بعد أن زمجرت السماءُ غضبًا، وأمطرت نارًا ودمًا، وبعد أن ارتوت الأرض بدماء الأبرياء، بعد أن هدأت أصوات المدافع، وخفت وهج القذائف، وبعد أن غطت سحابة الغبار سماء غزة، من بين الأنقاض المتراكمة كشواهد قبور، بعد أن خيّمَ الموتُ بِظِلالِه الثقيلة، وبعد أن أكلت النيرانُ الأخضرَ واليابس، من رَحِمِ الرمادِ المُتصاعدِ كدُخانِ البخور، يولدُ فجرٌ جديد، فجرٌ مُحمَّلٌ بِأَنفاسِ الحياةِ المُتجدِّدة، فجرٌ يمحو بضيائه آثار الدمار، ويُبدِّدُ وحشة الفقد، فجرٌ يحمل معه بشائر الأمل، وينشر عبير الصمود، بعد أن ذرفت الأرض دماء أبنائها، وارتوت من دموع الأمهات الثكالى، وبعد أن تحولت البيوت إلى أطلال، والشوارع إلى حطام، من قلب المعاناة ينبضُ أملٌ جديد. أملٌ يرمم الجراح، ويُعيد بناء ما هُدِم، أملٌ يُحيي في القلوب جذوة الحياة من جديد، بعد أن فقدت غزة أحبابها، وشُرد أهلها، وسُلبت طفولتها، من بين الركام يرتفع صوتُ الحياة، صوتُ الأطفال يعلو ضاحكاً، وصوتُ الأمهات يردد أغاني الفرح، وصوتُ الآباء يُعلِّمُ أبناءه معنى الصمود، أشجار الزيتون، شاهدة على العذاب، تتوشح بخضرة جديدة، وكأنها تبارك هذا الفجر الجديد، طيور السماء تغرد، وكأنها تحتفل بانتصار الحياة على الموت، خرج الناس من كهوفهم، حفاة الأقدام، يحملون في عيونهم شوقاً إلى الحياة، وفي قلوبهم أملًا يتجدد، نساء يجمعن شظايا ذكرياتهن، وأطفال يلهون بألعاب صنعتها أيديهم الصغيرة من بقايا الحرب، بعد أن ظنَّ الأعداء أنهم كسروا غزة، وأنهم أطفأوا نورها، من تحت الرماد تشتعل جذوة المقاومة، مقاومةٌ تُعيدُ بناء الإنسان، وتُعلي راية الوطن، وتُثبتُ للعالم أن غزة لا تنكسر، هكذا، من رحم المعاناة يولدُ الأمل، ومن قلب الدمار ينبثقُ النور، ومن بين الأنقاض ترتفعُ غزة من جديد، أقوى وأصلب، حاملةً راية النصر✍️♡
-السُميعي