دروس من هدي القرآن الكريم
🔹معرفة الله – نعم الله – الدرس الثالث
🔹ملزمة الأسبوع | اليوم الأول
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 20/1/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
ما يزال الكلام حول موضوع نعم الله العظيمة على الإنسان، نعم الله علينا، قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (غافر:65).
إتماماً للموضوع الذي ذكرناه بالأمس، عدة آيات من كتاب الله الكريم تتحدث عن نعم الله الواسعة، نعم الله الواسعة التي تشمل كل شيء يتقلب فيه الإنسان في هذه الدنيا، تشمل كل ما يشاهده في هذه الدنيا، لأن الله سخر للإنسان ما في السماوات وما في الأرض، فتسخيره سبحانه وتعالى للإنسان ما في السماوات وما في الأرض هو من نعمه العظيمة أيضاً.
عـرفنـا علاقـة التذكيـر بالنعـم بمعرفـة الله وتأثيرها الكبير في خلق معرفة واسعة لدى الإنسان بربه، وتأثيرها العظيم في وجدانه، بحيث ينشد إلى إلهه فيحبه ويعظمه، ويشعر بعظيم إحسانه عليه فيشكـره. ونلاحـظ أن مـن العجيـب أن الله سبحانـه وتعالى - وهو أكرم الأكرمين - هو من ذكَّر الإنسان في القرآن الكريم بنعمه الواسعة عليه، وتمنن عليه بما أسبغ عليه من نعمه، وطلب منه أن يذكرها ويتذكرها كنعم منه تعالى عليه.
في الوقت الذي نجـد أن هـذا غيـر مسمـوح للإنسان نفسه فيما يتعلق بالإنسان الآخر أي فيما بين الناس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} (البقرة: من الآية264) الإنسـان الـذي يعـطي إنساناً آخـر لا يجـوز لـه أن يمـنَّ عليـه بمـا أعطى فيظل دائماً يذكره بأنني فعلت لك كذا، وأنا أعطيـتك كـذا، وأنا عملت لك كذا، هذا يبطل أجر الصدقة، بل يتحول الموضوع إلى معصية. فلماذا؟ ما هو الفارق؟
الله يتمنن علينا بنعمه، ويعددها علينا، ويذكِّرنا بها، ويطلب منا أن نتذكر ما أنعم علينا به، وفيما بيننـا إذا ما أعطـى أحـدٌ أحـداً لا يجوز له أن يمنَّ عليه بما أعطى، ولا أن يعدد نعمه عليه، ولا أنا فعلت لك كذا، وكذا.. إلى آخره؟ الفارق كبير جداًَ.
النعم التي يسديها الله سبحانه وتعالى للإنسان لها علاقة كبيرة بمجالات متعددة: فهي من جهة من مظاهر قدرة الله سبحانه وتعالى، وهي من جهة أخرى من مظاهر حكمة الله تعالى، وهي من جهة أخرى من مظاهر رحمته تعالى، وهي أيضاً مـن دلائل رعايته تعالى للإنسان، وهي في نفس الوقت من مفردات هذا العـالم الـذي يتقلـب فيه الإنسان، هذا العالم الذي استخلف الله الإنسان فيه فجعله خليفة له في هذه الأرض.
نعمه تعالى هي نفسها الآليات التي بها تطيع، والتي بها - أيضاً - تعصي، فهي ذات علاقة كبيـرة جداً بدور الإنسـان فـي هـذه الدنيـا كخليفـة لله في أرضه، باعتبارها مفردات هذا العالم. فهنا تبدو قضية مهمة جداً بالغة الأهمية، بالغة الأهمية: أن يتذكر الإنسان أن ما هو فيه هو نعمة مـن ربـه عليـه، أن يتذكر بأنها من نعمة الله عليه، أن يتذكـر النـاس بـأن ما هم يتقلبون فيه هو نعمة من الله عليهم، هذه لها أثرها المهم، ومتى ما غاب هذا الشعور: تذكر أنها نعم إلهية من الله إليهم تظهر سلبيات خطيرة جداً.
فمثلاً حينما تتذكر بأن الله هو الذي أعطـاك سمعك، أعطاك بصرك، أعطاك حواسك كلها، منحك صحتـك، وأنك تعرف أن هذه هي الآليات التي بها تطيع الله، وقد تتصرف بها تصرفاً خاطئاً فتعصي بها الله الذي منحك إياها وكرمَّك بها، وتفضل عليك بها.
تذكر أن بصرك هو نعمة من الله كبيرة، ولهذا من منا مستعد أن يبيع إحدى عينيه بمليون دولار؟ هل أحد يرضى؟ لا أحد يرضى حتى ولو لم يكن يملك عشاء ليلـة واحـدة. فهـذه الأعين وسيلة الإبصار المهمة بها تشاهد مظاهر قدرة الله، مظاهر حكمة الله، مظاهر رعاية الله، تشاهد بها الأشياء الكثيرة التي تعمق إيمانك، وتوسع معرفتك، تشاهد الأشياء الكثيرة المرتبطة بشئون حياتك، بها تستطيع أن تتقلب في حياتك في مختلف الأعمال لتوفر لنفسك كل متطلبات الحياة.
البصر مهم جداً جداً، إذا فقد الإنسان بصره عاش مسجوناً في هذه الدنيا كأنه سجين. تذكَّر دائماً بأن بصرك نعمة عظيمة من الله عليك، إذاً فاستح ِمن الله، استح ِمن الله أن تعصي ربك بالنعمة نفسها التي تفضل عليك بها، وأنت تعلم بأنك في أمـس الحاجة إليها، استح ِمنه أن تقـلِّبها فيمـا حـرم الله عليك من النظر المريب إلى النساء، من النظر إلى كـل ما حرم الله النظر إليه، ثم هكذا بالنسبة لسمعك، ثم هكذا بالنسبة لحواسك، ثم هكذا بالنسبة لمالك.
#فيلق_المسيرةللأشتراكـ :
تيلجرام
https://t.center/Alnaser_Alansar