عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ) خُصُوْصَاً خِلَالَ فَتْرَةِ الحِصَارِ فِي شِعْبِ مَكَّةَ، حَيْثُ إسْتَمَرَّ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ مَنَعْتْ قُرَيْشٌ القُوْتَ وَالإِمْدَادَ عَنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَكَانَتْ خَدِيْجَةُ تُغْدِقُ عَلَيْهِمْ بِكُلِّ سَخَاءٍ، وَتُنْفِقُ عَلَى تِلْكَ الجَمَاعَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِنْ بَنِي هَاشِمَ وَمِنَ الحُرَّاسِ وَالحَفَظَةِ الَّذِيْنَ كَانُوا مَعْ رَسُوْلِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ)، وَكَانَ الرَّبِيْعُ بنُ العَاصْ صِهْرَ خَدِيْجَةَ عَلَى بِنْتِهَا يَحْمِلُ الحِنْطَةَ وَالتَّمْرَ عَلَى الإِبِلِ وَيَبْعَثُ بِهَا إِلَيْهِمْ تَحْتَ جُنْحِ الظَّلَامِ، حَتَّى نَفَذَتْ ذَخَائِرُهُمْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْءٌ، وَآَلَ أَمْرُهُمْ إِلَى أَنْ قَنَعُوا بِثَوْبٍ وَاحِدٍ يَسْتُرُ عَوْرَاتِهِمْ.
وَهَكَذَا كَانَتْ خَدِيْجَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مُؤْمِنَةً حَقْاً، آَمَنَتْ بِنَبِيِّ آَخِرِ الزَّمَانِ بِالقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالمَالِ وَالجِنَانِ.
نَعَمْ; لَقَدْ سَاوَى بَذْلُ خَدِيْجَةٍ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) سَيْفَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الإِسْلَامِ، وَتَسَاوَيَا مِنْ قَبْلُ فِي السَّبْقِ إلَى الإِسْلَامِ، وَفِي هَذَا مِنَ الشَّرَفِ مَا يَكْفِي خَدِيْجَةً (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، عَلَاوَةً عَلَى أنَّهَا قَامَتْ عَنْ بِنْتٍ كَفَاطِمَةٍ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَبِهَا تَشَرَّفَتْ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِيْنَ.
وَقَبْلَ نُزُوْلِ الأَجَلِ وَحُلُوْلِ زَمَنِ الفِرَاقِ وَالتَّوَجُّهِ إِلَى العَالَمِ الأَعْلَى ظَهَرَتْ لِخَدِيْجَةٍ الطَّاهِرَةِ مِنْ مَبْدَأِ المَرَاحِمِ الإِلَهِيَّةِ الخَاصَّةِ، مِنَ الأَلْطَافِ وَالمَرَاحِمِ مَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى حَتَّى كَانَتْ مُسَلِّيَةً لِخَاطِرِ النَّبِيِّ الرَّؤُوْفِ. وَمُنْذُ البَعْثَةِ وَالنُّبُوَّةِ لَمْ يَقْبِضْ عِزْرَائِيْلُ وُعُمَّالُهُ رُوْحَ أَحَدٍ لَهُ تِلْكَ الأَلْطَافُ المُتَوَاتِرَةُ وَالأَفْضَالُ المُتَكَاثِرَةُ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَهَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ اِمْرَأَةٌ بَلْ حَتَّى رَجُلٌ بِصَلَابَةِ الإِيْمَانِ وَحُسْنِ الإِسْلَامِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ خَدِيْجَةٌ حَيْثُ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ; رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ مِنْ كُلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّمَاءُ مِنْ شُيُوْخٍ وَشُبَّانٍ وَرِجَالٍ وَنِسْوَانٍ، كَانُوْا أَرْكَانَ العَالَمِ وَقُوَّامَ الشَّرْعِ، أَمَّا الرَّجُلَانِ فَأَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَأَبُوْهُ أَبُو طَالِبٍ الَّذِي تُوفّيَ فِي عَامِ الحُزْنِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَخَدِيْجَةٌ الطَّاهِرَةُ وَبِنْتُهُا فَاطِمَةٌ المُطَهَّرَةِ). انتهى
الخَصَائِصُ الفَاطِمِيَّةُ، مُحَمَّدْ بَاقِر الكَجْوُّرِي ، ج1 ص 451
وَدُمْتُمْ سَالِمِيْنَ.
#خديجة_الكبرىتمت بعون الله