View in Telegram
شُكراً غزَّة! منذ سنةٍ، قالتْ لي زوجتي، ونحن نُشاهد تقريراً عن عدد الأطفال الذين تيتَّمُوا في غزَّة: عندما تنتهي الحربُ، سنحضرُ أطفالاً أيتاماً من غزَّة ونُربيهم مع أولادنا! فقلتُ لها: عندما تنتهي الحرب سنُعطيهم أولادنا ليربُّوهم لنا! هذه الحربُ علَّمتنا أنَّ غزَّة لا تُشبه شيئاً في هذا العالم، ولا يُشبهها شيءٌ في هذا العالم، كأنها قطعة صغيرة اُقتطعتْ من الجنَّة، ثمَّ أُهبطتْ إلى الأرض لتُصحِّحَ خطوات البشريَّة العوجاء، ولتدلَّها على الطَّريق بعد أن تاهت خطواتها، فشُكراً غزَّة! 1. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن الجنود الحقيقيين يتخرجون من سورة الأنفال، ومن حلقات تحفيظ القرآن الكريم، لا من الكليات الحربية! رأينا جنودكِ بلا بدلات أنيقة، ولا نجوم على الأكتاف، ولا نياشين على الصدور، ولكنهم جنرالات! شُكراً لأنكِ أذلَّيْتِ جيشاً قالوا لنا عنه إنه لا يُهزم! لقد هدمتِ صنماً من خوفٍ نحتوه في قلوبنا بإتقان فرأينا أن هذا الجيش نَمِرٌ من ورقٍ، يُقتَلُ ويُؤسَرُ! 2. شُكراً غزَّة، لكتائبِ العزِّ فيكِ أعادتْ إلينا أمجاد الأبطال الأوائل، شكراً للقلة المؤمنة تُذكرنا بدراً، وللنفير رغم القرحِ تُذكِّرُنا حمراءَ الأسد، وللقتالِ من مسافةِ صفرٍ تُذكرنا يوم اليمامة، وللشهادة تُذكرنا بيعة عكرمةَ على الموت في اليرموك، وللثبات يُذكرنا الصّحابة يوم القادسيّة! 3. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن في صدور الرجال أُسوداً رابضة، وأنه متى ما تهيأت لها الظروف أعادت إلينا أمجاد الصحابة.. فشكرا لسْعدٍ عند الراجمة، أبدع في رميه -بأبي هو وأمي- وشكرا لقوات النُّخبة على ما رأينا من بسالتها، ذكّرتْنا -والله- بيوم أُحد إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ رجلٌ يبيع لنا نفسه؟ فوثب زياد بن السَّكن فباعها! 4. شكراً غزَّة إذ تشرحين لنا سورة الأنفال على طريقتكِ، فعرفْنَا أنَّ ترتيلَ الآياتِ شيءٌ والعملُ بها شيءٌ أخر! 5. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن المجاهدين متى ما كانوا للناس كان الناس لهم، قُتل أطفالكِ فصبرَ أهلهم وقالوا: إنَّا للمقاومة فدى! وهُدمتْ بيوتهم فقالوا: إن للعزَّة ثمنا باهظا! أُوذوا لكي ينفَضُّوا عن مجاهديكِ، فإذا بهم في الحرب -كما كانوا في السِّلم- يضعون المجاهدين تيجانا على رؤوسهم.. وإنها لرؤوس تستحقّ القُبَل! 6. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن من يُرِد يستطِع، وأن الأمر لا يتعلق بالإمكانيّات وإنما بالإرادة، فمتى ما وُجِدتْ تحققت المعجزات، وإنكِ والله معجزة من هذا الزمان! 7. شكراً غزَة، منكِ تعلَّمنا أن هذه الأمّة تحيا بالدماء.. كنّا ننظر في هذه الملايين الفقيرة تروح وتجيء ولكن ثمّة روح تنقصها، ثم جاء دمُكِ فنفخ فيها الروح! من وراءكِ أمّة تغلي، ومارد مقيَّد آنَ أوان انبعاثه! 8. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن الشدَّة تُربِّي، والأيام الصعبة تصقُل، أطفالكِ كبروا قبل أوانهم، سمعنا منهم أقوال الرجال، ونساؤكِ خنساواتٌ يُشبهنَ الصحابيات صبراً وفداءً وتقديماً لله، ورجالكِ جبال.. من ذا يستطيع أن يهدم جبلا! 9. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن هذا العالم غابة، وأنه لا يُحترم فيه إلا القوي، فلم يوقفهم على أعتابكِ مجلس الأمن، ولا هيئة الأمم، ولا ميثاق حقوق الإنسان، لقد أوقفتهم قذائف الياسين! 10. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن السُمَّ يمكن دسُّه في العسل، أولئك الذين أساؤوا لنبيّنا صلى الله عليه وسلم بحجة حرية التعبير قيدوا حساباتنا، وحذفوا منشوراتنا حين عبَّرنا عن آرائنا ونحن ندافع عنكِ! وأولئك الذين دعونا إلى دين واحد إنساني شفيق ورحيم، لمَّا رأوكِ تُذبحين خلعوا إنسانيتهم، واستدلوا على ضرورة قتلكِ بالتلمود ومُحرَّف الإنجيل! فصرنا الآن نردِّد بصوت أعلى: لكم دينكم ولي دين. 11. شكراً غزّة، منكِ تعلَّمنا أن لا ننخدع بعد اليوم بحقوق الطفل وقد صفّقوا لقتل أطفالكِ، ولن يدخلوا بيوتنا بحقوق المرأة فقد سكتوا عن قتل نسائكِ.. كانت كل هذه أقنعة ليهدموا الأُسرة عندنا، فهي آخر القلاع. 12. شكراً للرِّجالِ الحقيقيين الذين صَنعوا هذا المشهد، شكراً لأبي خالدٍ الذي أعدَّ الكتائب، ولأبي البراء الذي هيَّأ الركائب، ولأبي إبراهيم الذي عقدَ خُضْرَ العصائب! ‏شكراً لأبي العبد وأبي الوليد وأبي محمد وأبي أسامة في دهاء السّياسة! ‏شكراً للمُلثَّمِ صوتٌ من نارٍ وبارود! ‏شكراً لسعدٍ عند الرَّاجمة، ولحذيفة أمين السِّرِّ، ولجعفرَ الطّيار إذ يأتيهم من الأعلى بغتةً، وللضَّفادع البشريَّة تُصبِّحُ عسقلانَ مع الموج! شكراً للحمام الزَّاجلِ في سلاح الإشارة، ولأُسْدِ كتائب المشاة تنتظرُ حمقاً برِّياً لتبدأ الإغارة! 13.
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily