ينهكني الروتين والتكرار، فألقي نظرة على الأيام، وأشفق عليها أشفق على كل يوم وهو يعرف أوان نهايته، وعودته إلى نقطة الصفر.. يعرف أنه مهما فعل لن تضاف إليه لحظة واحدة أرى إحباطه عندما يعجز عن إقناع نفسه كل مرة أن انطلاقته هذه المرة ستمتد ولن تتوقف. الأيام كلها تشعر بالإحباط، وكلها تعرف حدود مدارها وتدور وتتعاقب على الدوران الممل رغماً عنها. أهزأ بها وهي تحاول أن تمتد لذكرى أو تعلق لندبة أفهمها وهي تقسو على هذا وذاك لتترك أثراً طويلاً؛ انتقاماً وتشفيّاً من الحدّ الذي لا يمكن تجاوزه.. أحسّ ببهجتها، أكاد أراها تتقافز فرحاً عندما تُكتب لها مناسبات هامة وسعيدة تطلق لسانها ساخرة من الأيام الأخرى التي تمتلئ نكداً وسرعان ما تفهم أن الباقي والممتد هو الأثر الذي تخلفه المشاعر والمواعيد لا تلك الأيام التي تبتهج عبثاً والتي سرعان ما أحسّ بزيف ابتسامتها الباقية. إنها تخفق حتى في أن تكون ندبة وابتسامة وذكرى لكنّي أفهمها وهي تحاول دون جدوى أن تحرف مسار الدائرة أن تجد منفذاً لمدى آخر، ومساحة لا نهائية للخلود أراها وأشفق عليها، كلها أمامي لا تستفز رغبتي في الذهاب ولا في البقاء.. الجمعة؛ فراغ يلقي نفسه أمام الرصاص ولا يموت. السبت؛ أسد محنط في حديقة عامة الأحد؛ تمثال في زنزانة الإثنين؛ قمر مكتمل يحلم أن يتضاعف الثلاثاء؛ نبرة استعطاف لكلمة في فم أبكم الأربعاء؛ أذن بيتهوفن المقطوعة وهي تحاول سماع كل أغنيات العالم الخميس؛ موسيقى لوحة صامتة كلها طريقها معروف وواضح، إذا ما أردت رؤيتها وقفت وراقبتها وهي مبتسمة في غاية اليأس، باكية دون صوت أحسّ بها وهي لا تستطيع اكتشاف ما يتوارى عنها وهي تصاب بالدوار ولا تتوقف عن الدوران. أحسُّ بها، أنا أنا يوم ثامنٌ أنهكه الملل وهو يترقّب من الخارج، مقعداً شاغراً له في الدائرة..!!