عزيزي البعيد جدًا.. لم أتقبّلُ بعد قسّوةُ الحيّاة لكنني أعتدتُها ولا أُخفي عليك! حين يعتادُ المرء، يقل ألمه، تقل توقعاته. لم أعُد تلك الفتاةُ التي كُنت عليها، لكنّها وبالرُغم من ذلك مازالت داخلي. أدركتُ أن وقوف المرء على الشطئان مُتخوفًا من القدوم نحو الأشياء جُبنٌ وضعف وأن على المرءِ أن يكونُ مقدامًا شُجاعًا، يخطو بثباتٍ نحو ما يُريد مهمّا كلّفهُ الأمر وأن عليهِ ألّا يسمح لشيءٍ أن يكسِره أو يحني لهُ ظهرٍ! إن رفضهُ طريق فهُناك مئات الطُرق التي تنتظره وإن دفعتُه الحياةٍ من الحافةِ فلا بأس من الوقوع، رحلة الوقوف مُجددًا فيها ألاف الحكايات التي تصنعُ وعيّه، فيها معارف جديدة منها الطيّبِ ومنها الخبيث، فنسعدُ بالطيّب، ونتعلمُ الدرس من الخبيث وإن جرحُه الذي يخشى عليه من الهواء أن يخدشه، فستُشفى الجِراح ويمضي الألم، ويتعلم كيف يختارُ بعنايةٍ من يستحق حُبه وخوفه، ومن لا يستحق حتى السؤال عن حالِه. لعلّني أصبحتُ فتاةٌ مُختلفة تخطو بثباتٍ أكثر وأتزان لا تثقُ سريعًا، ولا تدفع نقطة من قلبها طالما لم ترى بعدُ نقاط من القلبِ الآخر تضعُ قدمها على الطّريق وهي تلهثُ من شدّةِ التعب، فقط لأنها تُريد تذوقُ لذّة نهايته وبالرغمِ من ذلك أحتفظ بنُسخةٍ من الفتاةٌ القديمة داخلي لازلتُ رقيقة القلب، تخدشني الكلمة، وتصنع ليّ جناحات أُخرى بسيطة، أودُّ حياةً مُستقرّة هادئة حول أحبّتي ما زالتُ فيّ ، كما أنا فيها، نُكمل بعض، فهذهِ الحياةُ تحتاجُ تكاتُف الشخصيتينِ معًا للتمكُن من مُجابهتها.")🤍 ـ مي أيمن