صباح الخير يا أمي أنا المتعبة وهؤلاء إخوتي نرُى وحيدين غارقين نصفعكِ بالشوق لعلكِ تستفيقين تعلمين أن فوضويتنا لا تستقر إلا بك لكنكِ رحلتِ و علمكِ الموت النكران
أنتِ يا أمي التي لا يحدكِ شيء لم نعد نعرفنا بعدكِ، بذواتنا التالفة نتقبل الثقب في أرواحنا وعلى اتساع تشوهنا عُرفنا أننا مهددون دومًا بالهبوط وسط سهام الأقدار لأننا فقدنا درعًا كقلبك 💔
الحديث عن الأمومة حديثٌ ذو شجون، تتذوّقه القلوب لقربه منها، وفي جعبتي مزيدٌ من تلك المعاني، التي أكتب بعضًا منها للتفكر، وبعضًا للجمال والدفء، ولست أوفي القضية حقها، فهي عصيّةٌ على الوصف كالحب والألم، إذ لا يدرك حقيقته إلا من ذاقه
في الحمل أدركتُ كم هو مؤلم أن تغيب وأنت حاضر، كنت أعشق الخلوة، أن أترك الناس وأجلس مع ذاتي، لكنني الآن لست مع الناس ولست مع ذاتي، فأين أنا؟! أطوي الأيام باحثةً عن نفسي ولا أجدها، ربما على الأم أن تعيش مرحلة من الزمن تتذوق فيها مرارة الضياع؛ لتجد لذّة الوجود في نبض جنينها الذي يصارع من أجل الحياة .
في مدينة صنعاء التي تمتاز بالبساطة المُلقاة على أرصفتها ألف وثيقة سلام الممتلئة بالجروح الغائرة وقصص الحُبِّ الموءودة المكتظّة بالصفقات الفاشلة والأخطاء الطبية وهتافات الساسة المتشبثين بأنصاف الوطن لنْ تنسينا كل تلك الآلام بأنَّ صنعاء أكبر من ذلك بكثير صنعاء دوواين الكرم وطيرمانات الجمال السلته والملوج والفول والشاهي الأحمر والندى والضباب والمطر والكفاح لأجل لقمة العيش وأصوات البائعين في الصباح الباكر صنعاء هي الوجهة التي تؤدي إليها كل الدروب وإن كانت في الحقيقة مقطوعة السُبل هدمت الحرب كل عنوانٍ يُرشد إليها !
مرّة واحدة في العمر تمرُّ بحياة الرجل امرأة لا تُنسى إمرأة يُستحال شطبها من الذاكرة إمرأة غير قابلة للسرد بنص أو قصيدة إمرأة أبلغ من اللغة وأعمق من الإختصار !
لدي عاطفة كبيرة الآن ليست لأحد بعينه جميعكم أحب جميعكم لا أتمنى أن يصيبه مكروه ولا أريد أن يأتيه وجع جميعكم أتمنى أن يصله الكثير من هذه العاطفة والكثير من السعادة التي يريد.
ولمرة واحدة في العمر يقف الإنسان بجوار أحدهم ولا يودُّ التحرك ولو فاته العالم بأكمله ليشعر بأنّه في مكانه الصحيح .. فالحمد لله الذي جعله من بين جملة الرجال أنيسًا ونصيبًا لي يقاسمني الوقت ويشاركني اللحظة، وجعل في فؤاده مودةً لقلبي، شريكًا للعمر والفرحة، ورفيقًا للأوقات الصعبة، سندًا وكتفًا لا يميل ولا يخون، عونًا وحُبًا لا يشيب حتى المشيب بُوركت فاتحة العمر معه وبورك مسعى سرناه سويًا فاللهم كما أنعمت فزد وكما زدت فبارك، واجعلنا لك كما تحب وترضى .
كنت أتساءل دومًا عن الكيفية التي يُخدع بها المنطق ،ويراوغ فيها المرء أفكاره كأن يقنع شخص نفسه مثلًا بأنَّ المشي تحت المطر يحثُّ على النمو، وأن بعض الملابس نذير شؤمٍ بمجرد التفكير بارتداءها ، النظر للنجوم يعرضك للنسيان "والتدخين" ليس ضارًا بالجسم ، هو يعلم يقينًا أنَّه على خطأ ولكنّ المراوغة الذهنية تلعب دورًا أساسيًا في قلب الحقائق ، وتغيير الموازين وليس ذلك فقط بل وحتى استدراج الشك إلى كمين الحقيقة ! فماذا لو استخدمنا تلك الحيلة في حياتنا اليومية كقاعدة نلجأ إليها عند انعدام الحلول ،نتعامل بانسيابية مفرطة مع كُلِّ مانقابله ، أوجاعنا ، مشاكلنا في العمل ، هزائمنا العاطفية ،نجزئ الإشكاليات ونأخذ الأمور على محمل البساطة ، فالحياة تصبح أفضل فقط عندما لا نهتم ، أي عندما لا نعطي بعض المواقف أكبر من حجمها ، والسعادة الحقيقية تكمن في التغاضي والتنازل الذي يصاحب بعض الترهات التي نعتناها يومًا بالخطوط الحمراء .
أدركت في وقت متأخر من هذه الحياة أن معظم المعارك التي خضتها مع نفسي لم تكن سوى أحداث هامشية أشغلتني عن حياتي الحقيقية أدركت ذلك عندما تأكدت أن الأشياء دومًا مهددة بالغياب وأنني ذات يوم كنت هناك في ذلك المكان حيث لن أكون أبدًا مرةً أخرى !
مررتِ اليوم بخاطري، فانشلتيني من عمق الإنطفاء، وأنار وجهكِ شغفي المُتعب،فاحتضنت قلمي لأكتب لكِ مجددًا، عزيزتي كيف حالك؟ آمُل أن لا تكوني مثلي بلا حال، وأتمنى أن لا تكوني حالكة الظلمة كقلبي، إنني أبحث في حذائي عن الطريق،فمذ كبرت وأنا ضائعة، أبحث خلف الستارة عني وتحت الحصى ولا أجدني ! أبحث في خزانتي الخالية إلا من الفراغ، أبحث في المستقبل ولا أجدني.. كيف يضيّع المرء نفسه يا عزيزتي ؟!
كيف يبكي الماضي بلا دموع ويبلل اسمي ، كيف تتشبثُ الآلام بي،وخطوةً خطوة تمشي على صدري، كأنني طريقٌ من الإسفلت المصنوع على عجل، هشًا للغاية وخالٍ من تكلفة الوقت.. إنني مليئة بالندوب يا صنعاء ، ومتخمة بالأَلم وأشياء كثيرة لا أحد يعلمها ، لكنني أصبحت كبيرةً بالقدر الكافي لأتقن الكتمان ، تعلمت منكِ قوة التحمل، فحملت على كتفيّ أحلام جيلٍ كامل.. عزيزتي الباقية في ذاكرتي دائمًا، آمُل أن لا تُصبح رسائلي الدائمة إليكِ مرهقة، وأتمنى أن لا تصفينني بالنّواحة لكثرة بؤسي، فأنا لا أفتقدكِ أنتِ، أنا أفتقدنا معًا💔.
أحمل في هذا النص جميع أمتعتي وكأنها الرحلة الأخيرة من هذا التفريغ والهرب إلى هنا لم يعد لديَّ ما أكتبه ولا أجيد ذلك على أيّة حال ستعطل القناة إلى ما الله به عليم شكرًا للجميع وإلى اللقاء .