*لكن قبل إن نستخلص سوياً الدروس والفوائد من القصة نقف عند سؤال يتبادر لذهن القارئ وهو هل ادم كان نبى أم رسول؟؟ وما الفرق بين النبى والرسول؟؟*
👌الفرق بين النبى والرسول٠٠٠ *إن ا لنبي*: هو الذي يوحى إليه بشرع، ولكن لا يؤمر بتبليغ الناس، يوحى إليه يفعل كذا، ويفعل كذا، يصلي كذا، يصوم كذا، لكن لا يؤمر بالتبليغ، فهذا يقال له: نبي. أما إذا أمر بالتبليغ، فيبلغ الناس، ينذر الناس؛ صار نبيًا رسولًا، كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومثل موسى وعيسى ونوح وهود وصالح وغيرهم. أذن كل رسول نبى وليس كل نبى رسول
👌آدم ليس برسول، ولكنه نبي، فقد روى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة أن رجلًا قال: *يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مُكَلَّمٌ»*[صحيح ابن حبان برقم 1061]
👌ولكنه ليس برسول، والدليل قوله تعالى: *﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾* [البقرة: 213]، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: *«أَنَّ النَّاسَ يَذْهَبُونَ إلَى نُوحٍ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ*»[صحيح البخارى برقم 3340] وهذا نص صريح بأن *نوحًا* أول الرسل(تابع معى قصة نوح عليه السلام تفصيلياً)
وعلى ذلك يكون آدم أول الأنبياء بدليل الآية في قوله تعالى: *﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾* [البقرة: 37]، وقوله تعالى:*﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا*﴾ [طه: 115]، وغير ذلك من الآيات التي فيها إيحاء الله إليه، وليس هناك دليل صريح يدل على أنه رسول عليه الصلاة والسلام»
*فوائد من قصة آدم عليه السلام*
1- *إن هذه القصة العظيمة ذكرها الله في كتابه في مواضع كثيرة صريحة لا ريب فيها ولا شك، وهي من أعظم القصص التي اتفقت عليها الرسل، ونزلت بها الكتب السماوية، واعتقدها جميع أتباع الأنبياء من الأولين والآخرين، وما ذكره بعضهم من أن الإنسان كان حيوانًا قردًا أو شبيهًا بالقرد حتى ارتقى إلى هذه الحال الموجودة، هؤلاء اغتروا بنظرياتهم الخاطئة المبنية على ظنون عقول من أصلها فاسدة، وتركوا لأجلها جميع العلوم الصحيحة، خصوصًا ما جاءتهم به الرسل، وصدق عليهم قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾* [غافر: 83].
2- *فضيلة العلم، وأن الملائكة لما تبين لهم فضل آدم بعلمه عرفوا بذلك كماله، وأنه يستحق الإجلال والتوقير*.
3- *أن مَنْ مَنَّ الله عليه بالعلم عليه أن يعترف بنعمة الله عليه، وأن يقول كما قالت الملائكة والرسل: ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32]. وأن يتوقى التكلم بما لا يعلم، فإن العلم أعظم المنن، وشكر هذه النعمة الاعتراف لله بها، والثناء عليه بتعليمها، وتعليم الجهال، والوقوف على ما علمه العبد، والسكوت عما لم يعلمه*
4- *أن الله جعل هذه القصة لنا معتبرًا، وأن الحسد والكبر والحرص من أخطر الأخلاق على العبد، فكِبْرُ إبليس وحسده لآدم صيره إلى ما ترى، وحرص آدم وزوجه حملهما على تناول الشجرة، ولولا تدارك رحمة الله لهما لأودت بهما إلى الهلاك، ولكن رحمة الله تكمل الناقص، وتجبر الكسير، وتنجي الهالك، وترفع الساقط*.
5- *أنه ينبغي للعبد إذا وقع في ذنب أن يبادر إلى التوبة والاعتراف، ويقول ما قاله الأبوان من قلب خالص، وإنابة صادقة؛ فما قص الله علينا صفة توبتهما إلا لنقتدي بهما فنفوز بالسعادة، وننجو من الهلكة؛ وكذلك ما أخبرنا بما قال الشيطان من توعدنا وعزمه الأكيد على إغوائنا بكل طريق إلا لنستعد لهذا العدو الذي تظاهر بهذه العدواة البليغة المتأصلة، والله يحب منا أن نقاومه بكل ما نقدر عليه من تجنب طرقه وخطواته، وفعل الأسباب التي يخشى منها الوقوع في شباكه، ومن عمل الحصون من الأوراد الصحيحة، والأذكار القلبية، والتعوذات المتنوعة، ومن السلاح المهلك له من صدق الإيمان، وقوة التوكل على الله، ومراغمته في أعمال الخير، ومقاومة وساوسه والأفكار الرديئة التي يدفع بها إلى القلب كل وقت بما يضادها، ويبطلها من العلوم النافعة والحقائق الصادقة*.
6- *أن فيها دلالة لمذهب أهل السنة والجماعة المثبتين لله ما أثبته لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات كلها، لا فرق بين صفات الذات، ولا بين صفات الأفعال*
7- *إثبات اليدين لله كما هو في قصة آدم صريحًا: ﴿ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]. فله يدان حقيقة، كما أن ذاته لا تشبهها الذوات، فصفاته تعالى لا تشبهها الصفات»*