وهاهنا تجد:١- الشيء الكثير من كلام كبار العلماء في ندمهم عن بعض ما كان منهم من الأداء في سنِّ الشباب (مثال: أراكم تتابعون الشيخ العصيمي، فلعلكم تعلمون أنه كان له كتبٌ في سِنِّ شبابه، ندم عليها، وسحبها من المكتبات ولم يُحِلَّ لأحدٍ طبعها، وفي إحدى دروسه في الحرم قال عنها: طَيشُ شباب)..
٢- قصصٌ في من تأنَّى من أهل العلم ولم يستعجل التزبُّبَ قبل الحصرمة، كيف أفلحَ ونفع الله به نفعًا عظيمًا (مثال: الشيخ محمد مختار الشنقيطي، فإنه حكى أنه كان له إخوة يطلبون العلمَ معه، ونشطوا في سنِّ الشباب للدعوة وخرجوا وبروزا لها، فأراد الخروج معهم فمنعه أبوه حتى يتمكَّنَ من العلم، فكان أن صار هو العالِمُ العلَمُ وأوصل الله نفعه للمسلمين، ولم يُعرَف من إخوانه الذين استعجلوا الظهور أحد! -وإن نفعوا الناس، ودعَوْهم كتب الله أجرهم، لكنَّ بيت القصيد: أنهم باستعجال الظهور، أضاعوا على أنفسهم المقام الفاضل واشتغلوا عنه بالمفضول-)..
.
8- (وأما الحال ومقتضاه): فهي الشباب والابتداء في العلم، وأقصد بهذا نفس قصد بند (التحمُّل والأداء)، لكن آتِي فيه على ذكرِ شيءٍ أحسب اللَّفتَ إليه مهمّ، وهو متمثِّلٌ في (pdf منهجية مقترحة للتأسيس المعرفي + pdf نواة مكتبة طالب العلم): جادَّة المطلوب ومعالمها وطريقة الأخذ: هذه للعلماء الكبار فقط، تبيين خارطة السير والتلقِّي للعلماء الكبار، لأنَّ لِزامًا أن يسبقها طول معالجةٍ للعلم وكتبُه وأخذه تفنى به سنِيُّ الشباب ويشيبَ الشعر حتى تُخبَر معالم الطريق حقًّا، فينيرها من خبرها للمتبصِّر بها، وأما أنكم في سنِّكم أخي، فمعذرة منكم على كلمتكم تحت الـ pdf: (من نظرتي المتواضعة)، ينبغي أن لا يكون لكم نظرة في هذا، بل ليس من حقكم، وإنما قد ولجتم بالخوضِ فيه حيِّزًا لستم أهلًا لولوجه بعد، وإنما هو من قبيل (أنا أرى) ولستم أهلًا لأن تَروا بعد!
من الطبيعيّ: أن لو أحدٌ طلب منِّي أن أبيِّنَ له طريق الذهاب للمخبز مثلًا، ولم أذهب له من قبل أن أعتذر عن تبيين خارطة الطريق، وأما أن أقول له: اذهب يمينًا وادخل يسارًا وسِرْ هنا وهناك، فإنما أخوض وألعب.. وهذا في تبيين منهجية أخذ العلم أبلَغ، فالعلماء إنما ساروا الدرب حتى بلغوا، ثم نظروا لمن وراءهم فقالوا: سِرْ هنا ولا تسر هناك، وافعل كذا ولا تفعل كذا.. والله المستعان.. هذا أولًا..
وثانيًا: أن يُوكَل كُلٌّ في أخذه العلم إلى القراءة مع نفسه، فإنما العقول قدرات، والأفهام مختلفة، ومن كان شيخُه كتابه؛ غلبَ خطؤه صوابَه، وحبَّذا تستمعون لهذا المقطع:
https://youtu.be/3j_V-oULPXQ.
أنتم أخي بارك الله بكم ولا ضرَّكم، قد وهبكم الله ما به تنالون العلم، وترقَوْن لمصافِّ العلماء، ويُلمَس من صوتيتكم (ماذا بعد البكاء؟!) السعي لذلك والتطلُّع له والهمة فيه، ثبَّتكم الله وأنبَتَكم وأنبتَ بكم، فراجعوا خطوات سيركم وتفحَّصوا هذه البنود من أمركم أرانا الله وإياكم الحقَّ ورزقنا اتباعه.
.
1- اهتمَّ بالمختصرات حفظًا وتفهُّمًا، اهتمَّ بالمتون، اهتمَّ بإحكام الأصول لئلا تُحرَمَ الوصول «مثال: ثلاثة الأصول أولى بمرات من البناء العقدي ابتداءً في الطلب»..
.
2- (كَبِّر كَبِّر)، فإنما العلمُ تجربةٌ ومعالجات، وإنما تعمق بتطاول الأيام وليس لها إلا ذلك، وإن العالم الشابَّ مهما بلغ في العلم فإنَّ العالم كبير السنّ أعمق تجربة وأكثر معالجةً وخبرة، وإن عقل طالب العلم يُبرمَجُ شيئًا فشيئًا على عقول من يسمع لهم، فقدِّم ما أمكنكَ السماع لأهل اللِّحى البيضاء من أهل العلم على السماع لأهل اللِّحى السوداء..
.
3- عليكَ عليكَ بعلماء السعودية، في مورتانيا: يغلبُ الحفظُ الفهمَ، وفي مصر: يغلب الفهمُ الحفظَ، وتجد عند علماء السعودية التوسُّط، وقد كان نصحني بهذا أحد مشايخي في بادئ طلبي العلم: أن أطلبه بمنهجية علماء السعودية لأجل ذلك، وفي هذا كلامٌ ومشارب متنوعة ومآخذ يحكيها أهل العلم وليس المقام هنا لإيرادها، سوى أني أنصحكم بعلماء السعودية، وما أحسب إلا تلقون من ذلك خيرًا عظيمًا..
.
4- انطرح ما أمكنك بين يدي المشايخ تلقِّيًا مباشرًا أكثر من انطراحك في مكتبتك الخاصة، لا يكن الثاني الأصل والأول الفرع، بل العكس تُصنَع بين أيدي العلماء وإنما المكتبة مأوىً تؤويك لا تصنعك..
.
5- اهتمَّ بِشقَّي التأصيل دون جنحٍ لشِقٍّ على آخر: (الحفظ + الفهم)، واثبت فيهما حتى تنبُت..
... يتبع
👇