الخروج قبل القائم الحلقة 3
ذكرنا في الحلقة الأولى والثانية ثلاث روايات من الروايات التي تنهى عن الخروج قبل القائم وناقشناهما، وسنكمل في هذه الحلقة:
- الرواية الرابعة:
عن سدير قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : يا سدير الزم بيتك وكن حلسا من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار ، فاذا بلغك أن السفياني قد خرج ، فارحل إلينا ولو على رجلك.
والاستدلال من خلال هذه الرواية على عدم مشروعية الخروج قبل القائم يتوقف على أمرين:
- الأول: الغاء خصوصية سدير، وذلك بالقول أن الأمر في الرواية وإن كان موجهاً لسدير، لكننا نجزم بعدم وجود خصوصية لسدير، فنعمم الأمر بلزوم البيت والنهي عن القيام لجميع المكلفين.
- الثاني: أن الأمر بلزوم البيت وعدم القيام مع أحد دليل على عدم مشروعية كل الحركات التي تقوم قبل القائم بمختلف أصنافها.
فإذا تم هذين الأمرين معاً تم الاستدلال بالرواية، وإذا لم يتما أو لم يتم أحدهما فالاستدلال بالرواية على عدم مشروعية القيام غير تام.
والظاهر أن كلا الأمرين غير تامين:
- أما الأمر الأول: فلا يمكننا الجزم بعدم خصوصية سدير، بل يمكننا الاطمئنان بوجود الخصوصية له، وذلك حيث كان سدير - رغم تشيعه - كان عجولاً وسريع التأثر بالحركات المشبوهة، حيث روي عن سدير الصيرفي، قال: " دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: والله ما يسعك القعود. فقال: ولم يا سدير؟ قلت: لكثرة مواليك و شيعتك وأنصارك. والله لو كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) مالك من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عدي. فقال: يا سدير، وكم عسى ان تكونوا؟ قلت: مأة ألف، قال: مأة ألف؟ قلت: نعم، ومأتي ألف. قال: مأتي الف؟ قلت: نعم ونصف الدنيا.
قال: فسكت عني، ثم قال: يخف عليك ان تبلغ معنا إلى ينبع؟ قلت: نعم. فأمر بحمار وبغل ان يسرجا، فبادرت فركبت الحمار، فقال: يا سدير، ترى ان تؤثرني بالحمار؟
قلت: البغل أزين وأنبل، قال: الحمار أرفق بي. فنزلت فركب الحمار وركبت البغل فمضينا فحانت الصلاة، فقال: يا سدير، انزل بنا نصلي، ثم قال: هذه أرض سبخة لا يجوز الصلاة فيها، فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء، ونظر إلى غلام يرعى جداء فقال:
والله يا سدير، لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود. ونزلنا وصلينا، فلما فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء فعددتها، فإذا هي سبعة عشر. ".
الكافي 2/242.
وهكذا ما روي عن تأثره بحركة أبي مسلم الخراساني وعرضه على الإمام القيام معهم.
ومن المعلوم أن وجود احتمال الخصوصية يكفي لعدم إمكان الغاء الخصوصية، فكيف ونحن نطمئن بوجود الخصوصية لسدير؟!
لذا، فالأمر الأول غير ثابت.
- الأمر الثاني: حتى لو سلمنا بعدم وجود خصوصية لسدير وأن النهي عن القيام عام، فهل النهي يدل على عدم مشروعية كل قيام؟
وللإجابة عن ذلك يمكن القول أن الأمر بعدم القيام شيء، ومشروعية القيام أو عد مشروعيته شيء آخر، فقد يكون القيام مشروعاً لكن لبعض المصالح لا يأمر الإمام بالقيام معه، أو يأمر بعدم القيام معه، ولا يضر ذلك بمشروعية نفس التحرك.
وهنالك عدة شواهد على ذلك، من ضمنها حركة زيد الشهيد، فرغم مشروعية تحركه إلا أن الأئمة لم يأمروا بالخروج معه.
والنهي الوارد في هذه الرواية لو كان نهياً عاماً كما هو مقتضى لسان الرواية، فهو يشمل راية الخراساني واليماني أيضاً، مع أنهما قطعاً رايات مشروعة، ومن هنا يتبين عدم تمامية الأمر الثاني أيضاً.
وبهذا يتبين عدم تمامية دلالة الرواية عدم عدم مشروعية القيام قبل القائم.
تمت مشاركته بواسطة: بوت تذكرة مهدوية
@Alnashirmahdawi2bot