View in Telegram
طيّارٌ إلى السماء ! منار الشامي . قبل استشهادهِ بِأيامٍ قليلةٍدوّن في دفترهِ بِضع جُملٍ كتبها بحبرِ الشوقِ وفرطِ اللحاق "والله لن أرجع عن هذا الدّرب ولن يُعيقني عائِق عن أن أبلغ مُرادي وسأصبِر في هذا الطريق على كلّ منغصّات العيش" ! كانَ يُجيدُ إخراج حرارةِ الصدرِ على الأوراق مُتجاوزًا كِبار الكُتابِ والأدباء ، فإشعارُ القارئِ بما يحتويهِ القلب مهنةٌ تفرّد بها عن غيره ، رؤيتهُ صائبة قراراتهُ ثاقبة أخذَ مُنحنى الجديّة في عدالةِ القضية ، وعن حسّهِ الأدبي ففورَ ما ألقى قصيدتهُ في إحدى الفعاليات أُعجِبَ به الشاعر الكبير معاذ الجنيد عِوضًا عمّا تميّز به في رحلتهِ الجهادية . أُختيرَ فأضحى "مُختار" هو اسمه ، فهو ابنٌ لمحمد حسن الفقيه من منطقةِ "بِركان" في مديريةِ رازح الحدودية التابعة لمحافظة صعدة الوفاء ، من مواليدِ العام 1999م، واصل دارسته حتّى أخذ شهادة الثانوية العامّة . وعن أخلاقِه ورأفته فمن المُلفتِ جدًّا لمن في عُمرهِ أن يظهرَ بتلك الحِكمة ، وما هو بغريبٍ على من أكثر التأمّل في كونِ اللّٰه حتّى غرِق بعشقه ، مُتجرّدًا من قيودِ "الأنا" سارحًا في ميادينِ الإيثار ، فهمّ الجميعِ بأوضحِ إيجازٍ هو أجلّ همّه ، فائزًا في جانبهِ المعنوي لتغذية الروح ، فقراءةُ القرآنِ وردًا يوميًا شُغِفَ به كي لا يمرّ الربيع من قلبه دائم الاخضرار ، وعن التعلّق بسفينةِ النجاة فما فارقَ قطّ الاهتمام بقراءةِ ملازمِ الشهيد القائد لتتزوّد روحهُ بيقينِ "عينٌ على القرآن وعينٌ على الأحداث" . واصل دراستهُ في كليّة الطيران والدفاع الجوّي ، حتّى تخرّج منها في عامِ 2020 م مُستلمًا أوّل مهمةٍ فور تخرّجه وهي مُهمّة الدفاعِ الجوّي بجبهة المرازيق محافظة الجوف ، تزوّج في العشرينِ من عمره بعد أن كرّس نهاية طفولته وبداية شبابه خدمةً في سبيلِ اللّٰه ، ولفرطِ شوقهِ لعمله فلم يُكمل شهرهُ الأول مع زوجته حتّى عاد إلى الجبهة . وطئت قدماه جبهاتُ مأرِب والضالع وتعز وإب وحتّى الجوف الّتي تولّت سماؤها استقباله ، انطلق في أحضانِ المسيرةِ القرآنية منذُ بكور العدوان في شهرِ رجب للعام 1437 هـ ، بدافعِ الغيرةِ والحميّة على بلدهِ وأرضِه ، وبرغمِ أنهُ آنذاك لم يكن قد تجاوز السابعة عشر بعد لكنّ حبّ الجهاد يكسِرُ القيود والأصفاد . برتبةِ ملازم تخرّج من كليّته ولم يظهر أثرُ عملهِ الدؤوب إلا بعد استشهاده حيثُ رُقّيَ إلى رتبةِ نقيب . وفي أثناءِ إحدى المهمات العسكريّة الجويّة اصتادت الطائراتُ الاستطلاعية جسدهُ الشريف لتُلحِقهُ بمن سبقوه في جبهةِ المرازيق _ محافظة الجوف والّتي تحررت في العامِ الماضي في عمرِ الشبابِ الأول وفي سنتهِ الثانية من عقدهِ الثاني ليُوارى ثراهُ في روضةِ الشهداء بآل خميس في التاسعِ عشر من جمادٍ الأول وهو التاريخُ الّذي اُستشهد فيه السيّد زيد علي مُصلح ، إضافةً إلى أن التاريخ الميلادي وافق الثالث من يناير وهو عينُ التاريخ الّذي ارتقى فيه القادةُ العظماء الحاج قاسم سليماني والشهيد أبا مهدي المهندس ، لاحقًا بهم بموقفٍ تعجزُ عن وصفهِ الأقلامُ الباهتة والأحرف المُتعرّجة والكلمات المبتورة ! وقتها فلوقعِ الخبرِ قصمةُ ظهرٍ لأسرته كون مُختار كان قد حاز مكانةً رفيعة بين أسرته وفرضَ حضوره برجاحةِ عقله وصدق جهاده ، لكنّ قداسة المشروع وأحقيّة القضية هو ردعٌ للأحزان بدوره كما هي منزلةُ الشهداء برفعتِها وجليلِ قدرها مثلّا جانب إطمئنانٍ لعائلتهِ ومن عرفه ، فوالدته فورَ ما عرفت ما برح لسانها تركَ ذكر اللّٰه حتّى لا تستسلم لمكائد الشيطان فيُزلزل شيئًا من إيمانها . وفي رسالتهِ العريضة قبل استشهاده الّتي خطّها بحبٍّ للشهادة وعشقٍ للقاءِ اللّٰه وردت هذه الكلمات : *الحمدُ لله ربّ العالمين والصلاة على أشرف المرسلين محمّد الصادق الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد :* *اللّٰه سبحانه وتعالى الشاهد على ما أقول بأني قد اخترت طريق العزة والكرامة ، طريق الجاه والرفعة ، طريق الخير والرزق وأنّي في هذه الطريق لباذلٌ نفسي وكلّما أملك وقد اخترتُ طريق التضحية والفِداء ولا أبالي أكنتُ في الشدّةِ أم في الرخاء !* *لن أرجع عن هذا الدّرب ولن يُعيقني عائِق عن أن أبلغ مُرادي وسأصبِر في هذا الطريق على كلّ منغصّات العيش بل وأعشق طريق الشهادة واللحاق بالشهداء ومن ذاك الّذي لا يعشق العيش مع ملائكة السماء فأقولها واللّٰه واللّٰه لن أرجع عن هذا الدّرب ولن يُعيقني عائِق عن أن أبلغ مُرادي وسأصبِر في هذا الطريق على كلّ منغصّات العيش وسأكون بإذن اللّٰه ذو إرادةٍ قويّة لحملِ همّ الأمّة جمعاء لا من يحمل همّ نفسه ، فأسأل اللّٰه أن يثبتني على هذا الدرب حتّى اللحاق بالشهداء ..*
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily