بدأتُ قراءة كتاب الإمام عليّ في محنه الثلاث للدكتور علي شريعتي .. وللأمانة لا زلتُ منبهرة جدًا بالنظرة العامة للكتاب وبشخصِ الدكتور نفسه إذ أنّهُ استطاع تسليط الضوء بدقّة على المعاني المطروحة في بداية الكتاب .
النظرة العامة للإنسان نفسه نظرة خالدة غير مؤطرة وقادرة على خلق الإبداعية في الإنسان قبل توظيفه ووضعه في مكانٍ ما .
أحببت نساق المقارنة بين الخدمة والإصلاح للإنسان والترابط القيمي بين معرفة قيمة الحياة التي تجعل من الإنسانِ إنسانًا لا العكس وهذه ليست فلسفة نابعة من تصوّر فكري بسيط بل منهاج حقيقي يجعل من المرء متميزًا بكينونته.
استذكرتُ عندما تعرّضتُ لسؤال لماذا اخترتُ تخصصي رغم نفوري منه وأعتقد أن فلسفة الكتاب استطاعت إشباع الإجابة بشكل كافي ؛ إذ أنّ العلوم الحديثة التي نحن مضطرون لدراستها تسعى لتسهيل قدرات الإنسان بينما ينبغي أن يتم بناء الإنسان لإنشاء قدراته فيستطيع أن يكون مقتدرًا وإنسانًا ، لأن السّاحة العلميّة الحديثة باتت مليئة بالمقتدرين لكن ينقصها الإنسان نفسه من حيث فطرته وسجيّته نفسها .
أحد المفاهيم الموجودة في الكتاب ركزت على أن الوحدة تخلُق الفنّ والغُربة ؛ فنتاج التفكير بعيدًا عن الصخب هو الحقيقة التي نُمارسُ تغطيتها في ظلِّ ضجيجِ العالم، والغربة سببها الحقيقي أنّهُ يعرفُ عند كلِّ وحده أن بيده فعل الكثير لكنه مقيد وأيضًا شعور إنسانيّ بحت تبعًا لأنّ الحياة هنا ليست مُستقرّ .
أعتقد أن من إنجازاتِ الثورة الإسلاميّة في إيران أنّها امتلكت الفكر العلويّ الراقي الذي تميّز به الدكتور علي شريعتي في تلك المحطة الحساسّة ، بما خلقهُ هو من نظرة بناء وتغيير سليمتين ويصبّانِ على مصبِّ التربية الإنسانيّة قبل كل شيء .
الكتاب رهيب جدًا وأنصح الجميع بقراءته ، أُفُقُهُ واسع للغاية .
التاجر الذي يعرف قيمة بضاعته ونفاستها لا يعبأ بمن يساومه فيها ويهدده بتجاوزه إلى غيره من أصحاب البضائع الرديئة. وكذلك أصحاب المبادئ والقيم لا يستفزهم قول السفهاء: "سيتجاوزكم الناس والزمن إن لم تتنازلوا عن قيمكم".
إنَّ الأعداء يخططون يومياً لتدمير بلاد المسلمين، وفي كل يوم تتفتَّق قريحتهم عن أسلوب ماكر لتمزيق وحدة المسلمين واستعمار بلادهم، فهم يطبقون الآن التمايز الطائفي في المنطقة وبصورة صلفة ووقحة.
فالاستعمار يخطط لمؤامرة كبرى من أجل فرض سيطرته في المنطقة، ويتَّبع شتَّى الأساليب ابتداءً من إفساد الشباب بواسطة وسائل الاعلام، ومروراً بالقواعد العسكرية والأمنية في المنطقة، وانتهاءً بالمواجهة الصريحة ودعم وإسناد الإرهابيين والتكفيريين. فما هو اذاً موقفنا حيال هذه المؤامرات كلها؟
إننا بالطبع مسؤولون عن كل ما يحدث ويحل بنا، نحن مسؤولون عن شبابنا وصحتنا وأموالنا ووقتنا. والله عزَّ وجل سيسألنا عن كل ذلك ويستجوبنا يوم يقوم الاشهاد. فنحن لم نأت إلى الدنيا إلَّا من أجل ترويض انفسنا على عمل الخير وتربيتها وتزكيتها، ومن ثم الدخول في ساحة العمل وبشكل جديّ من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض.
بن غفير بعد أن قدم استقالته إثر انتقاده الشديد للصفقة وإخراج الأسرى الفلسطينيين سيُشرف شخصيًا على صفقة تبادل الأسرى في المرحلة الأولى كآخر مهمة موكلة إليه ..
أكثرَ ما لفتني بالحاضنة الشعبيّة لحركة حماس الإخلاص في العمل .. للأمانة لم أجِد من أتقنّ العمل ولم يتهرّب من الموقفِ مثل موظفيّ حكومة غزّة وقطاعها !
عندما كان المجاهدين أبطال كان أبناء الدفاع المدنيّ أبطال ودكاترة وأطباء وممرضيّ المستشفيات أبطال وصحفيي وإعلامييّ القنوات أبطال
مجتمعهم مجتمع راقٍ للغاية يعرفُ قيمة الموقف ، يعرفُ قيمة الأرض ، يعرف موقفه ، يعرفُ ما الذي ينبغي عليه أن يفعله وما الذي ينبغي عليه أن يتركه ، النسيج الاجتماعي لحاضنتهم مُبهرة للغاية ..
ورغم أن هذا نتاجٌ طبيعي لقطاعٍ مساحتهُ صغيرة وعددُ سُكانه مليونين رغم هذا تبقى الحقيقة أن هذه أيضًا تربية ذاتية وقيمة تربوية موجودة لدى هذا المجتمع وتلاحم إيماني وتفويض مطلق للمقاومةِ في أرضهم .
الآن يعودُ مذاقُ الأشياء التي غابت .. الآن تنقضي المُدّةُ المُضنية .. الآن نتنفّس الصعداء .. الآن نأخذُ فاصلًا لنواصل بعدها حتى إزالةِ إسرائيل .. الآن فقط نحتسي القهوة على شرِف انتصارِ المقاومة .. صباح الخير جدًا .