#المعروف_والمنكر تمرّ بالانسان مشاهدات منها ما يسمع ومنها ما يبصر ومنها ما يختمر في عقله بالفكر أو يتلوّن في قلبه بالحسّ. تمرّ عليه الامور ويمُرّ عليها فيعلق منها به أشياء ويتعلق منها بأشياء. ثم بعد حين، تظهر آثار المشاهدات الباقيات فيعرف منها وينكر ويأخذ منها أو يؤخذ بها. وقد لا يدري اين أبصر هذا أو ممن سمع هذا...لكن الآن عليه أن يغربل الجعبة ويميز الخبيث من الطيب. إن الخبيث كشجرة السوء؛ إن تُركَت أتت على الماء والمرعى من حولها وخِيفَ على جيرانها منها، وإن ترعرعت لا ظل لها ولا ثمر. ألا إن شجيرة السوء منكرة يعرفها كل انسان وإن الشجرة الطيبة معروفة لا ينكرها احد من الناس إلا جاهل لا يعلم أو خبيث لا يصدُق أو مجنون لا يعقل. وأكثر الناس يتخذون فيما يشاهدون ويسمعون اما رؤوسًا جهالًا أو شيوخًا خرّاصًا أو مجانين خبّالًا. الناجي منهم هو العاقل. والعاقل هو من مرّ بالمعروف فأقامه وأرشد إليه ومن تعثر بالمنكر فدعسه وخذّل عنه. وقد صار هذا جهدًا ثقيلًا: أن تعرّف الخبيث والطيب. ليس لأن المعروف اندثر أو أن المنكر انتشر (وفي هذا بعض الحق!) بل لأن الامور اختلطت والروافد امتزجت وصار الجو رماديًا. والحق أن الرمادي هو أحد درجات الاسود وليس من الأبيض في شئ. الخلاصة: المعروف والمنكر واضحان بذاتهما وإنما هو الجهل أو التخابث أو الجنون أو إتباع احدهم.