ليهما السلام) أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فسمّوه الصادق، فإنَّ للخامس من ولده ولداً اسمه جعفر يدَّعي الإمامة اجتراءً على الله وكذباً عليه، فهو عند الله جعفر الكذّاب المفتري على الله (عزَّ وجلَّ)...). فجرائمه في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) دراية وعلم، وتوبته رواية وظنّ، ولا تُقدَّم الرواية على الدراية. هذا لو كانت الرواية صريحة، فكيف والحال عدم وجود دلالة لا بالصراحة ولا الظهور في هذا الباب، بل كلّ ما هنالك إشارة واحتمال من قول الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في التوقيع الشريف الصادر عنه (عليه السلام) حينما سُئل عن عمّه فقال: أمَّا سبيل عمّي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسف (عليه السلام). وليت شعري فهل يدلُّ ذلك على توبة الرجل، بل هو على انحرافه أدل، إذ شبّهه بإخوة يوسف إذ حسدوه على ما أنعم الله عليه، وليس بالضرورة أن يكون الشبه من كلّ ناحية، أي الحسد ثمّ التوبة، بل يكفي جهة واحدة لتصحيح التشبيه، خصوصاً مع تأكيد الروايات على ذكر حسده سواء لأخيه الحسن العسكري (عليه السلام) أو لابن أخيه الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فقد جاء في الرواية عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) قوله: فوالله ما مثلي ومثله إلاَّ مثل هابيل وقابيل ابني آدم حيث حسد قابيل لهابيل على ما أعطاه الله لهابيل من فضله، وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام): ... فهو عند الله جعفر الكذّاب المفتري على الله (عزَّ وجلَّ)، والمدَّعي لما ليس له بأهل، المخالف على أبيه والحاسد لأخيه... . مضافاً إلى ذلك فإنَّ الأعلام -ممَّن نقل هذا التوقيع أو اطَّلع عليه- لم يفهموا توبته من خلال التوقيع، بل ذكروا جعفراً بكلّ سوء، حيث قال المفيد رحمه الله في (الإرشاد) بعد ذكر بعض أفعاله: (ولجعفر أخبار كثيرة في هذا المعنى، رأيت الإعراض عن ذكرها لأسباب لا يحتمل الكتاب شرحها، وهي مشهورة عند الإمامية ومن عرف أخبار الناس من العامّة)، كما ذكر في (الفصول العشرة) سبب عدم التفصيل في جرائمه أموراً منها: (كثرة من يعترف بالحقّ من ولد جعفر بن علي في وقتنا هذا...، ويكره إضافة خلافه لمعتقده فيه إلى جدّه...، والعشرة الجميلة لهؤلاء السادة أيَّدهم الله بترك إثبات ما سبق به من سمَّيت في الأخبار التي خلَّدوها فيما وصفت أولى). وقال الطوسي رحمه الله في (الغيبة) بعد أن ذكر رواية أثبت فيها سكره واستهتاره: (وما روي فيه وله من الأفعال والأقوال الشنيعة أكثر من أنْ تحصى ننزّه كتابنا عن ذلك). بل لو كان تائباً وكانت توبته مقبولة عند الله لصرَّح الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بذلك ودافع عن عمّه مع وجود الدواعي الكثيرة للتصريح، بينما نجد أنَّ الإمام شبَّهه بإخوة يوسف (عليه السلام)، والمتبادر من التشبيه بهم في هذا المورد وغيره من الموارد هو مورد الحسد وليس التوبة. ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)