لا يذهبن بحلمك الطيش، فترخي طِوَلَكَ للدعة وخفض العيش، فإن الفتى لا يزال مؤملا فيه خير حتى يخِف، فإن خف ضاع وأضاع، وصار بين الكرام من سقط المتاع، وهانت عليه البوائق والحرمات، وتمرغ في حمأة البطالة والملذات، فتراه عن ربه وما افترض غافلا، وعن الرشاد والهداية مائلا، يثّاقل عن الخيرات كأن على ظهره ألف شيطان، وانحط عن رتبة المرتضين من عباد الرحمن، ثم ما يلبث أن يصير في عداد أولي الرجس والعصيان، وقد كان علما بين الأخيار المصطفين، فأركس بما صنعت يداه ووكله الله إلى نفسه، ومن صانع التدلي ولم يحفز نفسه للترقي أوشك أن تهوي به نفسه في المهوى بعد المهوى، وتأمل قول الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ.. } ثم انظر أليس من اقتفى جرّة سائر وأثره وصل حيث وصل؟، ولا نجاة يومها ولا خلاص، إلا أن يتدارك الله برحمته! ، وقد جرت سنة الله الماضية ألا يظل إنسان في مكانه أبدا، قال جل وعز {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}، وانظر أترى بين التقدم والتأخر مرتبة وسطا؟، لا! من قاوم التدلي يوشك أن يهوي (يتأخر) ومن حاول الترقي سلم وغنم (يتقدم)، فتقدم يا ابن أخي ولو بتسبيحة أو تهليلة تزيد نفسك في يومها الحاضر خيرا عن نفسك في أمسك الغابر فإن الحسنة تجر أختها وزاحم غفلاتك بالخير والهمة تزحمها إن شاء الله وتفلح وتذكر قولهم (المغبون من تساوى يوماه)
#امرؤ_العرب