🌼مقتطفات ولائية🌼

#دعاء_الندبة
Channel
Logo of the Telegram channel 🌼مقتطفات ولائية🌼
@MwelaaeyaPromote
2.3K
subscribers
11.5K
photos
1.12K
videos
1.64K
links
🌼 مقتطفات ولائية 🌼 خدمة منوعة تأتيكم من عش ال محمد (ص)
[عَزيزٌ عَلَيَّ اَنْ اَرَى الْخَلْقَ وَلا تُرى وَلا اَسْمَعُ لَكَ حَسيساً وَلا نَجْوى]

#دعاء_الندبة
#جمعة_مباركة
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة
#الفقرة_الحادية_عشر

((ثمّ جعلت أجرَ محمّد صلواتك عليه وآله مودَّتَهم في كتابك فقلت "قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ المَودَّةَ فِي القُربى"))


لقد قام أنبياء الله ورُسُله بالدعوة إلى الله تعالى و بإبلاغ رسالات ربِّهم إلى النّاس دون أن يبغوا أجراً وحَمْداً مِنهم، بل كان عملهم خالصاً لوجهه تعالى في كل شيء، وهذا ما يميزهم عن باقي خلق الله فلا يطلبون أجراً دنيوياً قط إنْ أجرهم إلّا على الله ربّ العالمين.

و لقد كان لسان أنبياء الله جميعاً في قومهم هو:

((قلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْري إِلاّ على اللّه))

فإذا كان هذا موقف الأنبياء مِن أُمّتهم فكيف يصح للنبيّ الخاتم(صلى الله عليه وآله) أنْ يطلب الأجر في الدنيا على دعوته و هو المودة في القربى؟!.

فيستجيب له تعالى ويجعل أجر محمدّ(ص) في كتابه مودّة النَّاس لأهل بيته في الدنيا.!!

إن الأمر ليس كذلك، حتّى عندما نرى أنّه سبحانه يأمر نبيّه المصطفى(صلى الله عليه وآله) بأن يطلب مِن قومه مودّة القُربى أجراً للرسالة في الآية الكريمة:

((قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ المَودَّةَ فِي القُربى))

له تفسيره الخاص الذي يُنَزِّه الرسول عن طلب الأجر الشخصي والدنيوي و لكن السؤال الاهم من القربى الذين أمر الله تعالى مودتهم في كتابه؟

روى عن اسماعيل بن عبدالخالق عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: سمعته (عليه السلام) يقول لاَبي جعفر الاَحول: ما يقول أهل البصرة في هذه الآية ((قُلْ لا أسألكُم عَليهِ أجراً إلاّ الموَدَّةَ في القُربَى)) ؟
فقال: جعلت فداك، انهم يقولون: إنّها لاَقارب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال: كذبوا إنّما نزلت فينا خاصة، في أهل البيت، في علي وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء»
الكافي 8\79

و عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: لما نزلت ((قل لا أسألكم عليهأجرا إلا المودة في القربى)) قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم قال (صلى الله عليه وآله): ((علي وفاطمة وابناهما ))
فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 669
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة
#الفقرة_العاشرة

((ووعَدْتُه أنْ تُظهِرَ دِينهُ على الدِّين كُلِّه ولو كَرِهَ المُشركون))

إنّ الله تعالى أرسَلَ نبيّه محمّد(ص) بدِين الإسلام ووعدهُ أنْ يُظهرَ دِينهُ على الدِين كلّه، وقد أوفى تعالى بوعده في شِقِّه الأوَّل بأنْ أظهر دِين محمّد(ص) وسَيَفي بوعده له بأنْ يُظهره على الدين كله، وانَّ الله تعالى لا يُخلِفُ الوعد والميعاد.

ولتحقيق الشِّق الثاني مِن "الوعد الإلٰهي" هيّأ تعالى وصيّاً مِن وِلْدِ مُحمّد(ص) ذي بأسٍ شديدٍ وقَلبٍ كزبر الحديد و ورِثَ عِلْمَ كلّ مَن سبقه مِن الأنبياء والأوصياء(ص) و اختزن تجاربهم و حمل بداخله آلامهم وأحلامهم وانتظر أمر الله تعالى ليأذن له بالخروج والمواجهة.

وبظهوره الشريف سَيظْهر دِينَ مُحمّدٍ(ص) على الدِين كلّه ولو كره المشركون ولو كره الكافرون وكيف لا وقد وَعَد تعالى للمستضعفين المؤمنين باستخلافهم في الأرض وبتمكين دينهم الذي ارتضاه لهم، وبإبدالهم من بعد خوفهم أمناً، ليعبدوه لا يُشركون به شيئاً.

اللهُم عجِّل فَرَجَه واجعلنا مِن أعوانه وأنصاره والدُّعاة إليه.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة
#الفقرة_الثامنة

((وَعَـرَجْــتَ بِـــهِ إِلَى سَـمائِكَ))

هذا المقطع من دعاء الندبة يتحدث عن عروج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى السماء فقال تعالى:
((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ))
سورة الاسراء/ الأية (١)

إن حادثة الاسراء والمعراج تناولتها الاقلام وتناولها الخطباء الكرام والشعراء الأفاضل فقد وصل سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله و سلم) الى درجة لم يصلها أحداً قبله ولا يصلها أحداً بعده وحتى الملائكة المقربين ، فجاء ذكر هذه الدرجة و المنزله الرفيعة في القرآن الكريم فقال تعالى:
((ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى○وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى○ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى○ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى○فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى○)).
سورة النجم/الأية (٦-١٠)

و أن هذا الوصف لا ينطبق على عروج الروح فقط وإنما ينطبق على عروج الروح والجسد معاً ، لانها حالة اعجاز تضاف الى المجموعة الهائلة للمعجزات و الكرامات التي صدرت منه (صلى الله عليه وآله و سلم).

بينما لو كان العروج بالروح فقط لكان اقرب الى الرؤيا وبهذه الحالة ترفع من قائمة الإعجاز ، وطبيعة البشر انهم متساوين بالاحلام او الرؤيا اثناء النوم ، فتصبح هذه الرؤيا ليس لها وزن ، ولا ضرورة ان يذكرها الله سبحانه في كتابه العزيز.

فـعلى القرّاء أن ينتبهوا و يراعوا هذا الجانب من دعاء الندبه وان يقرأ هذا المقطع (وَعَـرَجْــتَ بِــهِ إِلَى سَـمائِكَ) و هنا تصبح معجزة وتستحق ان يذكرها الله تعالى في كتابه المجيد.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة
#الفقرة_الثانية

((بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنيا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرجِها، فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الوَفاءَ بِهِ فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ العَلِيَّ وَالثَّناءَ الجَلِيَّ))

تتحدث هذه الفقرة من دعاء الندبة عن جملة من المطالب ذات أبعاد مختلفة نذكرها إجمالاً ضمن المحاور التالية:

١) الجانب الأخلاقي: و فيه تتحدث عن فضيلة الزهد والوفاء بالعهد وعن الرؤية الإلهية للدنيا وأن هذه الدنيا الموصوفة بأنها أدنى مراتب الوجود تمتاز بظاهر جميل براق مزخرف جذاب، يأخذ بالألباب ويصرف الإنسان عن باطنها الدني الذي يبعد المؤمن عن القرب الإلهي فيما لو اتخذها مستقراً، و انطلق منها لتحقيق الأهداف الضيقة، فهذه الجواذب تبعد الإنسان عن هدفه الأسمى و هو السمو الروحي والتعالي على زخرف وزبرج الدنيا.

٢) عالم الذر: حيث تتحدث هذه الفقرة عن عالم الذر والمشارطة مع الله سبحانه وتعالى قبل خلق الكون والمشار إليه في قوله تعالى:
((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا))
سورة الأعراف/الأية ١٧٢
فترشدنا هذه الفقرة إلى تلك الحقيقة المعرفية التي يجب الإيمان بها من أن ما ناله محمد وآل محمد وغيرهم من الرسل والأنبياء والعلماء وما رأيناه وسنراه من فضائل وكرامات إنما هو نتيجة لتلك المشارطة الملكوتية الإلهية التي حصل فيها اتفاق بين الذوات المقدسة بالتنازل عن هذه الدنيا وكل ما فيها من أجل دين الله ومن أجل الأخذ بالناس إلى الهداية.

٣) الجانب العقائدي : حيث تتحدث هذه الفقرة عن علم الله سبحانه وتعالى الكامل الشامل لكل شيء، حيث يعكس لنا مقطعاً عقائدياً في غاية الروعة في تصويره لعلمه سبحانه بالوفاء لأهل البيت (عليهم السلام) و الرسل و الأنبياء (عليهم السلام) بما شرطوا وعاهدوه تعالى.
والمقطع بمجمله وما يتحدث عنه يشكّل لنا لوحة فكرية عقائدية أخلاقية عن حياة أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الدنيا والعوالم التي سبقتها، لكي تعطي لمن يجهل بأهل البيت (عليهم السلام) جزءاً من حقيقتهم، ويصور له الحوار الذي دار بين رب العزة والجلالة وبين أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و الرسل والأنبياء (عليهم السلام) عن الدنيا وما فيها، وليس عن جزءٍ في هذه الدنيا أو منصب إذا ما قيس بما في الدنيا بأكملها لا يعدو قطرة في بحر، ومع ذلك فهم رفضوا كل الدنيا من أجل دين الله وهداية الناس، بينما نجدنا نحن نرفض الهداية والدين من أجل أحقر ما في هذه الدنيا.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة
#الفقرة_الأولى

((اَللّـهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤكَ في اَوْلِيائِكَ الَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدينِكَ، اِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزيلَ ما عِنْدَكَ مِنَ النَّعيمِ الْمُقيمِ الَّذي لا زَوالَ لَهُ وَلاَ اضْمِحْلالَ))

تشتمل هذه الفقرة من دعاء الندبة على جملة من المطالب التي ينبغي الالتفات إليها وعدم إغفالها و منها:

1) في القضاء والقدر: حيث تشتمل هذه الفقرة على بحثٍ في القضاء والقدر من حيث الاصطفاء والاستخلاص، فما يجري من القضاء والقدر على أولياء الله (عليهم السلام) إنَّما يكون من أجل دفعهم في سلّم الكمال, وهو قدرهم إذ أنهم سلّموا أمرهم لله تعالى.
وفي رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال لزيد بن علي (رضوان الله عليه): "وأمر الله يجري لأوليائه بحكمٍ موصول وقضاء مفصول، وحتم مقضي، وقدر مقدور، وأجلٍ مسمّى كوقت معلوم، فلا يستخفّنك الذين لا يؤمنون ((إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا))

2) في الإذعان لقضاء الله تعالى: حيث تبدأ هذه الفقرة بذكر الله تعالى وتنسب كلّ نعم الوجود إلى ألوهيته و هي في نفس الوقت تلزم الإنسان بأنّ يخضع منتهى ألوان الخضوع من خلال الحمد والتخضّع إذعاناً لتلك النعم وإيقاناً بأنّ كلّ نعمة صدرت وتصدر إنَّما هي من معدن ومنبع الإلوهية. والنفس المستخلصة والتي وقع عليها الاختيار الإلهي ترى أنّ ذلك يوجب الحمد وأنه في كلّ الأحوال لا يفرّق فيه بين سرّاء أو ضرّاء.
كما في حديث الإمام الباقر (عليه السلام) مع جابر بن عبد الله الأنصاري حينما سأله (عليه السلام) عن أحواله فقال جابر: "أحبّ المرض على الصحة والموت على الحياة والشيخوخة على الشباب, فقال له الإمام الباقر (عليه السلام): "أمّا أنا يا جابر فإنْ جعلني الله شيخاً أحبّ الشيخوخة، وإن جعلني شاباً أحبّ الشيبوبة، وإن أمرضني أحبّ المرض، وإن شفاني أحبّ الشفاء والصحة، وإن أماتني أحبّ الموت وإن أبقاني أحبّ البقاء".

ولذلك ينبغي أن يلتفت الإنسان المؤمن، إلى الإشارات اللطيفة التي يتضمنها هذا المقطع من سموّ النفس ورقيها وتهذيبها وإعطائها نوعاً من الدربة في الممارسات السلوكية نتيجة لما يتلقّاه ويحمله من تلك المعاني الخلقيّة التي تتولّد لديه من إذعانه كلّما اشتدّ به البلاء أملاً في استخلاص نفسه لنفس الباري وذوبان وجوده في دينه، و إن هذا السمو الرفيع هو النموذج الذي أمرنا بالاقتداء به والمتمثِّل بتلك المكارم التي إنَّما بُعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليُتمّمها في النفس الإنسانية.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((اللّهُمَّ وَنَحنُ عَبِيدُكَ التّائِقُونَ إِلى وَلِيِّكِ المُذَكِّرِ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ، خَلَقْتَهُ لَنا عِصْمَةً وَمَلاذاً وَأَقَمْتَهُ لَنا قِواماً وَمَعاذاً وَجَعَلْتَهُ لِلمُؤْمِنِينَ مِنّا إِماماً))

في نهاية دعاء الندبة يتوجه النادب لله تعالى متوسلا و متضرعا لتعجيل فرج إمام زمانه الغائب و في هذا التضرع بيان و درس لشيء من حال المؤمن الحقيقي المحب لإمام زمانه و حقيقة الامام.

اذ ان المحب الحقيقي لإمامه يجب ان يكون في حال شوق مستعر لإمام زمانه و الا يكون شوقه له كشوقه لسائر الاشخاص و الاشياء بل ان يكون شوقه لامام الزمان هو المهمين و المحرك لقلبه كما كان حب و شوق يعقوب ليوسف

ثم يسترسل هذا المحب في تبيان علة شوقه للإمام (عجل الله فرجه) و الغاية منه و حقيقة الامام (عجل الله فرجه) فيقر ان هذا الشوق هو لله رب العالمين الذي قال في كتابه الكريم:

((و ابتغوا اليه الوسيلة))

و امام الزمان (عجل الله فرجه) هو بقية الله و وسيلتنا اليه في زماننا و هو وارث اباءه الحجج الذين جعلهم الله تعالى و كما تصف مولاتنا السيدة الزهراء (عليها السلام) ذلك في خطبتها :
((فجعل الله طاعتنا نظاما لله و امامتنا امان من الفرقة))

و كما تصف الروايات الشريفة في كون الامام هو وتد الارض و هادي الناس و عين الدين و لسان القرأن و الطريق الى الله تعالى و بذلك فهو يعصم الناس من الضلال و يكون ملاذهم في الشدائد و كهف الله للعباد و يكون عزوتهم و قوامهم و امام المؤنين حيث يقتدون بأفعاله.

و أن هذه الفقرة هي شبيهة بتلك التي تبين شوق النبي يعقوب (عليه السلام) لولده النبي يوسف (عليه السلام) حيث لم يكن شوقه له لكونه ولده و انما لولاية النبي يوسف (عليه السلام) على ابيه فكان النبي يعقوب (عليه السلام) يعبد الله بالبكاء على يوسف حتى ابيضت عيناه لانه بكى على فراق ولي الله.

و في ختام هذه الفقرة من الدعاء نسأل الله أن يعجل فرج امام زماننا و أن يعف عنا بحقه و يجعلنا من خدامه و انصاره بحق محمد وآل محمد .
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((ثُمَ قالَ: أَنْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوَارِثِي، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي وَدَمُكَ مِنْ دَمِي وَسِلْمُكَ سِلْمِي وَحَرْبُكَ حَرْبِي، وَالإيْمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَما خالَطَ لَحْمِي وَدَمِي، وَأَنْتَ غَداً عَلى الحَوْضِ خَلِيفَتِي))


تحدثنا هذه الفقرة من الدعاء المبارك عن الصفات و الكمالات التي أمتاز بها أمير المؤمنين (عليه السلام) على باقي الصحابة و التي بينها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في أحاديثه الشريفة و من هذه الصفات و الميزات:

1) إن الإمام علي (عليه السلام) هو وصي الرسول ووارثه و كما قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم):
((لكل نبي وصيّ ووارث وانّ عليّاً وصيّي ووارثي))
ينابيع المودة/ ج 1 / ص 236

2) أن الأنسان لا يكون مؤمنا و محبا للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الا عندما يكون محبا لأمير المؤمنين (عليه السلام) و أن كل من يبغض أمير المؤمنين (عليه السلام) فأنه ليس مؤمنا بل و ليس مسلما حتى و ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليبغضه وقد بين الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله و سلم) ذلك في حديثه حيث قال:
((كنتُ أنا وعليٌّ نوراً بين يَدَي الله تعالى مِن قَبلِ أنِ يُخلَق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق اللهُ آدم سلك ذلك النورُ في صُلبه، فلم يزل الله ينقله من صُلبٍ إلى صلب حتّى أقرّه في صلب عبدالمطّلب، ثمّ أخرجه من صلب عبدالمطّلب وقسمه قسمين: قسماً في صلب عبدالله وقسماً في صلب أبي طالب، فعليٌّ منّي وأنا منه، لحمه لحمي ودمه دمي، فمَن أحبّه فبحبّي أحبَّه، ومَن أبغضه فببغضي أبغضه))
نظم درر السمطين للزرندي الحنفي /ص 7

3) يتحدّث الدعاء في نهاية هذه الفقرة عن أثر أخروي يترتب على صفة الحقيقة الامامية لأمير المؤمنين (عليه السلام) و أنّ هذه الوصاية التي وصى بها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في فرض ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ليست دنيوية فقط وانما استمرارية أخروية وقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
((وَاَنْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَليفَتي))

اي انك يا علي في هذه الدنيا فأنت تقضي ديني وما يترتب علي لانّك خليفتي من بعدي وتنجز عداتي بما تقتضيه وظيفتك من كونك إمام و وصي و اما في الأخرة فأنك أول من يرد علي الحوض.
و قد روي عن سلمان أنه قال: سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول:
((أوّل الناس وروداً علّي الحوض يوم القيامة أولهم اسلاماً علي بن أبي طالب))
المناقب الفصل /الرابع /ص17
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((اِذْ كانَتِ الاَْرْضُ للهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ وَسُبْحانَ رَبِّنا اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ))

يتحدث هذا المقطع بفقراته المتعددة عن حقيقة لابدّ أنْ نذكّر بها أنفسنا دائماً، فعندما نستعرض مسيرة الأئمة (عليهم السلام) وهم سادة البشر وكانت لهم قدرة على العيش الرغيد والحياة المرفّهة مقابل شيء بسيط وهو الاغماض عن جزء يسير من دورهم في حفظ الدين وهداية الناس ومسك البشرية عن الانحراف والأَخذ بيد المستضعفين إلى الاستقامة.

فإنّ ما استعرضناه من فقرات الدعاء المبارك يعكس لنا حقيقة ما تعرض له أهل البيت (عليهم السلام) من اشدّ انواع التنكيل والاقصاء والقتل وانتهاك الحرمات لا لعداء شخصي بين الساسة والحكام في زمانهم وبينهم (عليهم السلام) وإنّما هو صراع المبادئ فلم يكونوا ليدفعوا الأذى عن انفسهم ويجلبوا الراحة والرخاء لهم ولذويهم ويفسحوا المجال للحكام بترويج الباطل وتثبيت دعائم ملكهم على الضلال والانحراف.

إذن لابدّ أنْ نلتفت إلى قضية مهمّة جداً وينبغي أن لا تفارقنا في جميع خطوات حياتنا بل ينبغي أنْ يكون حضورها في اذهاننا آنياً وهي أنّ وجودنا مرهون بسلامة عقيدتنا واستقامة ديننا وكل ما عدا ذلك فإنّه سيزول ولنا في الائمة (عليهم السلام) وما جرى عليهم على لسان هذا الدعاء المبارك والأنبياء وماتحدّث القرآن عن قصصهم اسوة وقدوة في الحياة الدنيا.

فكون الارض لله يورثها من يشاء لم يمنع من أنْ يجري على أهل البيت (عليهم السلام) ما جرى وكونهم لهم القدرة الكاملة على سحق الظلمة وعلى العيش براحة لم يمنع أنْ يجري عليهم مما قرأناه ما جرى.

اذن لابدّ أنْ لا تقف طموحاتنا وأهدافنا عند تحقيق سبل العيش المناسب فإنّ هذه كلها وسائط فينبغي أنْ لا ننغمس في المقدّمات ونترك النتيجة التي إنّما جاءت المقدمات لأجلها، فالحياة مهما كانت لاتتجاوز الستين أو الثمانين، نصفها منغّصات فلم نبيع الأربعين بثمن بخس.

الدعاء المبارك يريد أنْ يؤكّد على حالة تربوية فضلاً عما يريد أنْ يؤكد عليه من بعد عقائدي أو ترجمة تاريخية لما وقع أو سيقع للأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) وهذا البُعد الاخلاقي التربوي يخاطب وجدان الإنسان ويهزّ اعماق ضميره، أنْ قف قليلاً وفكّر في مصيرك فإنك زائل، فما هو زاد سفرك، وهناك محطات كثيرة أمامك ستساءل فيها عن رفيق دربك، وعن ما جنيت واقترفت وضيعت او استثمرت او خسرت من رأس مالك وتجاراتك، فالزمن رأس مالنا، والعقيدة رأس مالنا، والاصلاح والصلاح والاستقامة رأس مالنا، ترى كم استثمرنا من رؤوس الأموال هذه؟ وكم جنينا من ارباح في دار التجارة.

فالله سبحانه وتعالى في هذا المقطع تحدّث عن أهل البيت (عليهم السلام) بأن وعده لن يخلف، وأنه مفعول لاشكّ ولا ريب لان الارض له ولانه وعد بأن ورثتها هم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عباده الصالحون وانّ هذه الارض ستسلم لوارثها الشرعي صاحب الأمر (عليه السلام) وانّ نصيباً من هذا الإرث سينال المتقين لانّ العاقبة لهم كما اكد الدعاء على ذلك و هنا يأتي دورنا في أنّنا كيف نكون من المتقين لتكون لنا العاقبة مع الوارثين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((أَيْنَ الْمُرْتَجى لإِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْديدِ الْفَرآئِضِ وَالسُّنَنِ))

يحدثنا المقطع الأول (أَيْنَ الْمُرْتَجى لإِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوان) من هذه الفقرة من الدعاء المبارك عن الرجل الإلهي الذي ينتظره الناس لأنْ يزيل عنهم ما تراكم من جور السلاطين وظلم الظلمة والمعتدين.

فيما يحدثنا المقطع الذي يليه (أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْديدِ الْفَرآئِضِ وَالسُّنَنِ) عن نفس الرجل الإلهي الذي ادخرته السماء ليقوم بمهمة بث روح الحياة في فرائض الله وسنن أنبيائه.

فهذان المقطعان يتحدث احدهما عن مرتجى أهل الأرض ليسوي العدل ويقيم القسط و يتحدث المقطع الآخر عن مدّخر السماء الذي غيبته الإرادة الإلهية لزمان قررته هي ليقوم بمهمة بث الحياة في روح الدين.

وكأنّ هذين المقطعين يحكيان لنا حالة الانتظار عند الناس وحالة الادخار عند السماء، فكما أنّ الناس ينتظرون من يقيم لهم العدل فإنّ السماء تنتظر من الناس أنْ يتهيأوا لترسل لهم رجلها الذي ينفخ الحياة في ميّت الفرائض والسنن، فتقوم برفع الجور والظلم عن الصارخين لطلب النجدة بإظهار المغيّب.

فالمرتجى ليس شخصاً وهمياً ولا خرافة نسجها الأمل الفارغ ولا أطروحة علمية لجأت إليها الثقافة ولا إفراز واقع عَصَرَ الناس فأنتج الانتظار بل إنّما المرتجى مدلول يعبّر عن شخص موجود ومعروف بمشخصات كثيرة ينتظر الناس قدومه ليرفع عن كاهلهم أعباء ما راكمته السنين من جور وانتهاكات وتسلّط.

فيما يفيد ادخار هذا الرجل الإلهي، انّه اخفي وغيّب عن الناس لموانع تمنعه عن اداء مهمته في تطبيق فرائض الله وسنن أنبيائه فلم يكن من بد ولا من بديل في أنْ تلجأ السماء إلى وسيلة الإخفاء والادخار في زمن الشدة لتظهرها في زمن يكون المدّخر سبباً للرخاء.

وما أجمل أنْ يعبر الدعاء بـ(المرتجى) عندما يعكس لحن خطاب الناس وشوقهم للإمام المهدي (عجل الله فرجه) فيما يعكس لحن خطاب (المدّخر) وظيفة سماوية في إخفاء الإمام (عجل الله فرجه) وقد تحدثت جملة من الروايات الشريفة عن هذه الحالة:

فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
((المهدي من ولدي تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم يأتي بذخيرة الأنبياء فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً)).

وعن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) أنه قال:
((اللهم احجبني عن عيون أعدائي... إلى أنْ تأذن لي في ظهوري وأحيي بي ما درس من فروضك وسننك))

فيما يحدثنا عن هذا مقطع آخر من دعاء زمن الغيبة حيث يقول:
((...وَأَصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّل مِنْ حُكْمِكَ وَغُيِّرَ مِنْ سُنَّتِكَ حَتَّىٰ يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَىٰ يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لاَ عِوَجَ فِيهِ وَلاَ بِدْعَةَ مَعَه..ًُ)).

فهذه المقاطع النورانية تتحدث عن تلك الحقيقة الندبية التي ادخرتها السماء مخفيّة، لترتجى من قبل المؤمنين لإحياء فرائض الله وسننه وإزالة براثن الجور وظلمه.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((فَاَضَبَّتْ عَلى عَداوَتِهِ وَاَكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ))

إنّ من النعم التي من الله تعالى بها علينا هو هذا التراث الضخم لائمتنا (عليهم السلام) من ادعية وزيارات و تمتاز هذه الادعية والزيارات الواردة عن اهل البيت (عليهم السلام) بانّها فضلا عما تؤديه من ايجاد حالة الترابط الروحي بين العبد وربه واذابة تراكمات الذنوب والخطايا وتبييض صفحة الانسان العاصي وايجاد حالة الراحة النفسية لتجديد الانطلاق في مسيرة الوصول الى العبودية الحقّة.

فإنها تبني العقيدة بناء قوياً ورصيناً وتكشف في كثير من الاحيان حقائق التأريخ بعيداً عن امكانات تزويره وفي الفقرة التي نحن بصدد شرحها من الدعاء المبارك والتي تقول:

(فَاَضَبَّتْ عَلى عَداوَتِهِ وَاَكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ)

إنّ هذه الفقرة التي كانت نتيجة طبيعية او شبهها ففي سياق هذا الدعاء والذي تحدثنا فيه عن:

إن تلك المنح الربانية والخصائص الالهية التي وسم بها أمير المؤمنين (عليه السلام) والائمة (عليهم السلام) من بعده فتلبسوا بها فكانت نتيجتها أنْ اوجدت احقادا في نفوس مسمّي المسلمين، فنتج عن تلك الاحقاد والضغائن أنْ لجأ المتلبسون بها والتصقوا بحالة العداء المتواصل لاهل البيت (عليهم السلام) رغم ادعاء الغالب منهم حبهم وموالاتهم لأهل البيت (عليهم السلام).

فعبارة (فَاَضَبَّتْ عَلى عَداوَتِهِ) التي يفسرها أهل اللغة بالالتصاق واللجوء أي أنّ الأمّة التي رأت تلك الفضائل للائمة (عليهم السلام) ولم تتحمل وجودها فيهم كانت وللاسف أنْ لجأت الى الحقد والعداوة والبغض لأهل البيت (عليهم السلام) والتصقت بهذه الحالة حتى اصبحت من ملازماتها.

والمقطع الثاني يوضح الحالة بشكل اكبر ويرسم لنا بوضوح اكثر ما عليه حال الامّة تجاه أهل البيت (عليهم السلام) حيث الانكباب على منابذة امير المؤمنين (عليه السلام) ومن ورائه الأئمة (عليهم السلام) وفقدان الأمّة توازنها وسقوطها وعثرتها في مفارقة شخوصهم (عليهم السلام) وتركهم وهجرهم.

فالمقطع الندبي يحدثنا عن حالة في قمة العداء والبغض كان قد وصل إليها هؤلاء إذ يصف الأمّة بأنّها فقدت توازنها بسبب هذا البغض إلا انّها مع الأسف غفت على ذلك ملتصقة به ولا نجد عبارة اوفق لحال الأمّة عما مرت به واستمرت وتستمر عليه تجاه اهل البيت (عليهم السلام) اوفق من كلام الامام الصادق (عليه السلام) واصفاً الحالة، حيث قال (عليه السلام):

((إنّ علي عليه السلام لم يكن يدين الله بدين إلاّ خالف عليه الأمّةُ إلى غيره، إرادة لإبطال أمره وكانوا يسألون أمير المؤمنين عن الشيء الذي لا يعلمون فإذا افتاهم بشيء جعلوا له ضداً من عند أنفسهم ليلبسوا على الناس))

فالعمومية التي يتحدث بها الإمام الصادق (عليه السلام) عما كان يصدر من هؤلاء وتعمدهم المخالفة بل والوضع وتصدير الباطل و كل ذلك لأجل أنْ يخالفوا بل ويلبسوا على الناس دينهم حتّى وصل بهم الحال إلى السؤال، لا لأجل المتابعة وإنما لأجل وضع المخالفة، فأيّ قمة وصل إليها عداء هؤلاء لآل البيت عليهم السلام، حتى جاء الوصف بـ (اَكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ).
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((اِقامَةً لِدينِكَ وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ وَلِئَلّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى اَهْلِهِ وَلا يَقُولَ اَحَدٌ لَوْلا اَرْسَلْتَ اِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً وَاَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِـعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ اَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى))

تتحدث هذه الفقرة من الدعاء عن مفصل مهم من مفاصل الدين والشريعة، بل عن قضية أساسيّة في الوجود الإنساني على هذه الأرض وهو بقاء الحق واستمراريته ودوامه وأنْ يكون السائرون على درب الحق ملتفتين إلى ذلك وإلى أنّ هناك اعلاماً للهداية يستنار بهم في سلوك درب الحق.

وفي مقابل ذلك وعلى نهج السنن الكونية الإلهيّة شق الطريق الآخر وهو طريق الباطل وكذلك له اعلام ضلال تزول بالناس عن طريق الحق فتسلك بهم دروب الباطل والضلال والانحراف.

والذي يؤمّن للإنسان حالة الاستقرار في السير الحقّي [في طريق الحق] وعدم زواله إلى السير في طريق الباطل هو ذلك الشاخص الذي يتحدّث عنه هذا المقطع وهو الرسول الذي يقوم بوظيفة بيان الحق أوّلا وبيان طريق الباطل ثانياً ويضع لطريق الحق موازين اذا تمسك بها سائروا درب الحق لن يزولوا عنه بينما اذا تخلّوا عن ذلك ولم يتمسّكوا بها فإنّهم سيزولون عن الطريق الحقّي ويتجهون إلى طريق الضلال وينتهي بهم الحال الى السقوط في ظلمات الانحراف وتيه العقيدة.

وقد أولت الشريعة المقدسة أهميّة قصوى لإقامة الدين وجعل الحجّة، ولا نبالغ إذا قلنا بتواتر روايات إقامة الحجة في الأخبار والزيارات وغيرها من الموروثات الإسلامية وقد افردت لهذا الموضوع تصنيفات كثيرة واشبع البحث فيه وتم تناوله من جهات متعددة.

ومن أبرز ما ورد في الروايات أنّ الوجود قائم على وجود الحجة ولولا الحجّة ووجوده لساخت الأرض بأهلها ولما كان للدين بل وللدنيا استقامة وقيام وسير.

وقد سلط الشيخ الكليني الضوء في كتابه (الكافي) على أهميّة الحجّة وضرورة وجود الإمام الحجّة (عجل الله فرجه) ومما ذكره من تلك الأبواب:

١-أنّ الأئمة كلهم قائمون بأمر الله وأنّ الأرض لا تخلو من حجة ولو لم يبق في الأرض إلاّ رجلان لكان احدهما الحجّة.

٢-إنّ الأئمة هم أركان الأرض والشهداء على الخلق وأنّهم الهداة وولاة الامر وخلفاء الله تعالى ومما جاء من تلك الأحاديث:
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
((انّا لما اثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق ... ثبت أنّه له سفراء في خلقه ... يدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ... ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين لكي لا تخلو ارض الله من حجّة)).
وعنه عليه السلام أيضاً أنّه قال: (الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق).

و كذلك عنه (عليه السلام) قال:
((إنّ الأرض لا تخلو إلاّ وفيها إمام كيما إنْ زاد المؤمنون شيئاً ردّهم وإنْ نقّصوا أتمّه لهم)).

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
((والله ما ترك الله أرضاً منذ قبض آدم عليه السلام إلاّ وفيها إمام يهتدى به إلى الله وهو حجّته على عباده ولا تبقى أرض بغير إمام حجة لله على عباده))
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ وَاُقْصِيَ مَنْ اُقْصِيَ وَجَرَى الْقَضاءُ لَهُمْ بِما يُرْجى لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ))

بعد أنْ بينا في الفقرة السابقة أنّ هناك سنّة انشأها الجيل الأول بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسار عليها المتأخرون وهي سنّة الإقصاء واجتماع الأُمّة واصرارها على معاداة أهل البيت (عليهم السلام) وتقطيع رحمهم والاستحواذ على حقّهم و هذه الحقيقة لم تنعكس من خلال هذا المقطع من الدعاء وإنّما هي حقيقة واقعية تاريخية صوّرت بقلم جميع من كتبوا التاريخ.

وهنا يأتي دور العقل الواعي الذي يريد لنفسه وذاته الخلاص في أنّ يميّز بين طريقين فلابدّ أنْ يسلك احدهما، ولابدّ من المراجعة والتنقيب عن الأسباب التي دعت من كانوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لممارسة أشنع وأقبح الأفعال تجاه عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع تصريح القرآن الكريم على ضرورة احترامهم وتقديمهم وانّهم الميزان في اتباع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

والدعاء المبارك يعكس لنا صوراً من الممارسات المختلفة والمتعدّدة على أهل البيت (عليهم السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبطبيعة الحال فإنّ هذه الممارسات مع اختلافها لها درجات متفاوتة ونحتمل انه لم يعكس لنا الدعاء جميع هذه الممارسات ولعلّ الذي عكسه هو نسبة يستطيع الإنسان تصورها بينما أُخفيت نسب أُخرى من الممارسات لا يتصورها من يقرأ من المتأخرين عن زمانها فأُخفيت بقصد من أهل البيت (عليهم السلام) وتُركت إلى أو انها وحين إظهارها

إلاّ انّ هذا الذي وصل يعكس الحالة التي كان عليها خصوم أهل البيت (عليهم السلام) من كونهم أعداء حاقدين، فالتعدّي على أهل البيت (عليهم السلام) وإصرار الأُمّة على ازدرائهم والاستخفاف بهم وتصغير قدرهم مع اجتماع على هذا الأمر وتسالم عليه يداً بيد لكي لا يتهاون فيه أحد، ساعين بذلك إلى إيجاد حالة اجتماعية واضحة تجاه أهل البيت (عليهم السلام).

ولكن الغريب حقّاً في كلّ ذلك إنّه رغم الاقصاء والمقت وتقليل القدر و القتل والسبي والتنكيل نجد اليوم انّ اهل البيت (عليهم السلام) متربعون على القمّة في حبّ الناس لهم فضلاً عن المسلمين وبينما تجد الأعداء لم ينالوا إلاّ الخيبة والذكر السيء واللعن.

وفي المتون الحديثيّة نجد انّ الكثير من روايات أهل البيت (عليهم السلام) عكست لنا هذه الحالة:

فعن الإمام زين العابدين (عليه السلام) عند دخول المدينة بعد وقعة كربلاء قائلاً:
((والله لو انّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصية بنا لمّا زادوا على ما فعلوا بنا))

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث طويل عن أولئك الذين يتظاهرون بالصلاة و الصوم وغيرها من العبادادت مع اشرئباب القلب حقداً على أهل البيت عليهم السلام، فيقول:
((فلا تغرنّك صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم فانهم حمر مستنفرة)).

وعن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يتحدث عمّا جرى عليهم [أي أهل البيت عليهم السلام] فيقول عن شهر المحرم:
((فاستحلّت فيه دماؤنا وهتك فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا واضرمت النيران في مضاربنا وانتهب فيها من ثقلنا ولم ترعى لرسول الله حرمة في أمرنا))
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((وَالاُْمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقْتِهِ مُجْتَمِعَةٌ عَلى قَطيعَةِ رَحِمِهِ وَاِقْصاءِ وُلْدِهِ))

تتحدث هذه الفقرة من دعاء الندبة عن حالة الاعوجاج الفكريّ والعمليّ التي اصيبت بها الأمّة بعد شهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بانزوائها عن أهل البيت (عليهم السلام) وميلها بشكل كبير إلى أعدائهم.

وهذه الحالة لو كانت الأمّة قد وقفت عليها لكان الأمر هّيناً بعض الشيء، إلاّ أنّ نصوصاً كثيرة فضلاً عمّا يتحدث عنه هذا المقطع الندبي المبارك تعكس لنا حالة كست فيها الأمة بالقسوة والفضاضة والغلظة تجاه أهل البيت (عليهم السلام) إلى حد يصعب تصوّره في بعض الأحيان تجاه أمّة عاشت في كنف الرأفة والرحمة المحمدية لفترة زمنية طويلة.

و تصف لنا هذه الفقرة حالة الإصرار على مقت أهل البيت (عليهم السلام) و الاجتماع على قتلهم وتقطيع اوصالهم والتنكيل بهم واقصائهم وابعادهم واذلالهم والاستخفاف بهم.

و تصف لنا أيضا كل معنى من المعاني التي تعكسها الحالة الرذيلية التي اتّصف بها جمهور من المسلين بعد شهادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى وصفهم الدعاء المبارك في هذه الفقرة بانّهم مجتمعون على ما يفعلون من قطع رحم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتصغير عظيم منزلتهم ومنازعتهم واستعدائهم.

ومن اشدّ ما يُعكس روائياً في تصوير هذه الحالة ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قائلاً:
((كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نمشي في بعض طرق المدينة فلما خلا الطريق من المارة اعتنقني ثم اجهش باكياً فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يبكيك قال صلى الله عليه وآله وسلم ضغائن في صدور اقوام لا يبدونها لك إلاّ من بعدي أحقاد بدرية وترات أُحد قلت في سلامة من ديني؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم في سلامة من دينك)).
شرح نهج البلاغة 3: 272.

وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
((اللهم إنّي استعديك على قريش ومن أعانهم فإنّهم قطعوا رحمي وصغّروا عظيم منزلتي وأجمعوا على منازعتي أمر هو لي)).
شرح نهج البلاغة 9: 305.

فهذان الحديثان المؤلمان واللذان إنْ تدبّرنا بما وراء ظاهر الفاظهما لأنتقلت اذهاننا ورأت صوراً فظيعة ومشاهد مروّعة عمّا جرى على أهل البيت (عليهم السلام) و لا يمكن لذهن أنْ يتحمّلها تصوراً فكيف به تحملها واقعاً.

و في ختام الحديث عن هذه الفقرة من الدعاء لا نملك إلاّ أنْ نقول انّنا مما جرى عليكم متبرؤون ولما وقع من مسمي المسلمين متألمون وانّ كل نفس يخرج منا يحمل في طيّاته همّاً لما أصابكم و لعلناّ بذلك نكون قد واسيناكم ولو بعضاً من جليل ما رأيتم.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((وَجَعَلْتَهُمُ الذَّريعَةَ اِلَيْكَ وَالْوَسيلَةَ اِلى رِضْوانِكَ))


أما في اللغة فان الذريعة تأتي بعدة معان فقد تأتي بمعنى الوسيلة، وبمعنى العذر، وبمعنى الحجة، وبمعنى ما يستتر به، وبمعنى السبب إلى الشيء.

و أما في المعنى فأنّ هذا المقطع يحمل في طياته أبحاثاً كثيرة كبحث الوسيلة الى الله وبحث الشفاعة ومراتب القرب وبحث العصمة وغيرها من الابحاث التي يمكن أن يستفيد منها المتأمل في الدعاء ويسلط عليها الضوء ويبين أنّ هذه اثار لتلك المشارطة الكبرى (بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية).

بعد أن وقفنا على المعنى للذريعة والوسيلة فإذا رجعنا إلى أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) وادعيتهم نجدهم يستخدمون الذريعة و الوسيلة تارة للخطاب مع الذات الألهية وتارة للخطاب مع شؤون الذات الألهية وصفاتها.

و نجد ذلك في دعاء الإمام علي السجاد (عليه السلام) في يوم عرفة:
((أَللّهُمَّ إِنَّك أَيَّدْتَ دينَك في كُلِّ أَوان بِإِمام أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبادِك، وَمَناراً في بِلادِك، بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِك، وَجَعَلْتَهُ الذَّريعَةَ إِلى ‏رِضْوانِك، وَافْتَرَضْتَ طاعَتَهُ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَأَمَرْتَ بِامْتِثالِ ‏أَمِرِهِ، و َالاِنْتِهاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وَأَن لا يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَلا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ‏مُتَأَخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللاّئِذينَ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنينَ، وَعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكينَ)).

فالإمام السجاد (عليه السلام) يبين لنا في دعاءه في يوم عرفة حيثية كون أهل البيت (عليهم السلام) هم الذريعة والوسيلة ومفاتيح الأبواب وهم الامناء وهم (من أراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم) لان حبلهم قد أوصل بحبل الله ولان ما ترتب على تلك المشارطة التي قلنا انها مطلقة حيث كان زهدهم بالدنيا مطلقا فكانت الاثار التي جللهم الله سبحانه وتعالى بها مطلقة،

و في ختام هذا المقطع من الدعاء نجد أن لأهل البيت (عليهم السلام) مقامين :
١) مقام يستجلب من خلاله العبد كل شيء بمقتضى ذريعتهم الى الله سبحانه وتعالى.
٢) مقام اخر يستجلب من خلاله العبد رضوان الله وهو مقام وسيلتهم الى رضوان الله سبحانه و تعالى.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَريعَةً، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ اَوْصِياءَ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظ مِنْ مُدَّةٍ اِلى مُدَّةٍ))

١) تحدثنا هذه الفقرة المباركة من الدعاء عن أنّ هناك شرائع ومناهج جعلها الله سبحانه وتعالى للأنبياء (عليهم السلام) وأنّ هناك سنّة إلهيّة في كون هذه الشرائع بأجمعها تدفع الانسان وتجعله يرتقي من خلالها الى عبادة الله سبحانه وتعالى وتوحيده، وأنّ هذه السنّة الألهية في سوق العباد نحو المعبود لا انقطاع لها وانّها ظاهرة معيّنة وبارزة مبيّنة، لذلك يقف إلى جانب هذه السنّة سنّة أخرى وهي سنّة التخيّر والاستحفاظ فحيثما الشريعة والمنهج موجود فلابدّ للمستحفظ لها والوصي القائم بها من وجود وهذه هي الحقيقة فالنهج الواضح المستبين الذي يضيء لنا الطريق لابدّ أنْ يكون دائماً معيناً لا انقطاع له و هذا هو النهج الذي تخيّره لنا الله سبحانه وتعالى وجعله مستحفظاً بيد الأوصياء وعلى طول الزمان ومن مدة إلى مدة، فالاستحفاظ والذي يعني باللغة الحراسة والوكالة بالشيء والمواظبة والذبّ عنه إنّما هو سنة ينصّ عليها هذا الدعاء، لا تبديل عنها ولا تحويل.

٢) إنّ هذا المقطع بعد أن اثبت سننية الاستحفاظ وانه نهج إلهي متخيّر، يرشدنا أيضاً إلى أنّ هذه الحقيقة هي حقيقة قرآنية فالاشارات القرآنية إلى كون الشرائع لا تكون إلا بوجود هادٍ وقيّم واضحة بلا أدنى شك كما في قوله تعالى :
((إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)).
سورة الرعد/الأية ٧
أما في البعد النبوي لهذه الحقيقة، فيحدثنا حديث الاستحفاظ الثقليني والذي يربط الدين بتلك الحقيقة (القرآن والعترة) حيث جاء في الحديث المشهور عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): ((إني مخلف فيكم، ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله وعترتي أهل بيتي))
فنجد أيضاً الوضوح والصراحة في هذه الإشارات، فضلاً عن الإشارات او الصراحة في أحاديث نبوية أخرى، و فضلاً عن ان هذا المقطع يضع بأيدينا دليل حقانية ما يعتقده أهل البيت (عليهم السلام) من ضرورة ان يكون لكل نبي أوصياء حفظة، فإنّا وإنْ لم يضع الموروث التاريخي بأيدينا أسماءهم إلا أن هذا المقطع قد أرشدنا إلى حقيقة هذه القضية وانها أمر إلهي لا ينفك عن التشريع.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنيا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرجِها، فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الوَفاءَ بِهِ فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ العَلِيَّ وَالثَّناءَ الجَلِيَّ))

تتحدث هذه الفقرة من دعاء الندبة عن جملة من المطالب ذات أبعاد مختلفة نذكرها إجمالاً ضمن المحاور التالية:

١) الجانب الأخلاقي: و فيه تتحدث عن فضيلة الزهد والوفاء بالعهد وعن الرؤية الإلهية للدنيا وأن هذه الدنيا الموصوفة بأنها أدنى مراتب الوجود تمتاز بظاهر جميل براق مزخرف جذاب، يأخذ بالألباب ويصرف الإنسان عن باطنها الدني الذي يبعد المؤمن عن القرب الإلهي فيما لو اتخذها مستقراً، و انطلق منها لتحقيق الأهداف الضيقة، فهذه الجواذب تبعد الإنسان عن هدفه الأسمى و هو السمو الروحي والتعالي على زخرف وزبرج الدنيا.

٢) عالم الذر: حيث تتحدث هذه الفقرة عن عالم الذر والمشارطة مع الله سبحانه وتعالى قبل خلق الكون والمشار إليه في قوله تعالى:
((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا))
سورة الأعراف/الأية ١٧٢
فترشدنا هذه الفقرة إلى تلك الحقيقة المعرفية التي يجب الإيمان بها من أن ما ناله محمد وآل محمد وغيرهم من الرسل والأنبياء والعلماء وما رأيناه وسنراه من فضائل وكرامات إنما هو نتيجة لتلك المشارطة الملكوتية الإلهية التي حصل فيها اتفاق بين الذوات المقدسة بالتنازل عن هذه الدنيا وكل ما فيها من أجل دين الله ومن أجل الأخذ بالناس إلى الهداية.

٣) الجانب العقائدي : حيث تتحدث هذه الفقرة عن علم الله سبحانه وتعالى الكامل الشامل لكل شيء، حيث يعكس لنا مقطعاً عقائدياً في غاية الروعة في تصويره لعلمه سبحانه بالوفاء لأهل البيت (عليهم السلام) و الرسل و الأنبياء (عليهم السلام) بما شرطوا وعاهدوه تعالى.
والمقطع بمجمله وما يتحدث عنه يشكّل لنا لوحة فكرية عقائدية أخلاقية عن حياة أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الدنيا والعوالم التي سبقتها، لكي تعطي لمن يجهل بأهل البيت (عليهم السلام) جزءاً من حقيقتهم، ويصور له الحوار الذي دار بين رب العزة والجلالة وبين أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و الرسل والأنبياء (عليهم السلام) عن الدنيا وما فيها، وليس عن جزءٍ في هذه الدنيا أو منصب إذا ما قيس بما في الدنيا بأكملها لا يعدو قطرة في بحر، ومع ذلك فهم رفضوا كل الدنيا من أجل دين الله وهداية الناس، بينما نجدنا نحن نرفض الهداية والدين من أجل أحقر ما في هذه الدنيا.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((اَللّـهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤكَ في اَوْلِيائِكَ الَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدينِكَ، اِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزيلَ ما عِنْدَكَ مِنَ النَّعيمِ الْمُقيمِ الَّذي لا زَوالَ لَهُ وَلاَ اضْمِحْلالَ))

تشتمل هذه الفقرة من دعاء الندبة على جملة من المطالب التي ينبغي الالتفات إليها وعدم إغفالها و منها:

1) في القضاء والقدر: حيث تشتمل هذه الفقرة على بحثٍ في القضاء والقدر من حيث الاصطفاء والاستخلاص، فما يجري من القضاء والقدر على أولياء الله (عليهم السلام) إنَّما يكون من أجل دفعهم في سلّم الكمال, وهو قدرهم إذ أنهم سلّموا أمرهم لله تعالى.
وفي رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال لزيد بن علي (رضوان الله عليه): "وأمر الله يجري لأوليائه بحكمٍ موصول وقضاء مفصول، وحتم مقضي، وقدر مقدور، وأجلٍ مسمّى كوقت معلوم، فلا يستخفّنك الذين لا يؤمنون ((إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا))

2) في الإذعان لقضاء الله تعالى: حيث تبدأ هذه الفقرة بذكر الله تعالى وتنسب كلّ نعم الوجود إلى ألوهيته و هي في نفس الوقت تلزم الإنسان بأنّ يخضع منتهى ألوان الخضوع من خلال الحمد والتخضّع إذعاناً لتلك النعم وإيقاناً بأنّ كلّ نعمة صدرت وتصدر إنَّما هي من معدن ومنبع الإلوهية. والنفس المستخلصة والتي وقع عليها الاختيار الإلهي ترى أنّ ذلك يوجب الحمد وأنه في كلّ الأحوال لا يفرّق فيه بين سرّاء أو ضرّاء.
كما في حديث الإمام الباقر (عليه السلام) مع جابر بن عبد الله الأنصاري حينما سأله (عليه السلام) عن أحواله فقال جابر: "أحبّ المرض على الصحة والموت على الحياة والشيخوخة على الشباب, فقال له الإمام الباقر (عليه السلام): "أمّا أنا يا جابر فإنْ جعلني الله شيخاً أحبّ الشيخوخة، وإن جعلني شاباً أحبّ الشيبوبة، وإن أمرضني أحبّ المرض، وإن شفاني أحبّ الشفاء والصحة، وإن أماتني أحبّ الموت وإن أبقاني أحبّ البقاء".

ولذلك ينبغي أن يلتفت الإنسان المؤمن، إلى الإشارات اللطيفة التي يتضمنها هذا المقطع من سموّ النفس ورقيها وتهذيبها وإعطائها نوعاً من الدربة في الممارسات السلوكية نتيجة لما يتلقّاه ويحمله من تلك المعاني الخلقيّة التي تتولّد لديه من إذعانه كلّما اشتدّ به البلاء أملاً في استخلاص نفسه لنفس الباري وذوبان وجوده في دينه، و إن هذا السمو الرفيع هو النموذج الذي أمرنا بالاقتداء به والمتمثِّل بتلك المكارم التي إنَّما بُعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليُتمّمها في النفس الإنسانية.
Forwarded from دعاء الندبة
#دعاء_الندبة

((إِلى أَنِ اِنْتَهَيْتَ بِالأَمْرِ إِلى حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فَكانَ كَما انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ وصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ. قَدَّمْتَهُ عَلى أَنْبِيائِكَ وَبَعَثْتَهُ إِلى الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ))

في فقرات دعاء الندبة نندب الدين بدءا من اول مسير ديني متمثل بالنبي ادم (عليه السلام)وإنتهاءا بمولانا الإمام الحجة (عجل الله فرجه)
و في هذه الفقرة نتوقف بتفصيل جميل على اصطفاء و اختيار النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فهنا نقرأ عدة معان و حقائق منها :

١) إن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو خاتم الأنبياء و الرسل و نهاية الدعوة (ختامها مسك).
٢) إن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو سيد كل الخلق بمن فيهم الانبياء .
٣) إن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو افضل المقربين من الله (صفوة الصفوة) و افضل من وكله الله بمهمة الرسالة الخاتمة و التي لا يستطيع غيره حملها.

لذلك جعله الله سيد الانبياء و خاتمهم فقدمه عليهم و كانت حجته و رسالته و نبويته شاملة للجن و الانس سوية .
اي ان دينه دين كوني بكل ما في الكون و رسالته اليوم تحتضر لما دخل للدين من اهواء تتبع و زيغ القلوب و التحريف الا القليل ممن وفى لرعاية حقه بذريته.
و شاء الله ان ترجع رسالته سيدة الكون كما هو مقدر لها على يد مولانا صاحب الزمان (عجل الله فرجه).
#دعاء_الندبة

((وأودعتهُ عِلْم ما كان وما يكون إلى انقضاء خَلْقِك))

إن الله تعالى جعَلَ عند رسوله المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) وديعةً هي مِن أعظم الودائع.! لقد استودعه عِلْمَ "ما كان وما يكون" إلى انقِضاء خَلْقه، وميّزه "بالعِلْم الشامل" عن باقي أنبيائه.! حتّى أصبحَ الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) العالِمَ الوحيد الفريد الذي لا يُدانيه أحدٌ ولا يُعادله عالِم ولا يوجَد -في العَالَم- مِنه بَدَلٌ ولا له -في الخَلْقِ- مِثْلٌ ولا نظير فهو مخصوصٌ بالعِلْم الكامِل كُلّه من الله العليم القدير.
ولَمّا حَضَرَتْهُ ساعةُ الوفاة وآنَ موعِدُ رحيله الشريف استدعى إليه أخاه وحبيبه علي بن أبي طالب(عليه السلام) و أدناه مِن نَفْسه وضَمّه إلى صدره و هَمَس في أُذُنه وناجاه طويلاً.. وعندما سُئل: ما الذي أُوعِزَ إليكَ يا أبا الحسن؟
قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «علّمني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ألف باب من الحلال والحرام، وما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، كل باب منها يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، حتى علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب».
ولقد أودَعهُ ما استُودِع وعلّمَهُ ما عُلِّم وورَّثَهُ ما وُرِّث.. فصار مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) عَيْبة عِلمه وعَيْبة سِرِّه ووعاء فَهْمه وحِكْمَته، وتبعه على ذلك الأئمة مِن وِلده العُلماء المعصومون والخلفاء الراشدون، وآخرهم قائمهم (عجّل الله فَرَجَه) حتّى يُظْهِرَ علوم الله ويرفع "كلمة الله" لتكون العُليا فيُنَكِّس بِها ما دونها مِن كَلِمَاتٍ وافتراءات.
More