عْظَمَ اللهُ أُجُورَنا وأجوركم بِمُصابِنا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَجَعَلَنا وَإِيّاكُمْ مِنَ الطّالِبينَ بِثارِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الإمامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد عَلَيْهِمُ السَّلام.
تفاني أهل بيت الحسين وأصحابه فيه
قال الشيخ المفيد في
الإرشاد (٢/ ٩١):
فَجَمَعَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَصْحَابَهُ عِنْدَ قُرْبِ اَلْمَسَاءِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ زَيْنُ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:
فَدَنَوْتُ مِنْهُ لِأَسْمَعَ مَا يَقُولُ لَهُمْ وَأَنَا إِذْ ذَاكَ مَرِيضٌ فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ:
أُثْنِي عَلَى اَللَّهِ أَحْسَنَ اَلثَّنَاءِ وَأَحْمَدُهُ عَلَى اَلسَّرَّاءِ وَاَلضَّرَّاءِ.
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمَدُكَ عَلَى أَنْ أَكْرَمْتَنَا بِالنُّبُوَّةِ وَعَلَّمْتَنَا اَلْقُرْآنَ وَفَقَّهْتَنَا فِي اَلدِّينِ وَجَعَلْتَ لَنَا أَسْمَاعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَاجْعَلْنَا مِنَ اَلشَّاكِرِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ أَصْحَاباً أَوْفَى وَلاَ خَيْراً مِنْ أَصْحَابِي وَلاَ أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ وَلاَ أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَجَزَاكُمُ اَللَّهُ عَنِّي خَيْراً، أَلاَ وَإِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّهُ آخِرُ يَوْمٍ لَنَا مِنْ هَؤُلاَءِ.
أَلاَ وَإِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَانْطَلِقُوا جَمِيعاً فِي حِلٍّ لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنِّي ذِمَامٌ، هَذَا اَللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلاً.
فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ وَأَبْنَاؤُهُ وَبَنُو أَخِيهِ وَاِبْنَا عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ:
لِمَ نَفْعَلُ ذَلِكَ؟!
لِنَبْقَى بَعْدَكَ!! لاَ أَرَانَا اَللَّهُ ذَلِكَ أَبَداً.
بَدَأَهُمْ بِهَذَا اَلْقَوْلِ
اَلْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَاِتَّبَعَتْهُ اَلْجَمَاعَةُ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمُوا بِمِثْلِهِ وَنَحْوِهِ.
فَقَالَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:
يَا بَنِي عَقِيلٍ حَسْبُكُمْ مِنَ اَلْقَتْلِ بِمُسْلِمٍ فَاذْهَبُوا أَنْتُمْ فَقَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ.
قَالُوا: سُبْحَانَ اَللَّهِ فَمَا يَقُولُ اَلنَّاسُ؟
يَقُولُونَ: إِنَّا تَرَكْنَا شَيْخَنَا وَسَيِّدَنَا وَبَنِي عُمُومَتِنَا خَيْرَ اَلْأَعْمَامِ وَلَمْ نَرْمِ مَعَهُمْ بِسَهْمٍ وَلَمْ نَطْعَنْ مَعَهُمْ بِرُمْحٍ وَلَمْ نَضْرِبْ مَعَهُمْ بِسَيْفٍ وَلاَ نَدْرِي مَا صَنَعُوا!! لاَ وَاَللَّهِ مَا نَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَكِنْ نَفْدِيكَ أَنْفُسَنَا وَأَمْوَالَنَا وَأَهْلِينَا وَنُقَاتِلُ مَعَكَ حَتَّى نَرِدَ مَوْرِدَكَ
فَقَبَّحَ اَللَّهُ اَلْعَيْشَ بَعْدَكَ [يا أباعبدالله].
وَقَامَ إِلَيْهِ
مُسْلِمُ بْنُ عَوْسَجَةَ فَقَالَ:
أَنُخَلِّي عَنْكَ وَلَمَّا نُعْذِرْ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي أَدَاءِ حَقِّكَ!
أَمَا وَاَللَّهِ حَتَّى أَطْعَنَ فِي صُدُورِهِمْ بِرُمْحِي وَأَضْرِبَهُمْ بِسَيْفِي مَاثَبَتَ قَائِمُهُ فِي يَدِي.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي سِلاَحٌ أُقَاتِلُهُمْ بِهِ لَقَذَفْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ.
وَاَللَّهِ لاَ نُخَلِّيكَ حَتَّى يَعْلَمَ اَللَّهُ أَنْ قَدْ حَفِظْنَا غَيْبَةَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِيكَ.
وَاَللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنِّي أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَى ثُمَّ أُحْرَقُ ثُمَّ أُحْيَى ثُمَّ أُذْرَى يُفْعَلُ ذَلِكَ بِي سَبْعِينَ مَرَّةً مَا فَارَقْتُكَ حَتَّى أَلْقَى حِمَامِي دُونَكَ، وَكَيْفَ لاَ أَفْعَلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ قَتْلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ هِيَ اَلْكَرَامَةُ اَلَّتِي لاَ اِنْقِضَاءَ لَهَا أَبَداً.
وَقَامَ
زُهَيْرُ بْنُ اَلْقَيْنِ اَلْبَجَلِيُّ رَحْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ:
وَاَللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ حَتَّى أُقْتَلَ هَكَذَا أَلْفَ مَرَّةٍ وَأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ بِذَلِكَ اَلْقَتْلَ عَنْ نَفْسِكَ وَعَنْ أَنْفُسِ هَؤُلاَءِ اَلْفِتْيَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
وَتَكَلَّمَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ بِكَلاَمٍ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ فَجَزَّاهُمُ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَيْراً، وَاِنْصَرَفَ إِلَى مِضْرَبِهِ.
📌https://t.center/almousavi_com