وسط عالَمٍ يضجُّ بالمشاهير وآلافِ الذين يتابعونهم ويجرون وراءهم دون عقلٍ وفطنة أن تملك زمام نفسك عن كل صيحةٍ وهبّةٍ جديدة و تترفع عن كل السفاسِف وتهجرُ القيل والقال وما يتناكفُ عليه البشر من مواضيعَ لا تُسمنُ ولا تُغنِ من جوع أن تزاحم الوقت وتعلم أنّك ما جئت هنا إلا لتؤدي رسالتك وترحل لا لتتسلى وتسرح وتمرح أن تجاهد وتظل تسعى للأمور السامية والشؤون العالية للمعارف والعلوم والأفكار السامِقة وكلّ ما يرتقي بروحك نحو العِزة والمجد أعلم أنه ليس بالأمر اليسير والله! وأنّ الجهاد عظيم لاسيما إن كُنت في بيئةٍ لا تُشبهك ولا تتماشى مع أفكارك وطموحاتك لكن حسبُك أن تثبت على ما أنت عليه وحتمًا سيُسخر الوهاب لكَ أشباهك.
ربما الطريق شاق لكن الله في آخره.. ربما الحياة صعبة لكن الصعب الرضا يغلبه، ربما الحلم بعيد، لكن الإيمان يُقربه، رُبما الأيام ثقيلة لكن فيها الذي من أجل الخير نأمله، ربما التعب زاد، والصبر قلّ، والشغف كاد ينعدم، وكآبة المنظر تغلب على كل المشاهد
لكن يُهونها أنها دار ممر ليست مستقر وأن لنا عمّا قريب نعيمًا لا يزول أبدًا، فصبرًا على الدنيا، وأملاً في الجنة، فغدًا نضحك على ما فات غدًا يوفي الله الصابرين، والذين آمنوا وأحسنوا عملًا.
"يُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا مِن أَهْلِ الجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسُ قَط، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَط" (صحيح مسلم).