كفى بالموت واعظًا.. من تفكر فالموت وهل هو مستعد له، وتفكر فالملك القابض لروحه هل سيكون مطمئن له أم مفزع له بسبب سوء عمله، وتفكر فالقبر وكونه وحيدًا في ثلاثة أذرع وشبر، التراب مهالٌ على وجهه، لا يستطيع تحريك عضو من أعضائه، هل سيُجيب على سؤال الملكين له؟ ويكون ممن ثبته الله بالقول الثابت أم يكون ممن يقول ها ها لا أدري، من تفكر في سؤال ربه له؛ عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما ابلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، من تفكر في لحظات الموت وما بعدها؛ تمنى أن لو كان تراب ولا يُلاقي مثل هذا، وكل هذا يجعل المؤمن مشفق من هذا اللقاء ويورثه حسن العمل الدائم، رزقنا الله وإياكم حسن العمل ودوام الثبات.
الفطن الرابح منَّا من اشتغل بالطاعات في مواسم الخيرات حتى ينال أعلى الدرجات، وهل يجد المرء موسم للطاعة كشهر حرام تتضاعف فيها الحسنات بإذن الله، حتى يطبق سنة النبي المختار فالصيام ومكاثرة الأعمال. إن شاء الله بعد غدٍ ندخل على الأيام البيض من شهر الله المحرم، وهم كالأتي: ١٣ من شهر الله المحرم، موافق ١٣ من شهر يناير ١٤ من شهر الله المحرم، موافق ١٤ من شهر يناير ١٥ من شهر الله المحرم، موافق ١٥ من شهر يناير وهي أيام فاضلة للمنشغلين بالصيام والذين هم من أهل باب الريان بإذن الله، والصيام في هذه الأيام من الأعمال التي حثّنا عليها النبي ﷺ فقال: "صيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شَهرٍ صيامُ الدَّهرِ، وأيَّامُ البيضِ صبيحةَ ثلاثَ عشرةَ وأربعَ عشرةَ وخمسَ عشرة."، فالموفق من اشتغل بأمور الأخرة وترك الدنيا وشهواتها قبل أن يباغته الموت، ووقتها يقول: "لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ"، ولكن هيهات. كل ما عليك أن تنوي الصيام لله بنيةٍ صادقة ووالله سترى توفيق الله لك فهذه الطاعة، كذلك لا تنسى تذكير غيرك وتشجيعهم على هذا العمل العظيم حتى يُكتب لك من الأجر ما سيتكب لهم بإذن الله.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: والتوبة واجبة على الفور ـ أي: بدون تأخير ـ؛ لأن الإصرار على الذنب = ذنب، ولأن الإنسان لا يدري متى يفاجئه الأجل، فيحرم من التوبة.
من أهم المبادئ التي جاء بها الإسلام؛ هدم فكرة أن المرء مخلوق على طباع وهيئة لا يمكن تغيرها، فالإنسان قادر على التغيير دائما أبدًا ما دام على قيد الحياة، فقد جاء عن النبي ﷺ فالحديث: "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يُعطه، ومن يتق الشر يوقه"، وبغض النظر عن سهولة حافظك على خلق حميد من أن تكتسب هذا الخلق، إلا أن إكتساب هذا الخلق ليس بالأمر المستحيل وإنما هو يسير على من يسره الله، ومن الأمثلة الجميلة لهذا الموضوع، التابعي الأحنف بن قيس التميمي لما سُئل عن حلمه وصبره، فقال: لست بحليم ولكني اتحالم، فهو ليس بحليم جبلةً، إنما يُدرب نفسه على الحلم، وهكذا فكن أنت مدربًا لنفسك على الأخلاق الحسنة حتى تكتسبها، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنَّا سيئها إلا أنت.
في يوم الجمعة لا يحبذ لك أن يتوقف لسانك عن الصلاة على النبي ﷺ؛ فاليوم يوم مُبارك يفوز فيه من أكثر الصلاة على الحبيب ﷺ، وقد أمرنا النبي ﷺ بكثرة الصلاة عليه لما في ذلك من الأجر والثواب العظيم، فعن أوس بن أوس قال: قال النبي ﷺ: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي، قال: فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، قال: يقولون: بليت، قال: إن الله تبارك وتعالى حرم على الأرض أجساد الأنبياء صلى الله عليهم."، فكلما فتر لسانك عن الذكر، تذكر عظم الثواب وأنك تنال به أعلى الدرجات.
عليك بالفجر وجميع الصلوات في جماعة وورد القرآن وأذكار الصباح والمساء وسورة البقرة وركعتين قيام والوتر وقت السحر والإكثار من الدعاء.. فإذا فعلت، تحصنت بالله عز وجل وهنيئًا لك بعشية أحلى من عيشة الملوك ونعيم فالدنيا والأخرة بإذن الله 🥰♥️
غدًا الخميس والخميس في شهر رجب ليس كأى خميس، فهو شهر حرام تتضاعف فيه الحسنات بإذن الله، والصيام من أحب الأعمال إلى الله، فكيف بك إذا أصبحت صائمًا غدًا، فبذلك تكون قائمًا بعملٍ يحبه الله وكذلك هو تطبيق لسنة رسول الله، والأيام أيامٌ معظمة، فيا لها من أوقات يفوز فيها من اشتغل بالطاعات، أعزم النية وتوكل على الله وذَكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
إذا جاء الليل فقم لله وقل: ربي أدركني، إلى مَن تكلني؟ هلك قلبي، ولو لقيتك على هذا أخشى أن تعذبني، وأنا لا أجد بين جوانحي إلا قطعة حجر وإنما أريد وجهك، ولو كنت كاذباً في إرادتي وجهك فأرزقني الصدق.
من أشرف البواعث على قيام الليل، الحب لله تعالى، وقوة الإيمان بأنه إذا قام لمناجاة ربه، فإن الله سبحانه وتعالى حاضره ومشاهده، فيكون ذلك حاملًا له على طول المناجاة وطول القيام لله عز وجل.