأفئام من الناس تحمل مفاتيح الخزائن بل تعجز عن حملها ولكن ما عصى الله جل وعلا وتكبّر عليه وعلى خلقه كيف أزال الله نعمته كيف حول الله العافية كيف فاجأته النقمة فخسفنا به وبداره الأرض
سبحان الله في لحظة ينتهي كل شيء في لحظة يزول كل شيء وهكذا أنت في لحظة أنت صحيح أنت غني أنت طليق تتحول هذه الأمور فإذا بك تفقر إذا بك تمرض
إذا بك تصيبك الهموم والغموم إذا بالحياة تتحول رأساً على عقب لذالك اسأل الله أن لا تزول النعمة وأن لا تتحول العافية وأن لا تفاجأك النقمة وانظر أيها المسلم الكريم إلى أصحاب الجنة الذين قال الله عنهم *﴿ إِنَّا بَلَوْنَٰهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا۟ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴾﴿ وَلَا يَسْتَثْنون ﴾* انظر كانواْ في جنة أخبر الله أنها جنة لكنهم
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*إحــذر أن يحــول الـلَّــه*
*عافيته عليك ويزيل نعمه منك*
*للشيخ/ عبـدالقادر الصوملي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*الخطبـة الأولـى:*
إن الحمدلله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾*

*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾*

*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوْلًا سَدِيدًا ۞ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾*

أما بعد إن خير الكلام كلام الله جل وعلا وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أعاذنا الله وإياكم وجميع المسلمين والمسلمات من البدع والضلالات والنار.

أيها المؤمنون عباد الله روى الإمام مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: « اللهم إني أعوذ بك منك زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك »

هذا الحديث العظيم تضمن دعوة مباركة واستعاذة نافعة يظهر بها الإنسان افتقاره إلى الله جل وعلا وحاجته إلى لطف الله به فإن الإنسان في هذه الحياة يعيش في نعم كثيرة ظاهرة وباطنة أنعم الله جل وعلا بها عليه ولا طاقة له على فقد تلك النعم وزوالها ولا قدرة له على إمساكها وبقائها إلا بإذن الله سبحانه وتعالى لذالك جاءت هذه الدعوة المباركة « اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك » الله جل وعلا في كتابه الكريم يقول *﴿ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوٓءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥ ۚ ﴾*

إذا أراد الله جل وعلا أن يقبض عنك الرزق بعد أن بسطه يقبضه، وإذا أراد الله جل وعلا أن يخيفك بعد أمنك أخافك، وإذا أراد الله جل وعلا أن يشغل بالك بعد صلاحه شغلك، وإذا أراد الله سبحانه أن يملأ جسدك بالأمراض والأسقام بعد السلامة والصحة والعافية ملأه، وإذا أراد الله جل وعلا أن يفرق عنك أبنائك وأهلك بعد اجتماعهم حولك فرقهم *﴿ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوٓءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ ﴾* تعيش في نعم الله جل وعلا من يبارك لك فيها، تعيش في فضل الله سبحانه وتعالى من يديمه لك، وتعيش في سعة من أمرك وفي راحة من بالك الله جل وعلا من رزقك ذالك، فإذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يزيل هذه النعمة أزالها وإذا أراد الله سبحانه أن يحول هذه العافية حولها، فليست النعم في حياتنا بقوتنا ولا بقدرتنا ولا بعلمنا وإدراكنا وإنما هي محض فضل الله سبحانه وتعالى علينا.

لذالك أيها المسلم الكريم اسأل من الله جل وعلا أن يديم عليك فضله وأن يديم عليك نعمته واسأل من الله جل وعلا أن لا يحول عافيته عنك وأن لا يفاجئك بالنقم، إظهر افتقارك إلى الله اعلن حاجتك إلى الله سبحانه وتعالى لا تركن إلى نفسك ولا إلى مال ولا إلى ولد بل قل لا حول ولا قوة الا بالله، بل إنا لله وإنا إليه راجعون، بل قل وأنت ترى فضل الله عليك ونعم الله سارية في حياتك ماشاء الله لا قوة إلا بالله حتى يديم الله سبحانه وتعالى لك الخير فإن خزائن الله ملأى وفضل الله عظيم ولا ينقص ملكه نفقة أنفقها على عباده منذو أن خلقهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

لذالك أيها المؤمن الكريم " نحن بأمس الحاجة إلى أن نسأل الله جل وعلا أن لا تزول نعمته وأن لا تتحول عافيته.

أيها المؤمنون عباد الله " انظروا إلى كم معافى زالت نعمة الصحة عنه وتحولت العافية وصار جسده ملئ بالأمراض والأسقام، وانظر إلى غني يقلب الأموال بيديه وظهرت النعمة عليه وإذ بالنعمة تزول والعافية تتحول وإذا بالفقر يصيبه من كل مكان وإذا بالحاجة تقعده وتذله وتهينه.

وانظر أيها المسلم الكريم إلى ماهو أكبر من ذالك إلى كم من ملك ورئيس تتحرك الجيوش وتقلع الطائرات وتخوض البوارج في البحار بشخطة قلم من يده ثم إذا بالنعمة تزول والعافية تتحول فيسلب الملك من بين يديه وتنزع الرئاسة من بين أنيابه فتزول النعم وتتحول العافية ويفاجئ الناس بالنقم هذا لنعلم جميعاً أن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى، وأن الفضل من عنده إذا أراد الله جل وعلا للنعمة أن تدوم في حياتك دامت ولو اجتمع أهل الأرض جميعاً أن يزحزوك عنها أو يزحزوها عنك فإنهم لا يستطيعون إذا
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
يقول عبدالله ابن أبي مليكة أدركت ثلاثين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كلهم يخشى على نفسه النفاق هذا هذا مع ما كانواْ عليه من إتقان العمل وكف أنفسهم عن الخطأ والزلل رضي الله عنهم ونحن جمعنا بين العبد عن الله وبين الأمن من مكر الله عياذاً بالله رب العالمين.

هذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يبكي ويقول وددت أني شعرة في جنب مؤمن، في جنب مؤمن ويقول رضي الله عنه وقد أخذ بلسان نفسه هذا الذي أوردني الموارد..

هذا الذي أوردني الموارد.
عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لما طعن يأتيه ابن عباس رضي الله عنه فيقول له يا أمير المؤمنين أبشر فقد فتح الله بك الفتوح ومصر بك الأمصار وفعل وفعل فقال يا ابن العباس وددت أني أخرج منها لا أجر ولا وزر وكان إذا تذكر القبر يبكي حتى يقول لو عرضت بين الجنة والنار لأخترت أن أكون رماداً قبل أن أصير إلى إحداهما.

أبو هريرة رضي الله عنه يبكي في مرض موته بكاءً شديداً فيقال له مما تبكي فيقول رضي الله عنه إني لا أبكي على دنياكم هذه ولكني أبكي لبعد سفري وقلة زادي إني أصبحت في ليلة مطلعها إلى جنة أو إلى النار.

يبكي عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه ورحمه فتبكي زوجته فاطمة فيبكي أهل البيت ولا يدري هؤلاء ما يبكي هؤلاء فلما هدأت العبرة قالت له زوجه ما يبكيك يا أمير المؤمنين قال تذكرت منصرف الناس بين يدي الله فريق في الجنة وفريق في السعير فبكيت، فعلينا إخواني في الله أن نحقق هذه العبودية العظيمة أن نخاف من الله، نخاف أن نعمل الصالحات و لا تقبل أعمالنا، نخاف أن نعمل الصالحات فيأتي ما يحبطها من المعاصي والسيئات، نخاف أن نعمل أعمال الخير والبر فيجعلها الله هباءً منثوراً في يوم القيامة، نخاف الوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى فإذا ما حققنا هذه العبودية العظيمة فأبشر ثم أبشر بالمبادرة إلى الخيرات الطاعات والمسابقة إلى العبادات وترك المعاصي والسيئات.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها وموالها.
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة في كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار.
اللهم ارحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض الأكبر عليك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعنا على الموت وسكرته ويوم القيامة وكربته والصراط وزلته إنك أرحم الراحمين.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
اللهم أملئ قلوبنا بالخوف منك والخشية والمراقبة لك يا أرحم الراحمين.
اللهم عليك باليهود والنصارى المعتدين شتت شملهم وفرق جمعهم وخالف بين قلوبهم واجعل الدائرة عليهم يا قوي يا عزيز.
اللهم إنهم قد صدوأ عن سبيلك وعادواْ عبادك وصدوأ عن سبيلك فأرنا فيهم عجائب قدرتك.
اللهم أصلح أحوال المسلمين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.
اللهم أطعم جائعهم وأكس عارئهم وصل منقطعهم يا رب العالمين.
اللهم احفظ بلادنا من الفتن وسائر بلاد المسلمين.
اللهم من أراد بلادنا وأمننا واستقرارنا بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا قوي يا عزيز.
واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
والحمد لله رب العالمين.

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.center/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
فالخوف يحجز العبد ويكف النفس عن معصية الله تبارك وتعالى.
وفي حديث السبعة السابق أن من الذين يظلهم الله في ظله « ورجل دعته امرأة ذات منصب جمال فقال إني أخاف الله » ذات منصب تدافع عنه بمنصبها وبجاهها وتفتنه بجمالها ولكن كل هذه المغريات لا تؤثر على من ملئ قلبه بالخشية لله والخوف من الله والمراقبة لله تبارك وتعالى.

فالخوف يا عباد الله " يدفع القلوب ويدفع النفوس إلى فعل الطاعات واجتناب المعاصي والسيئات ولهذا قال الله عز وجل *﴿ يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُۥ مُسْتَطِيرًا ﴾* الآيات والدافع لهم إلى ذالك *﴿ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴾*

الخوف من الله يا عباد الله " هو الذي يعين على الاعتاظ بآيات الله عز وجل ولهذا كان حال الخائفين عند سماع القرآن حال عظيمة من الخوف من الله والخشية له قال الله تبارك وتعالى *﴿ ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَٰبًا مُّتَشَٰبِهًا مَّثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾*

فأهل الخوف والخشية هم الذين يخافون من الله ويتعظون بآياته *﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِۦٓ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ۩ ﴾*
وقال الله *﴿ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُ ٱلرَّحْمَٰنِ خَرُّوا۟ سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩ ﴾*

ولهذا كان حال الخائفين عند سماع القرآن أحوال عجيبة فهذا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقرأ سورة الطور حتى إذا بلغ قوله تعالى *﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَٰقِعٌ ﴾﴿ مَّا لَهُۥ مِن دَافِعٍ ﴾* بكاء رضي الله عنه واشتد بكائه حتى مرض وعادوه خوفاً من الله تبارك وتعالى.

عبد الله قد يتساءل المتسائل إذا كانت هذه هي ثمار الخوف العظيمة وفضائله الكريمة فأنى لي أن أكون من الخائفين وأن أحقق هذه العبادة العظيمة في نفسي وتحقق عبودية الخوف في القلب بأمور منها معرفة الله تبارك وتعالى بأسمائه وصفاته فإذا عرف العبد ربه بأسمائه وصفاته واعلم أنه الرقيب عليه وأنه المطلع والشهيد المطلع على حركاته وسكناته وعلى أقواله وأفعاله وعلى ظاهره وباطنه وعلى سره وعلانيته فإن هذا يدعوه إلى خوفه من الله تبارك وتعالى واستحضار إطلاعه عليه فيكف عن المعاصي والآثام فالذين لا يخافون من الله يخافون من غيره *﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾*

فاحذر عبد الله أن تستخفي بمعصية الله عن أنظار الناس والله مطلع عليك لا تخفى عليه خافية فإن لهؤلاء الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله والذين يعاقرون الذنوب والمعاصي في الخلوات عند الله يوم القيامة يوماً أسوداً
فعند الإمام ابن ماجة من حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ليأيتني أناس من أمتي يوم القيامة لهم حسنات كأمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباءً منثوراً قيل من هم يا رسول الله؟ قال آما إنهم من جلدتنا ويأخذون من الليل كما تأخذون ما مصيبتهم ما ذنبهم ولكنهم كانواْ إذا خلواْ بمحارم الله انتهكوها » خافواْ الناس ولم يخافواْ الله وخشواْ من الناس ولم يخشواْ من الله تبارك وتعالى.

ومما يعين على وجود الخوف في القلب تذكر عقوبات الذنوب والمعاصي العقوبة من الله تبارك وتعالى على من خالف أمره وارتكب ما نهاه الله عنه وزجره فإن تذكر العقوبات مما يملأ القلب خوفاً من الله تبارك وتعالى ومن ذالك الاطلاع على سير الأنبياء والمرسلين والصالحين وكيف كانت حياتهم مليئة بالخوف من الله والخشية له والمراقبة له قال الله تبارك وتعالى عن نبيه وهو أتقى الخلق *﴿ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾*

« ويقول صلى الله عليه وسلم كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وأصغى وحنى جبته وأصغى سمعه ينتظر متى يؤمر بالنفخ فيه فينفخ قالواْ فماذا نقول يا رسول الله؟ قال: قولواْ حسبنا الله ونعم الوكيل » كيف أنعم أي كيف أتنعم بهذه الحياة وبملذاتها وشهواتها وصاحب القرن قد التقم القرن ينتظر متى ينفخ فيه وقالى صلى الله عليه وسلم « لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولا ما تلذذتم بالنساء على الفرش ولا خرجتم إلى الصعدا تجأرون إلى الله تبارك وتعالى » فغطى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين أي صوت مخلوط بالبكاء رضي الله تعالى عنهم هذا حال أولياء الله المتقين وعباده الصالحين عند الخوف.
وقال الله مخبراً عن الأبرار *﴿ يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُۥ مُسْتَطِيرًا ﴾﴿ وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلَا شُكُورًا ﴾﴿ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴾﴿ فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَلَقَّىٰهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ﴾* فأهل الخوف من الله سبحانه وتعالى في مأمن من العذاب في الدنيا والآخرة.

في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم « ذكر رجلاً من بني إسرائيل أسرف على نفسه بالمعاصي وكان يسيء الظن بعمله فجمع بنيه وقال لهم أي أب كنت لكم قالواْ خير أب قال إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم صائف فوالله لأن قدر الله عليَّ ليعذبنَّي عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين فمات ففعلواْ ما أمرهم به فأمر الله عز وجل الأرض أن تجمع ما فيها حتى صار رجلاً سوياً وقال له ربه تبارك وتعالى وهو أعلم ما حملك على ما فعلت قال مخافتك، قال فغفر الله له »

حقق عبدالله هذه العبادة العظيمة إذا أردت النجاة بين يدي الله تبارك وتعالى، إذا أردت أن تكون من الآمنين يوم أن يخاف الناس ومن المطمئنين يوم أن يحزن الناس فعليك أن تكون ممن حقق هذه العبودية العظيمة، ومن الشرور التي يقيها الله تبارك وتعالى أهل الخوف منه وأهل خشيته في يوم القيامة أنه يؤمنهم من حر ذالك اليوم ويظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم « سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم رجلاً ذكر الله خالياً ففاضت عيناه » ذكر الله في حال خلوته وفي حال غيابه عن الناس ذكر عظمة الله وذكر لقاء الله وذكر الوقوف بين يدي الله ففاضت عيناه من خشية الله تبارك وتعالى
« وذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله » فكان جزاء هؤلاء أن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

ومن المخاوف ومن الشرور التي يدفعها الله تبارك وتعالى عن أهل الخوف في يوم القيامة أن يدفع عنهم الخوف والوجل ويكونون من أهل الأمن بإذن الله رب العالمين ولهذا جاء عند الإمام الترمذي وابن حبان بسند صحيح من حديث شداد ابن أوس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: « يقول الله تبارك وتعالى وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي أمنين ولا خوفين فمن خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي ومن أمنني في الدنيا خوفته يوم أجمع عبادي »

يقسم الله سبحانه بعزته وجلاله أنه لا يجمع على عبد من عباده أمنين ولا خوفين فمن خاف الله في الدنيا فكف نفسه عن الآثام وأدى الواجبات وترك المعاصي والسيئات أمنه الله تبارك وتعالى يوم الفزع الأكبر، ومن أمن الله في الدنيا فارتكب ما يغضب الله واتعدى حدود الله وانتهك الحرمات وسفك الدماء وأكل أموال الناس بالباطل وعاقر ما عاقر من الذنوب والمعاصي ولم يخش الله ولم يخف منه هذا يخوفه الله يوم يجمع عباده عياذاً بالله رب العالمين فعلينا عباد الله " أن نحقق هذه العبادة العظيمة إن أردنا النجاة بين يدي الله تبارك وتعالى.

وجاء من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم « دخل على شاب وهو يجود بنفسه أي عند الموت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف تجدك؟ قال أرجواْ الله وأخاف ذنوبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما اجتمعتا في مؤمن في مثل هذه الساعة إلا أعطاه الله ما يرجواْ وأمنه مما يخاف » جعلنا الله وإياكم من الآمنين في الدنيا والآخرة.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.


*الـخـطـبـة الـثـانـيـة*
الحمد لله على إحسانه والشكر له على امتنانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم القيامة.
أما بعد أيها الناس " إن الخوف من الله تبارك وتعالى زاجر عن المعاصي والآثام وداعٍ إلى فعل كل فضيلة فالخوف المحمود هو الذي يدعواْ صاحبه إلى فعل الطاعات وإلى ترك المعاصي والسيئات.
ولهذا قال الفضيل ابن عياض رحمه الله " من خاف الله دله الله على كل خير "

وجاء عن سعيد ابن جبير رحمه الله أنه قال: الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيته بينك وبين معصيته، فهذا هو الخوف المحمود الذي يحجز العبد عن محارم الله ولهذا أخبر الله عز وجل عن أحد ابني آدم أن الذي حجزه وكفه عن قتل أخيه هو خوفه من الله تبارك وتعالى قال الله *﴿۞ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَىْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾﴿ لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ﴾* ما السبب *﴿ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾*
راجع إلى الله تبارك وتعالى وقال الله في كتابه الكريم *﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ ﴾* أي خاف مقامه بين يدي الله تبارك وتعالى للحساب فترك الذنب والمعصية، وقيل خاف قيام الله تبارك وتعالى عليه وإطلاعه عليه ومراقبته له فكف عن الذنب وكف عن المعصية وبادر إلى العبادة والطاعة.
وقال الله في كتابه الكريم *﴿ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ﴾﴿ وَءَاثَرَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا ﴾﴿ فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ ﴾﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ ﴾﴿ فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ ﴾*

من خاق الوقوف بين يدي الله جل جلاله ونهى نفسه عن الهوى، خاف الله تبارك وتعالى فنهى نفسه عن الشهوات والآثام، خاف الله تبارك وتعالى فكف نفسه عن انتهاك الحرمات وعن أكل أموال الناس بالباطل، خاف ربه تبارك وتعالى فكف نفسه ونهاها عن سفك الدماء وعن ارتكاب ما يغضب الله تبارك وتعالى النتيجة *﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ ﴾﴿ فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ ﴾*

فانظر كيف أنت عبدالله عند أن تدعوك نفسك إلى ما يغضب الله تبارك وتعالى من ارتكاب المحرمات من ترك الواجبات وارتكاب المحرمات، وقال الله تبارك وتعالى *﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا۟ بِهَا خَرُّوا۟ سُجَّدًا وَسَبَّحُوا۟ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ ﴾﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾* خوفاً من عقابه وطمعاً في رحمته وجنته
*﴿ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ ﴾﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوا۟ يَعْمَلُون ﴾*

وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم « افتقد ثابت ابن قيس ابن شماس فسأل عنه فقال رجل يا رسول الله أنا أعلم لك علمه أي أنا آتيك بخبره فذهب إليه ووجده منكساً رأسه يبكي ويقول إنه من أهل النار وفقد حبط عمله لأنه يرفع صوته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الحد بلغ الخوف عند أولئك الرجال قال فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم الرسول إليه يبشره ببشارة عظيمة ويقول له بل أنت من أهل الجنة، إنه الخوف من الله تبارك وتعالى،
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألآ إن سلعة الله غالية ألآ إن سلعة الله الجنة ».

الخوف من يا عباد الله " سبب للفوز العظيم في الدنيا والآخرة *﴿ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ ﴾*

الخوف من الله تبارك وتعالى سبب لرفعة الدرجات ومغفرة الخطايا والسيئات *﴿ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتْهُمْ إِيمَٰنًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾﴿ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ ﴾﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُمْ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾*

فمن أراد الصعود إلى جنات الخلود فليكن من أهل الخوف من الله والخشية لله تبارك وتعالى في السر وفي العلن *﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾*

وقال الله في كتابه الكريم *﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلْآصَالِ ﴾﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَٰرَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلْأَبْصَٰرُ ﴾* فخوفهم من الله تبارك وتعالى وخوفهم من لقائه ومقامه والوقوف بين يديه دفعهم إلى فعل هذه الطاعات وإلى القيام بهذه الواجبات.

الخوف من الله تبارك وتعالى سبب للوقاية من عذاب الله في الدنيا والآخرة قال الله *﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴾﴿ قَالُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيٓ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴾﴿ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَىٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ ﴾*
*﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴾﴿ قَالُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيٓ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴾* أي خائفين وجلين من عذاب الله ومن الوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى فأكرمهم الله تبارك وتعالى بأن واقهم عذاب السموم عياذاً بالله رب العالمين.
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*الـخـــــوف والـخــشـــيـة*
*واثرها في سيرة العبد الى الله*
*للـشـيخ/ عـبــدالله السـلـفـي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*الخطـبة الأولـى:*
إن الحمدلله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾*

*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوْلًا سَدِيدًا ۞ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾*

أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

أما بعد أيها المؤمنون " إن من العبادات القلبية العظيمة التي هي من صفة المؤمنين وسمة المتقين وهي السبيل إلى الأمن بين يدي الله رب العالمين عبادة،،، الخوف من الله تبارك وتعالى،،، إنه سوط الله الذي يقوم به عباده الشارثين عن بابه ويردهم به إلى رحابه، فكم فك به من أسير شهوة ملكت عليه نفسه وصدته عن ربه سبحانه وتعالى، وكم أطلق به من سجين لذة كانت سبباً في ذله، وكم دل به على خلق كريم وكف به عن خلق ذميم، وكم أطفئ الله تبارك وتعالى بالخوف منه نار حقد وعداوة وحسد، وكم منع من إساءة وتعد وظلم، هذه العبادة القلبية العظيمة التي أمر الله تبارك وتعالى مفرد بها وحده فقال *﴿ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ ﴾* وقال سبحانه *﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾*

يقول ابن القيم رحمه الله، الخوف من الله تبارك وتعالى هو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، لأنه يسوق القلب إلى الله تبارك وتعالى ويدفعه إلى فعل الطاعات وأداء الواجبات، ويكفه ويحجزه عن المعاصي والسيئات ولهذا أثنى الله تبارك وتعالى على أهل الخوف منه وخشيته فقال سبحانه وتعالى *﴿ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾﴿ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴾﴿ وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ﴾﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَهُمْ لَهَا سَٰبِقُونَ ﴾*

عند الإمام الترمذي رحمه الله أن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله أهم الذين يسرقون ويزنون ويشربون الخمر؟ قال لا يا ابنت الصديق إنهم قوماً يصلون ويتصدقون ويصومون ويخافون أن لا تقبل منهم أعمالهم،
قال الحسن البصري رحمه الله: عملواْ بطاعة الله وخافواْ أن ترد عليهم أعمالهم، فالمؤمن يجمع إحساناً وخشية، والمنافق يجمع إساءة وأمناً.

والخشية عباد الله أخص من الخوف فهي خوف مقرون بالعلم ولهذا يقول الله تبارك وتعالى *﴿ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَٰٓؤُا۟ ﴾*

فكلما كان العبد بربه أعرف كان منه أخوف ولهذا كان الملائكة والرسل والأنبياء أخوف الناس لله تبارك وتعالى لأنهم أعرف بالله وبأسمائه وصفاته قال الله عن الملائكة *﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ۩ ﴾*
وقال الله عن أنبيائه ورسله *﴿ ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُۥ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَ ﴾*
وقال سيد الأولين والآخرين « آما إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية »

الخوف من الله يا عباد الله " هو السبب وهو الذي يدعواْ القلب إلى التذكر بالآيات وإلى الانتفاع بالزواجر والعظات ولهذا يقول الله تبارك وتعالى *﴿ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ ﴾* ويقول الله *﴿ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾* وقال الله تبارك وتعالى *﴿ وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوٓا۟ إِلَىٰ رَبِّهِمْ ﴾*

فالذين ينتفعون بآيات الله وينتفعون بالزواجر وينتفعون بالعظات هم أهل الخوف والخشية لله تبارك وتعالى، وقد ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم ونبيه صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته آثاراً عظيمة وثمار كريمة وفضائل عظيمة لمن خاف الله تبارك وتعالى ولمن خشيه واتقاه في السر والعلن فأعظم هذه الفضائل والثمار أنه سبب موصل إلى جنة الله رب العالمين قال الله في كتابه الكريم *﴿ وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾﴿ هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴾﴿ مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾﴿ مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَٰنَ بِٱلْغَيْبِ ﴾* في حال غيبته وفي حال خلوته *﴿ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾*
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2ـ إن الشفقة، والرأفة، والرحمة، وأخلاق الجمال في الشريعة الإسلامية؛ تقتضي أن نقدم إغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات على غيرها من العبادات والطاعات، فعنوان الشريعة الإسلامية هو الرحمة، وسر نجاحها هو الرحمة، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران:159]..

ونبينا هو نبي الرحمة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107]، وكتابنا كتاب رحمة، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}[الإسراء:82]

وبإغاثة المكروبين، والملهوفين تستمطر الرحمات، قال (صلى الله عليه وسلم): (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ...)(رواه الترمذي)، وبمراعاة الضعفاء، وذوي الحاجات يجلب الرزق والنصر، قال (صلى الله عليه وسلم): (ابْغُونِي فِي الضُّعَفَاءِ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ، وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ)(مستدرك الحاكم).

3ـ إن تقديم إغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات، على حاجات النفس، ورغائبها؛ نوعٌ من أنواع الإيثار الذي تحلى به الصحابة، وامتدحه القرآن الكريم، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا). فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: (ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا). فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}[الحشر:9](متفق عليه واللفظ للبخاري).

4ـ إن حياة القلوب تكمن في إغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات، فقد قال بعض السلف الصالح: (إِذَا اسْتَقْضَيْتَ أَخَاكَ حَاجَةً فَلَمْ يَقْضِهَا فَذَكِّرْهُ ثَانِيَةً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَسِيَ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِهَا فَكَبِّرْ عَلَيْهِ، وَاقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ}[الْأَنْعَامِ:36])(إحياء علوم الدين).

5ـ إن فقه الأولويات يقتضي؛ أن نســدّ أولاً جوعــة كل جائع، ونستر عــورة كـــل عارٍ، ونعالج كل مريض، وأن نوفر ما يحقق للناس حياة آدمية كريمة من المطعم والملبس والمسكن والدواء والتعليم والبنية التحتية كالطرق والكباري، والمياه، والكهرباء، والصرف الصحي، بما يحفظ لهم كرامتهم ويوفر لهم سبل الرقي والتقدم، فكل ذلك مقدم على نوافل الطاعات والعبادات.

فاللذة كل اللذة، والسعادة كل السعادة، في إغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات، وإدخال الفرحة والسرور عليهم، بتنفيس كرباتهم، وتيسير أمورهم، فعن محمد بن المنكدر (تابعي، توفي: 130هـ أو بعدها) قال: (لَمْ يَبْقَ مِنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا إِلَّا قَضَاءُ حَوَائِجِ الْإِخْوَانِ)(آداب الصحبة للسلمي)، ولله درّ القائل:
اقض الحوائج ما استطعـت .... وكن لهمِ أخيك فارج .... فــــلخـــــــير أيام الفــــــتى .... يوم قضى فيه الحوائج

فاللهمّ إنّا نسألك أن تختم لنا بخاتمة السعادة، اللهم نسألك رضاك والْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَما مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ سخطك ومن النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَما مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والغلاء، وأمدنا بالدواء والغذاء والكساء، اللهم اصرف عنّا السوء بما شئت، وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنّا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.center/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
7ـ إغاثة المكروبين...فيه وقايةٌ وحفظٌ من الموت بطريقة بشعة فظيعة، كالموت حرقا، أو غرقا، أو هدما...إلخ، قال (صلى الله عليه وسلم): (صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ)(المعجم الأوسط للطبراني)، ومن صنائع المعروف (أفعال الخير)، قضاء الحوائج.

8ـ إغاثة المكروبين...فيه نجاةٌ من أهوال يوم القيامة، ودخول الجنة بإذن الله (عزّ وجلّ)، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ أَهْلَ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ وَأَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لَيَبْعَثُ الْمَعْرُوفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ الْمُسَلمِ فَيَأْتِي صَاحِبَهُ إِذَا انْشَقَّ عَنْهُ قَبْرُهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَيَقُولُ أَبْشِرْ يَا وَلِيَّ اللَّهِ بِأَمَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ وَلَا يَهُولَنَّكَ مَا تَرَى مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا يَزَالُ يَقُولُ لَهُ احْذَرْ هَذَا، وَاتَّقِ هَذَا فَيُسَكِّنُ بِذَلِكَ رَوْعَهُ حَتَّى يُجَاوِزَ بِهِ الصِّرَاطَ فَإِذَا جَاوَزَ الصِّرَاطَ عَدَلَ وَلِيَّ اللَّهِ إِلَى مَنَازِلِهِ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ يَنْثَنِي عَنْهُ الْمَعْرُوفُ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ خَذَلَنِي الْخَلَائِقُ فِي أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ غَيْرُكَ فَمَنْ أَنْتَ فَيَقُولُ أَمَا تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ لَا فَيَقُولُ أَنَا الْمَعْرُوفُ الَّذِي عَمِلْتَهُ فِي الدُّنْيَا بَعَثَنِي اللَّهُ خَلْقًا لِيُجَازِيَكَ بِهِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ)(اصطناع المعروف لابن أبي الدنيا).

عباد الله أقول قولي هذا، وأستغفر الله العليّ العظيم لي ولكم، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فالتائب من الذنب...........

*الخطبة الثانية*
الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلّ عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أيها أخوة الأحباب: ما زال الحديث بنا موصولا مع خلق من أخلاق الإسلام العالية، ألا وهو (إغاثة المكروبين)، وبقي لنا في هذه الجمعة المباركة أن أبين للسادة المأمومين أن إغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجة مقدمٌ على نوافل الطاعات والعبادات وبيان أدلة ذلك، فأقول:

1ـ إن أقوال نبينا (صلى الله عليه وسلم)، وفهم سلفنا الصالح يبينان ويوضحان لنا؛ أن العمل والطاعة والعبادة التي يتعدى أثرها ونفعها الفرد الواحد إلى أفراد متعددة ثوابها أعظم، وأجرها أكبر، وهي عند الحق تبارك وتعالى أحب وأفضل، إلا ذكر الحق تبارك وتعالى:
فنبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ)، ويقول أيضًا: (وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ)، ولا شك أن إغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات من نفع الناس، ومن قضاء حوائجهم، فهو مقدم على العمل والطاعة والعبادة التي يقتصر نفعها على صاحبها، ومن هنا كان قضاء حوائج الآخرين، وخدمة المجتمع والبيئة التي نحيا فيها مقدمٌ على حج النافلة، ونوافل الطاعات والعبادات.

وهذا ما فقهه السلف الصالح (رضوان الله عليهم)، فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: (لَأَنْ أَعُولَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ شَهْرًا أَوْ جُمُعَةً أَوْ مَا شَاءَ اللهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ...)(حلية الأولياء)، وعن جابر بن زيد ت(93، وقيل: 103هـ)، قال: (لَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ عَلَى يَتِيمٍ أَوْ مِسْكِينٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ)(حلية الأولياء).

وبعث الحسن البصري ت(110هـ) محمد بن نوح، وحميدا الطويل ت(142، أو 143هـ) في حاجة لأخيه، فقال: (مُرُوا ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ فَأَشْخِصُوا بِهِ مَعَكُمْ). فقال لهم ثابت: إني معتكف، فرجع حميد إلى الحسن فأخبره بالذي قال ثابت، فقال له: (ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: يَا عُمَيْشُ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ مَشْيَكَ فِي حَاجَةِ أَخِيكَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ؟)(قضاء الحوائج لابن أبي الدنيا)، وعن الحسن البصري أيضًا، قال: (لَأَنْ أَقْضِيَ لِمُسْلِمٍ حَاجَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ)(اصطناع المعروف).
فقال (صلى الله عليه وسلم): (يَا ابْنَ عَبَّاسٍ, إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، وَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدْ قَبِلَهَا مِنْهُ, وَزَوَّجَهُ بِهَا عَرُوسًا فِي الْجَنَّةِ, وَقَدْ دُعِينَا إِلَى عُرْسِهِ)(الشريعة للآجري)، فأكرم بمال يوصل صاحبه هذه الرتبة وينيله هذه الخصوصية والقربة.

وفي عام الرمادة (أواخر17هـ وأول 18هـ) في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أصاب الناس قحطٌ وجدبٌ شديدين، لم يُعهدْ مثلهما مع طاعون عمواس، فكتب عمر (رضي الله عنه) إلى الأمراء بالأمصار: (أَغِيثُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَ جَهْدُهُمْ). فجاء سيدنا أبو عبيدة بن الجراج (رضي الله عنه) بأربعة آلاف راحلة من الطعام، فأمره سيدنا عمر بقسمتها حول المدية، وأصلح سيدنا عمرو بن العاص (رضي الله عنه) بحر القلزم (الخليج المصري بين القاهرة والسويس) وأرسل فيه الطعام من مصر، حتى صار سعر الطعام بالمدينة كسعره بمصر. (تاريخ الطبري).

2-- ثمانيةٌ من فوائد
وثمار إغاثة المكروبين..:

أيها الأخوة الأحباب: إن لإغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات ثمارٌ عظيمة، وفوائد جليلة، فمن يفعل الخير لا يعدم جوازيه فالمعروف لا يضيع عند الله ولا عند الناس، فمن فوائده وثماره:

1ـ أنه نوعٌ من أنواع الصدقة، وزكاة عن الصحة والبدن والعافية، قال (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ). قَاَل: (تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ). قال: (وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ)(رواه مسلم).

2ـ إغاثة المكروبين...يحفظ لنا النعم التي أنعم الله بها علينا، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ)(شعب الإيمان).

3ـ إغاثة المكروبين...فيه معيةٌ وعونٌ من الله، وفيه تفريجٌ للهمّ والغم والكرب في الدنيا والأخرة، وفيه مجازاة بمثل صنيعه في الآخرة، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ)(متفق عليه)، وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْرَى مَا كَانُوا قَطُّ، وَأَجْوَعَ مَا كَانُوا قَطُّ، وَأَظْمَأَ مَا كَانُوا قَطُّ، وَأَنصَبَ مَا كَانُوا قَطُّ، فَمَنْ كَسَا لِلَّهِ كَسَاهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَطْعَمَ لِلَّهِ أَطْعَمَهُ، وَمَنْ سَقَى لِلَّهِ سَقَاهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِلَّهِ أَعْفَاهُ اللَّهُ)(قضاء الحوائج لابن أبي الدنيا).

4ـ إغاثة المكروبين...فيه انتشار الألفة والمودة والمحبة والترابط بين أفراد المجتمع حتى يصيروا كالجسد الواحد، فتختفي النزاعات من المجتمع، وتضمحل الأنانية وحب الذات، ويعم السلام والرخاء، فالجزاء من جنس العمل، وصدق النبي (صلى الله عليه وسلم) إذ يقول: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)(اللفظ لمسلم).

5ـ إغاثة المكروبين...فيه ثوابٌ عظيمٌ، دائمٌ لا ينقطع لا يعلمه إلا الله (عزّ وجلّ)، قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المزمل:20]، وقال تعالي: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}[البقرة:184]، وصدق الشاعر: يَدُ الْمَعْرُوفِ غُنْمٌ حَيْثُ كَانَتْ .... تَحَمَّلَهَا كَفُورٌ أَوْ شَكُورُ .... فَمَا شَكَرَ الشَّكُورِ لَهَا جَزَاءً .... وَعِنْدَ اللهِ مَا كَفَرَ الْكَفُورُ

6ـ إغاثة المكروبين...فيه مغفرة للذنوب، وستر للعيوب، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ مِنَ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ إِدْخَالَكَ السُّرُورَ عَلَى أَخِيكَ الْمُسْلِمِ, إِشْبَاعَ جَوْعَتِهِ وَتَنْفِيسَ كُرْبَتِهِ)(مسند الحارث)، وفي رواية: (مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ: إِطْعَامُ الْمُسْلِمِ السَّغْبَانِ قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ): {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}[البلد:14])(مكارم الأخلاق، ومستدرك الحاكم).
فقال له أهل المجلس: أترى ذلك الرجل ـ لرسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) يهزؤون به لما يعلمون بينه وبين رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلّم) من العداوة، اذهب إليه فهو يعينك عليه. فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكر ذلك له، فقام معه، فلما رأوه (أهل المجلس) قام معه قالوا لرجل ممن معهم: اتبعه فانظر ما يصنع. فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى جاءه فضرب عليه بابه. فقال: من هذا؟. قال: (مُحَمَّدٌ، فَاخْرُجْ إِلَيَّ). فخرج إليه وما في وجهه قطرة دم، وقد انتقع لونه. فقال (صلى الله عليه وسلم): (أَعْطِ هَذَا الرَّجُلَ حَقَّهُ). قال: نعم، لا تبرح حتى أعطيه الذي له. قال: فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه، ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال للإراشي: (الْحَقْ لِشَأْنِكَ). فأقبل الإراشي: حتى وقف على ذلك المجلس فقال: جزاه الله خيرًا، فقد أخذت الذي لي.

وجاء الرجل الذي بعثوا معه فقالوا: ويحك ماذا رأيت؟ قال: رأيت عجبا من العجب! واللَّه ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج إليه وما معه روحه فقال: أعط هذا حقّه. قال: نعم لا تبرح حتى أخرج إليه حقّه فدخل فخرج إليه بحقه فأعطاه إياه.

ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء فقالوا: ويلك مالك؟ واللَّه ما رأينا مثل ما صنعته قط. قال: ويحكم واللَّه ما هو إلا أن ضرب عليّ بابي فسمعت صوته فملئت رعبًا ثم خرجت إليه وإنّ فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته (رأسه)، ولا قصرته (أصل عنقه)، ولا أنيابه لفحل قط، واللَّه لو أبيت لأكلني. (سبل الهدى والرشاد).

وانظروا للسيدة خديجة (رضي الله عنها)، وهي تشهد للمصطفى (صلى الله عليه وسلم) بإغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات، حينما قال لها بعد نزول الوحي عليه للمرة الأولى: (لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي). فقالت له: (كَلَّا، أَبْشِرْ فَوَ اللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ)(متفق عليه).

إن إغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات من شيم الصحابة (رضي الله عنهم) أجمعين: فعن ابن عباس (رضي الله عنهما): (قَحَطَ الْمَطَرُ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ), فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ). فقالوا: السماء لم تمطر, والأرض لم تنبت, والناس في شدة شديدة.

فقال أبو بكر الصديق: (انْصَرِفُوا وَاصْبِرُوا فَإِنَّكُمْ لَا تُمْسُونَ حَتَّى يُفْرِّجَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) عَنْكُمْ). يقول ابن عباس (رضي الله عنهما): (فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا قَلِيلًا أَنْ جَاءَ أُجُرَاءُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) مِنَ الشَّامِ, فَجَاءَتْهُ مِائَةُ رَاحِلَةٍ بُرًّا, أَوْ قَالَ: طَعَامًا, فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى بَابِ عُثْمَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ), فَقَرَعُوا عَلَيْهِ الْبَابَ, فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ, فَقَالَ: مَا تَشَاءُونَ؟). قالوا: الزمان قد قحط, السماء لا تمطر, والأرض لا تنبت, والناس في شدة شديدة, وقد بلغنا أن عندك طعامًا فبعناه حتى توسع على فقراء المسلمين. فقال عثمان (رضي الله عنه): (حُبًّا وَكَرَامَةً, ادْخُلُوا فَاشْتَرُوا).

فدخل التجار فإذا الطعام موضوعٌ في دار عثمان (رضي الله عنه), فقال: (يَا مَعَاشِرَ التُّجَّارِ, تُرْبِحُونِي عَلَى شِرَائِي مِنَ الشَّامِ؟). فقالوا: للعشرة اثنا عشر. فقال عثمان (رضي الله عنه): (قَدْ زَادُونِي). فقالوا: للعشرة أربعة عشر. فقال عثمان: (قَدْ زَادُونِي). فقالوا: للعشرة خمسة عشر. فقال عثمان: (قَدْ زَادُونِي). فقال التجار: يا أبا عمرو؛ ما بقى في المدينة تجارٌ غيرنا, فمن ذا الذي زادك؟. فقال: (زَادَنِي اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشْرَةً, أَعِنْدَكُمْ زِيَادَةٌ؟). فقالوا: اللهم لا. فقال: (فَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ هَذَا الطَّعَامَ صَدَقَةً عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ).

يقول ابن عباس (رضي الله عنهما): (فَرَأَيْتُ مِنْ لَيْلَتِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (أي: في المنام)، وَهُوَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَبْلَقَ, وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ نُورٍ, فِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ نُورٍ, وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ مِنْ نُورٍ, وَهُوَ مُسْتَعْجِلٌ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, لَقَدِ اشْتَدَّ شَوْقِي إِلَيْكَ وَإِلَى كَلَامِكَ, فَأَيْنَ تُبَادِرُ؟).
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*فضـل إغاثة المكـروبين*
*في الشـريعـة الإسـلامـية*
*للشـيخ/ مسـعـد الـشـايـب*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*عناصر العناصر:*
1. ترغيب الشريعة الإسلامية في إغاثة المكروبين.
2. ثمانيةٌ من فوائد وثمار إغاثة المكروبين.
3. الخطبة الثانية: (إغاثة المكروبين...مقدمٌ على نوافل الطاعات والعبادات).

*الخطبـة الأولـى:*
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة:195]، والقائل أيضًا: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}[البقرة:184]، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عَبدُه ورسولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيه وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد:

1-- ترغيب الشريعة الإسلامية
في إغاثة المكروبين..:

أيها الأحبة الكرام: الدين الإسلامي هو دين المثل والقيم والأخلاق، وما أرسل نبينا (صلى الله عليه وسلم) إلا ليتمم صالح الأخلاق، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ) (رواه أحمد)

ومن أفضل ما يتحلى به المرء في هذا الزمان، الذي كثر فيه الغلاء، والوباء، والبلاء، ما يعرف بـ (إغاثة المكروبين)، أي: الاستجابة لنداء من نزلت به شدة، وفاقة، وتقديم يد العون والنصرة لهم، وإخراجهم من شدتهم، وكربهم، بما أنعم الله علينا من مالٍ، أو طعامٍ، أو شرابٍ، أو دابةٍ، أو وقتٍ، أو جهدٍ، أو جاهٍ، أو سلطانٍ...وهكذا، بقدر المستطاع، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

فمن محاسن الشريعة الإسلامية أنها دعت إلى إغاثة المكروبين، والملهوفين، وذوي الحاجات: فقال سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[التوبة:71]، أي: بعضهم يوالي بعضًا، فهم كاليد الواحدة، وبفسره قول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا). وشبك (صلى الله عليه وسلم) بين أصابعه.(متفق عليه).

وانظروا إلى نبينا (صلى الله عليه وسلم) وهو يدعونا إلى إغاثة...فيقول: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ...)(رواه مسلم).

وعن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما)، أن رجلا جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله (عزّ وجلّ)؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، (يعني المسجد النبوي)، شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ؛ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ) عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ)(المعجم الأوسط).

هكذا دعت الشريعة الإسلامية أتباعها لإغاثة...على لسان سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكما دعا سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لذلك بالقول، فقد طبقه بالفعل، فمن أعظم مشاهد السيرة النبوية المباركة (مشهد نصرة وإغاثة الرجل الإراشي)، والذي وقع بعد حادثة نقض صحيفة المقاطعة الظالمة، وبعد إسلام سيدنا حمزة بن عبد المطلب، وبعد إسلام سيدنا عمر بن الحطاب (رضي الله عنهما)، والذي كان كالتالي:

فقد قدم رجل من إراش (اسم قبيلة وهي بطن من خثعم) بإبل له إلى مكة، فابتاعها (اشتراها) منه أبو جهل (عليه اللعنة)، فماطله بأثمانها، فأقبل الإراشي حتى وقف على نادي قريش، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالس في ناحية المسجد، فقال: يا معشر قريش من رجل يعينني على أبي الحكم بن هشام، فإني غريب وابن سبيل، وقد غلبني على حقي.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
فاتقوا الله -عباد الله-؛ واستغنُوا بالحلال عن الحرام، وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام، وأحسنوا كما أحسن الله إليكم، ويَسّرُوا على عباده كما يَسّرَ الله عليكم:

(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10 – 12]، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].

نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا من المفلحين، وأن يسلك بنا طريق الصالحين، وأن يحفظنا ويحفظ بلادنا من ظلم الظالمين، وعدوان المعتدين.

اللهم أغننا بحلالك عن
حرامك، وبفضلك عمن سواك.

اللهم حبب إلينا الحلال من الطيبات، وكرّهْ إلينا الحرام من الخبائث والمنكرات.

اللهم لا تجعل لنا نصيبا في الحرام، وحُلْ بيننا وبينه حتى نلقاك يا رب العالمين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اجمع شملهم، ووحد صفوفهم، وفرج همومهم، ونفس كروبهم، وانصرهم على أعدائهم يا قوي يا عزيز.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 180 – 182].

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.center/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
عدم الوفاء بالدين:

فمن الناس مَن يأخذ الديْن وفي نيته أن لاّ يرُدّه، أو يُماطل في رَدّه لصاحبه، وحقوق العباد عند الله عظيمة، فلا مناص من أدائها وردّها إلى أصحابها قبل أن يأتي يوم لا يتقاضى فيه بالدينار ولا بالدرهم، ولكن بالحسنات والسيئات، والله -سبحانه وتعالى- يقول: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) [النساء: 58].

وكثير من الناس يتساهلون في الاستدانة من غير حاجة ولا ضرورة، وإنما رغبة في التوسع، ومجاراة الآخرين.

والتساهل في الاستدانة يقود إلى المماطلة في التسديد، أو يؤدي إلى إضاعة أموال الآخرين وإتلافها، وقد قال النبي -صَلى الله عليه وسلم- محذرا من عاقبة هذا العمل: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله" (رواه البخاري من حديث أبي هريرة -رَضي الله عنه-).

سؤال الناس من غير حاجة: كمن يطوف على التجار مُدّعيا أنه مستحق للزكاة وهو يكذب في ذلك، أو من يسأل الناس في المساجد والطرقات وهو غير صادق، فهذا أكل لأموال الناس بالباطل.

فليتذكرْ هؤلاء قول النبي -صَلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر -رَضي الله عنه- قال: قال النبي -صَلى الله عليه وسلم-: "ما يزال الرجل يسأل الناس، حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مُزْعَة لحم"، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صَلى الله عليه وسلم-: "من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا، فليستقلّ أو ليستكثر"

فنسأل الله -تعالى- أن يجعلنا ممن يطيع أمره ويجتنب نهيه ويقف عند حدوده، وأن يجنبنا أسباب مقته وغضبه وعقابه، آمين.

إخوتي الكرام: ما السبيل إلى وقاية النفس من أكل أموال الناس بالباطل؟

أولا: تربية النفس على الخوف من الله، والحياء من الله؛ فإنّ من يخاف الله ويستحيي من الله ويستحضر مراقبة الله لا يعتدي على عباده، ولا يمدّ يديه إلى أموالهم؛ لأنه يعلم أنّ ذلك مما يُغضِبُ الله -تعالى- عليه، ويعلم أن عقاب الله شديد، وأن عذاب الله أليم، ويعلم أنه إن نجا من العقاب في الدنيا فلن ينجو من الحساب والعقاب يوم القيامة.

ثانيا: تحَرّي الحلالِ والاستغناءُ به عن الحرام؛ فإن الإسلام حضّ المؤمنين وأمرهم بالأكل من الطيبات والمباحات، واجتناب المحرمات والخبائث والمكروهات، وتركِ الأشياء المشتبهات؛ ففي الحلال ما يغني عن الحرام، وقد دعا ربنا -سبحانه- عبادَه إلى التمتع بما أحله لهم من الطيبات، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172].

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رَضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس؛ إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون: 51]، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 172]"، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك".

وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الحلال بَيّن، وإن الحرام بيّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعِرْضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حِمى، ألا وإن حمى الله محارمُه، ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".

ثالثا: الخوف من الخزي والعار والخسران والعذاب يوم القيامة؛ فلا بد للعباد من يوم يقفون فيه بين يدي الله للجزاء والحساب، حينها يتعلق المظلوم بظالمه، ويُطالب أصحاب المظالم بمظالمهم، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رَضي الله عنه- أن رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- قال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، مِن قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخِذَ من سيئات أخيه فطرحَتْ عليه".

وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة -رَضي الله عنه- أن رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- قال: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع؟ فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخِذ من خطاياهم فطرحَتْ عليه، ثم طرح في النار".
على الراشي والمرتشي".

فالرشوة كسب خبيث، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل، وإعانة على الظلم والعدوان، وهدْرٌ لكرامة الإنسان، وهي دعوة قبيحة لنشر الرذائل والفساد، وإطلاق العنان لرغبات النفوس، وانتشار الاختلاس والتزوير، واستغلال السلطة والتحايل على النظام، فتتعطل حينئذ مصالح المجتمع، ويسود فيه الشر والظلم، وينتشر فيه البُؤس والفقر والشقاء.

لذا حرّم الإسلام الرشوة حتى ولو ألبسها صاحبها ثوب الهدية؛ ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي -رَضي الله عنه- قال: "استعمل رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- رجلا من الأسْدِ يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدِمَ قال: هذا لكم، وهذا لي أهدي لي، قال: فقام رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: "ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي لي، أفلا قعدَ في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيُهدَى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيْعَرُ"، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، ثم قال: "اللهم هل بلغت" مرتين.

وعن بُرَيْدة بنِ الحُصَيْب -رَضي الله عنه- عن النبي -صَلى الله عليه وسلم- قال: "مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فرَزَقنَاهُ رِزْقا، فمَا أخَذ بَعْدَ ذلِكَ فهُوَ غُلولٌ" (أخرجه أبو داود وصححه الألبانيُّ في صحيح الجامع).

الغش في البيع والشراء: فمن التجار من يكذب على الناس، ويتحايل عليهم، ويحلف في بيعه بالحلف الكاذب ليُغريَ غيرَه بسلعته، وهذا ظلم وأكل لأموال الناس بالباطل، وقد قال نبينا -صَلى الله عليه وسلم-: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة؛ المنان الذي لا يعطي شيئا إلا مَنّه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزارَه" (أخرجه مسلم عن أبي ذر).

ومن ذلك: التطفيفُ في الكيل والميزان: وهذا أمر يتهاون فيه كثير من الناس، فإذا كانوا بائعين أخسَرُوا ونقصوا في الكيل والوزن، وإذا كانوا مشترين استوفوْا وزادوا في الكيل والوزن، والله -سبحانه وتعالى- يقول: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [المطففين: 1 – 6].

ومن ذلك: كتمُ عيوب السلعة وإخفاؤها عند بيعها: فكثير من الباعة اليوم ممن لا يخافون الله لا يبينون عيوب السلعة التي يبيعونها، بل يجتهدون في إخفائها بشتى أنواع الحيَل، وهذا من الحرام الذي حذر منه النبي -صَلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة؛ فعن عقبة بن عامر -رَضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- يقول: "المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باعَ من أخيه بيْعا فيه عيْبٌ إلا بيّنه له" (رواه ابن ماجة والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رَضي الله عنه- أن رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- مرّ على صُبْرَة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال: "ما هذا يا صاحبَ الطعام؟" قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني".

أكل مال اليتيم: فمن كان عنده مال ليتيم فأكله أو جحده فهو آكل لأموال الناس بالباطل، وقد توعد الله -تعالى- عليه بأشد الوعيد، فقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) [النساء: 10].

فواجب على من تولى رعاية يتيم عنده مال أن يدفع إليه ماله كاملا عندما يأنس منه الرشد وحُسْن التصرف، فقد قال تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا) [النساء: 6]، ويقول جل وعلا: (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا) [النساء: 2].

أكل مال الأجير والمستخدَم: وذلك بعدم إعطاء العُمّال والأجَرَاء والموظفين حقوقهم بعد استيفائهم لأعمالهم، سواء كان ذلك بجَحْدِ حق الأجير وإنكاره من طرف المسؤول أو صاحب العمل، أو ببخسه في حقه فلا يعطيه إياه كاملا، أو يزيد عليه أعمالا إضافية من غير مقابل، أو يماطل فيه فلا يدفعه إليه إلا بعد جهد وعناء، فويل لهؤلاء الظلمة من عذاب يوم أليم، ومن خصومة ربّ العالمين؛ فعن أبي هريرة -رَضي الله عنه- عن النبي -صَلى الله عليه وسلم- قال: "قال الله -تعالى-: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره" (رواه البخاري).
*🎤زاد.الخطـيب.الـدعـــوي.cc*
رابط التيلـيجـرام 👈 t.center/ZADI2
*🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه*
*•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•*

🎤
خطـبـة جمـعــة بعـنـوان :
*أكـل.أمـــوال.الناس.بالباطل.ee*
*مخاطره.وصوره.وسبل.الوقاية.منه.tt*
*للـشيـخ/ أحــــمـــــد عــــمــــــاري*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*عناصـــر الخطبـــة*
1/ تفشي داء أكل أموال الناس بالباطل وخطر ذلك 2/ المقصود بأكل أموال الناس بالباطل 3/ بعض صور أكل أموال الناس بالباطل 4/ سبل الوقاية من أكل أموال الناس بالباطل .

*الخطبـــة.الاولـــى.cc*
الحمـدلله، والصــلاة والســلام عـلى
رســول اللـه، وعلـى آلـه وصحبه ومن والاه

ثم أمـــا بـعـــد - إخوتي الكرام:
حديثنا اليوم عن داءٍ فتَّاك، ومرض عضال، خطرُه على الأفراد عظيم، وفساده للمجتمع كبير، ما وقع فيه امرؤ إلا ومُحِقت منه البركة في صحته ووقته ورزقه وعياله وعمره، وما تدنَّس به أحد إلا وحُجبت دعوته، وذهبت مروءته، وفسدت أخلاقه، ونُزع حياؤه، وساء منْبَته، وخسرَ في دنياه وفي أخراه؛ إنه أكل أموال الناس بالباطل؛ داء خطير، يُسبب الهلاك والخسران للمجتمعات، ويفسدُ أحوالها، وينشر الظلم فيها، وما انتشر هذا الداء في مجتمع إلا وغابت منه الفضيلة، وحلت فيه الرذيلة والكراهية والأحقاد، وما وقع في أمة إلا وحلَّ فيها الغش محل النصيحة، والخيانة محلَّ الأمانة، والظلم محل العدل، والخوف محل الأمن.

وأكلُ أموال الناس بالباطل؛ هو ما يأخذه الإنسان ويستولي عليه من أموال الناس من غير وجه حق، إما سرقة وغصبا، أو ظلما وعدوانا، أو غشا واحتيالا، وكلّ ذلك مما حرّمه الإسلام، وحذر من مخاطِره، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) [النساء: 29].

وعن أبي هريرة -رَضي الله عنه- أن رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- قال: "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمُه وماله وعِرْضُه" (رواه مسلم)، وعن أبي بكرة -رَضي الله عنه- أن رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم النحر بمنى في حَجة الوداع: "إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، حرام عليكم، كحُرْمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت" قلنا: نعم، قال: "اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب" (متفق عليه).

إخوتي الكرام: لأكل أموال الناس بالباطل صورٌ كثيرة، ومظاهرُ عديدة، جاء الإسلام بتحريمها، وحماية الناس منها، لما يترتب عليه من مخاطرَ جسيمة، وعواقبَ وخيمة في الدنيا والآخرة، ومن ذلك: الغصْبُ والسرقة: وهذا داء يعاني منه مجتمعنا اليوم، تغتصَبُ أموال الناس وتُسْرَق تحت تهديد الخناجر والسيوف، وترتكبُ فيه أبشع الجرائم من قتل وجَرْح وتشويه، ولذلك شدد فيه الإسلام ووضع له حدا من الحدود، فقال الله -تعالى-: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَة فاقطعُوا أيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [المائدة: 38].

وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رَضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلى الله عليه وسلم-: "لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبلَ فتقطع يده".

ومن ذلك: غصْبُ الأرض والاستيلاءُ عليها: فعندما ينعدم الخوف من الله، تصير القوة والحيلة وبالا على صاحبها، يستخدمها في الظلم والعدوان، ويوظفها في الاستيلاء على أموال الآخرين وهضم حقوقهم، وقد توعد النبي -صَلى الله عليه وسلم- من غصبَ أراضا وانتزعها من صاحبه بأشد الوعيد؛ فعن عبد الله بن عمر قال: قال النبي -صَلى الله عليه وسلم-: "من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خُسِفَ به يوم القيامة إلى سبع أرضين" (رواه البخاري في صحيحه).

وفي صحيح مسلم عن علي بن أبى طالب -رَضي الله عنه- عن النبي -صَلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله من غير منار الأرض" (أي غير حدودها، فانتزع قطعة من أرض جاره وأضافها إلى نصيبه).

الرشوة: وهي كلّ ما يدفعه المرء لمن تولَّى عملاً من أعمال المسلمين ليتوصَّل به إلى ما لا يَحل له. ولها صور كثيرة؛ من أعظمها ما يُعطى لإبطال حق، أو إحقاق باطل، أو لظلم أحدٍ من الناس. ومن صُورها: دفع المال في مقابل قضاء مصلحةٍ يجب على المسؤول عنها قضاؤها بدون هذا المقابل. ومن صورها أيضاً: من رشى ليُعْطى ما ليس له، أو ليدفع حقاً قد لزمه، أو رشى ليُفضَّل أو يقدَّم على غيره من المستحقين.

وقد حرّم الإسلام الرشوة أخذا وعطاء، وحذر منها، فقال الله -تعالى-: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 188]، وعن عبد الله بن عمرو قال: "لعن رسول الله -صَلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي" (رواه أحمد والترمذي وأبو داود)، وفي رواية لأحمد وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صَلى الله عليه وسلم-: "لعنة الله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
More