فتنة الكلام وفقه السكوت ..
في كل جيل تفشو فتن وتنتشر وتصيب عامة أفراده إلا من يصطفيه الله ويحميه ..
من أعظم الفتن في كل عصر وبالذات هذا العصر:
فتنة الكلام فيما لا فائدة منه ..
في السابق كان أثر الكلام محصور في أعداد محدودة فالخطأ فيه وإن كان عظيما إلا أنّه منحصر في عدد معيّن .. أما اليوم فلا يدري المرء إلى أين يصل أثر كلامه ..
كما أن الأجور عظيمة فيه إن أخلص وأصاب كذلك الآثام إن خلا من ذلك خاصة لمّا يكون في الرجال أو القضايا التي تحتاج إلى تفصيل وتحقيق وفهم لا يملك المتكلم أدواته ..
من المهم تعلم فقه السكوت كما نتعلم فقه الكلام ..
الكثير من الشخصيات التاريخية بل والمعاصرة ووقائع التاريخ ومشاكل العصر -التي لا فائدة منها- لن يسأل المرء عنها يوم القيامة إذا لم يتحدث بها ..
نصيحة:
ارحل عن كل مكان لست ملزما في الجلوس فيه وتعلم فقه السكوت .. لا تستكثر من الأسئلة عليك وأنت في سلامة منها ..
ووالله لولا حال الأمة وعظم الأجور في هذا العصر لمن وفقه الله وأحسن العمل للإسلام ووُقي من الفتن العامة والخاصة لكان الخيار الأسلم والأفضل والأحب لنفس كل محب للدين وطالبللسلامة = العزلة ..
يُروى في الحديث:
"مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ"
ولم يزل علماء السلف يوصون أصحابهم ويرشدونهم إلى هذا المعنى ..
عن الفضيل بن عياض وعمر بن عبدالعزيز أنهما قالا:
"من عدَّ كلامُه من عمله قلَّ كلامُه فيما لا يعنيه"
وقال الإِمام الشافعي لصاحبه الربيع:
"يا ربيع لا تتكلَّم فيما لا يَعْنِيكَ، فإنك إذا تكلمت بالكلمة ملكتك ولم تملكها"