والآن مرة أخرى، مرة لن تكون الأخيرة، أقرر أن اكتب، بجانبي كثيرٌ من الأوراق الفارغة، وصدرٌ ممتلئٌ بالشجن. إن الذي يكتب مرة واحدة يصاب باللعنة، تلاحقه الحروف في كل مرة يحاول الفكاك.
أحببت الكتابة يومًا، وأنا بالأصل سريعة التعلق، يصعب على قلبي التجاوز. أحببتُ الخرطوم كذلك، وكل الطرق التي كانت تقودني إلى المنزل.
الغياب عذاب العاشقين الكبير، كم هو صعب التصالح مع فكرة الغياب، والرضا بواقع لا يؤمن برفاهية اللقاء.
اريد ان أكتب، أن أملأ جميع الأوراق لتهنأ بالحبر، أريد لقلبي الذي الذي أنهكه الركض أن يستريح، أن اتوقف عن التفكير، أن أكف عن الحزن ولو لدقائق.
سأجرب ثانيةً أن أداري جراحاتي بالكلمات، أن أقرأ كثيرًا من الحكايات الحزينة والسعيدة، حتى تلك الحكايات التي قرأتها من قبل؛ سأقرأها جميعها، علّي أجد فيها سطرًا يواسي آلامي، سأبحث دائمًا عن قصة وطنٍ عانى من التصدعات ثم التئم، وقصصٌ أخرى لاناسٍ عادوا إلى الديار، بعد عذاباتٍ وعناء.
اليوم قررت ان أبكي بالحبر، سأبكي كذلك رجلًا كان حبيبي، ثم رحل، رجلًا كان يحبني، بقدر ما يستطيع رجل قاسٍ ومهمل مثله أن يحب.
سأبكي كذلك كل الصباحات التي التي ضاع فيها عناق صديقاتي الحنونات.
سأبكي الأيام التي تمر فوق جراحاتي دون اكتراث. اليوم سأكتب كما لم أكتب من قبل، وسأقرأ كما لم أقرأ من قبل، سأخرج من صدري كل الأحزان، وسأتفرغ بعدها للضحك والحياة.
#الاء_مالك