قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها." هذا القول الخالد يختصر مسيرة الإنسان بين النور والظلام، بين العلو والهوى.
فالإنسان، بحسب ما أوتي من نفس وعقل وقلب، هو لوحة فنية تتشكل بألوانه الخاصة. قلبه، بوصلته التي تدله على الخير والشر، وعقله، سيفه الذي يواجه به الظلمات، ونفسه، ساحة المعركة بين الشهوات والفضائل، إذا ما زكى الإنسان نفسه، فكأنما زرع في روحه بذور النور، فسقتها بماء العبادة والصبر، فأنبتت شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. وهكذا، ترقى النفس وتسمو، فتكون نوراً يضيء الدروب، وحضارة تبني الأمم، ورسالة تحملها الأجيال، أما إذا ترك نفسه رهينة لهواها، فكأنما أطلق العنان لسفينة بلا دفة في بحر عاصف، فتضيع في أمواج الغواية والضلال، وهكذا، تهوي النفس سافلة، فتغرق في مستنقعات الخرافة والجهل، وتصبح أداة في يد الشر والظلام، لا عجب إذن أن نجد نفوساً مريضة تتشبث بالخرافات، وتدافع عنها بكل قوة، فهي لا ترى سواها، ولا عجب أن نجد نفوساً أخرى قد بلغت من العلو مبلغاً، فتشمئز من سفاسف الأمور، وتسعى إلى الكمال والمثالية، فالإنسان، بحسب ما يختاره لنفسه، إما أن يكون ملكاً يتحكم في مصيره، وإما أن يكون عبداً لأهوائه والخيار، بكل تأكيد، بيده وحده...♡
#السميعي