.
#قصة_وعبرة 📚✍القصة حقيقية حدثت في شمال الرياض.
يقول صاحب القصة :
قبل ٥ أشهر تقريبًا، كان الجو باردًا في الرياض وكنت ذاهب للعمل, وإذا بزميلي يرسل لي رسالة:
"يا أبو فلان، وانت جاي جب معك فطور."
قلت: "خل أمر الفوال اللي قريب من الدوام وأجيب لهم فطور."
المهم، وصلت الفوال وإذا فيه زحمة وصف ، لكن يمشي بسرعة. إنتظر ت دوري لكي أطلب من العامل . وأنا واقف في الصف وأتصفح الهاتف، دخل عامل بنغالي صغير، يضع كاب، يتراوح عمره من ٢٠ إلى ٢٢ سنة. اتجه مباشرة للعامل . وأنا مستغرب لماذا لا يأخذ دوره معنا .
المهم، ارتفع صوت العامل وهو يقول:
"ما أقدر، ما أقدر، ما يجي."
عندها تكلمت وقلت:
"انت ما تفهم؟ حمار! ارجع، ارجع ورا."
والبنغالي ينظر إلي وأعتقد أنه لم يفهم كلامي. رفعت صوتي وقلت:
"يالله انقلع ورا، امسك سرا." وأشرت له بيدي: "ورا، ورا." والبنغالي ينظر إلي وساكت، ثم انصرف.
وصل دوري وطلبت، وتحدث مع العامل قلت:
"ياخي فعلًا ناس ما تستحي. يشوف العالم صافه ويبي ياخذ قبلنا!
" قال العامل: "لا، انت فاهم خطأ!"
قلت: "وشلووون؟"
قال العامل : "هو جاي يسألني، يقول ممكن آخذ فول بريال؟
" قلت: "ما عندنا تسعيرة فول بريال، أقل تسعيرة بثلاثة ريال.
" قال البنغالي: "طيب، ما فيه مشكلة. أنا أعطي ٣ ريال حق ٣ يوم، وحط لي بريال، أنا فلوس شوي.
" قلت: "لا، ما يصير، المحل مسعّر." وبعدها أنت تكلمت ورجعته ورا.
التفت بعدها بسرعة أبحث عن البنغالي في البقالة وأنا أردد:
"لا حول ولا قوة إلا بالله." وأسأل عنه كل من بالشارع
قالوا: "ما نعرفه."
المهم، ضاق صدري عليه، إنه ما يملك قيمة الفطور، وكيف أنا نهرته وزجرته وسط الحضور ولم يرد علي بكلمة إلا إنه سكت وانصرف.
ذهبت للمكتب وفطرنا. والله، مع كل لقمة أشوف البنغالي أمامي، واللقمة أتغصص فيها، ثم قمت.
استغربوا أخوياي: "وش بلاك؟ ما تفطر؟"
قلت: "لا، شبعت، الحمد لله."
رجعت للمحل وقلت: "وين البنغالي؟"
قالوا: "ما ندري، ما رجع."
وبعد بحث مكثف لقيت راعي المغسلة يقول:
"بابا، أنت تبي موسى؟"
قلت: "من موسى؟"
قال: "البنغالي اللي في الفوال اليوم الصباح اللي انت سوي مشكل معه."
قلت: "إيه، وينه؟"
قال: "هو ما يجي كل يوم هنا، ممكن عشرة يوم أو ١٥ يوم يجي مرة ثانية، لأنه يشتغل في صيانة الحديقة اللي عند الجامع."
قلت:
"خلاص، أبجي بعدين أشوفه."
وما ارتاحت نفسي. صرت أمر يوميًا وأنا قادم لعملي أبحث عنه. وبعد عشرةأيام، أنتظر مبكرا عند الحديقة.
ويوم كانت الساعة ٧، سيارة توقفت ونزل منها ٤ عمال، وموسى معهم.
ركضت وناديته : "موسى، موسى!" والتفت ينظر إلي مستغربا. سلمت عليه وقلت له :
"وين أنت يا موسى؟أنا يدور عليك عشر أيام."
نظر إلي وهو مندهش، كأنه ما عرفني!
قلت: "أنا اللي مشكله معك في الفوال قبل عشر أيام." ابتسم وطبطب على كتفي.
أعطيته خمسين ريالاً ..قلت:
"خذ هذي يا موسى، بس ما فيه زعلان."
حاول أن يعيدها مع استحياء ورفضت..وقلت:
"تعال معي للفوال." وقلت للعامل :
"هذا فطوره علي متى ما جاك، تعطيه اللي يبي والحساب عندي."
فرح موسى وشكرني، وأحسست أني رديت له اعتباره وكرامته.
وبعد شهر تقريبا ، مررت البوفيه لكي أعطيهم حسابهم. قال العامل:
"خل الحساب علينا."
قلت: "لا، يا رجال، والله ما يحاسب إلا أنا، كم بس؟
" قال: "حسابه ١٥ ريال. هو وخويه أتوا تقريبا ٣ مرات يطلبون صحن فول واحد بثلاثة ريال، واثنين شاي، وبعدها ما عاد جاء موسى."
استغربت، وانتظرت موعد حضورهم للحديقة. ويوم جاءت السيارة ونزل منها ٤ عمال تقريبا نفس من رأيتهم قبل،باستثناء موسى لا يوجد معهم.
سألتهم:
"وين موسى؟"
التفتوا لبعض وسكتوا!
قلت: "فيه مشكلة؟ وين موسى؟
" قال أحدهم:
"موسى موت قبل أسبوع، صار حادث دهس ودخل المستشفى ٤ أيام ثم توفي."
عندها نزل الخبر علي مثل الصاعقة. وأرجع في طريقي وألقى راعي المغسلة. قلت:
"دريت أن موسى مات؟!
" قال: "إيه، وأنا أعرف موسى، هو من نفس منطقتي وقريتي." وتحدث عن موسى. قال:
"موسى توفي أبوه وعمره ١٢ سنة، وتوفيت أمه وعمره ١٦ سنة، وتركوا له ثلاث إخوان عايشين عند عمتهم.
وموسى لمدة ١٨ شهر وهو يحول راتبه كامل ٤٠٠ ريال، ما ينقص ريال، لعمته وإخوانه."
قلت: "وهو من وين ياكل؟
" قال: "يشتغل غسيل سيارة، تنظيف بيت، أي شيء، ويكفيه أكله وشربه!"
عندها استحقرت نفسي، وعرفت لماذا كان يستعطف النادل أنه يفطر بريال علشان يوفر لإخوانه وعمته!
بعدها جمعت مبلغ ووصلناه لعمته وإخوانه، لعلي أكفّر عن خطئي اتجاه أخي موسى. والآن أنا في رمضان، ومع كل سجدة أشوف صورة موسى أمامي.. والله إني تندمت أشد الندم إني صرخت في وجهه، ولم يرد علي احترامًا أو خوفًا مني..وعاهدت نفسي أن أمسك نفسي ولساني عن الناس، ولا أجرح أو أحتقر أحدا..
رحمك الله يا موسى.
.