تابع / مِن فَضائِلِ شَهادةِ لا إلهَ إلَّا اللهُ📚وقال ابنُ القَيِّمِ : (ليس التَّوحيدُ مُجَرَّدَ إقرارِ العَبدِ بأنَّه لا خالِقَ إلَّا اللهُ ، وأنَّ اللهَ رَبُّ كُلِّ شَيءٍ ومَليكُه ، كما كان عُبَّادُ الأصنامِ مُقِرِّينَ بذلك ، وهم مُشْرِكون ، بل التَّوحيدُ يتضَمَّنُ مِن مَحَبَّةِ اللهِ ، والخُضوعِ له ، والذُّلِّ له ، وكَمالِ الانقيادِ لطاعتِه ، وإخلاصِ العِبادةِ له ، وإرادةِ وَجْهِه الأعلى بجَميعِ الأقوالِ والأعمالِ ، والمَنْعِ والعَطاءِ ، والحُبِّ والبُغضِ : ما يحولُ بَيْنَ صاحبِه وبَيْنَ الأسبابِ الدَّاعيةِ إلى المعاصي ، والإصرارِ عليها ، ومن عَرَف هذا عَرَف قَولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ((إنَّ اللهَ حَرَّم على النَّارِ من قال لا إلهَ إلَّا اللهُ ، يبتغي بذلك وَجْهَ اللهِ)) ، وقَولَه : ((لا يَدخُلُ النَّارَ من قال لا إلهَ إلَّا اللهُ)) وما جاء من هذا الضَّربِ مِن الأحاديثِ التي أَشكَلَت على كثيرٍ مِنَ النَّاسِ ، حتَّى ظَنَّها بَعضُهم منسوخةً ، وظَنَّها بَعضُهم قيلت قبل وُرودِ الأوامِرِ والنَّواهي واستقرارِ الشَّرعِ ، وحَمَلَها بَعضُهم على نارِ المُشْرِكينَ والكُفَّارِ ، وأوَّلَ بَعضُهم الدُّخولَ بالخُلودِ ، وقال : المعنى لا يَدخُلُها خالدًا ، ونحوَ ذلك من التَّأويلاتِ المُستَكرَهةِ.
والشَّارِعُ صَلَواتُ اللهِ وسلامُه عليه لم يجعَلْ ذلك حاصِلًا بمجَرَّدِ قَولِ اللِّسانِ فقط ؛ فإنَّ هذا خِلافُ المعلومِ بالاضطرارِ مِن دينِ الإسلامِ ، فإنَّ المنافِقينَ يَقولونَها بألسِنَتِهم ، وهم تحت الجاحِدينَ لها في الدَّركِ الأسفَلِ مِنَ النَّارِ ، فلا بُدَّ مِن قَولِ القَلبِ ، وقَولِ اللِّسانِ. وقَولُ القَلبِ يتضَمَّنُ مِن مَعرفتِها ، والتَّصديقِ بها ، ومَعرفةِ حَقيقةِ ما تضَمَّنَتْه مِنَ النَّفيِ والإثباتِ ، ومَعرفةِ حقيقةِ الإلَهيَّةِ المنفِيَّةِ عن غيرِ اللهِ ، المختَصَّةِ به ، التي يستحيلُ ثُبوتُها لغَيرِه ، وقيامِ هذا المعنى بالقَلبِ عِلمًا ومَعرِفةً ويَقينًا وحالًا ؛ ما يُوجِبُ تحريمَ قائِلِها على النَّارِ ، وكُلُّ قَولٍ رَتَّب الشَّارِعُ ما رَتَّب عليه مِنَ الثَّوابِ ، فإنَّما هو القَولُ التَّامُّ).
#يتبع📚#الموسوعـة_الـعـقـدية📚https://dorar.net/aqeeda/315