فائدةللشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن العباد البدر حفظهما الله تعالى.
لكن انتبه هنا لفائدة؛ ألا وهي أنه:
ما من مرّة تخرج فيها من بيتك، إلّا والشَّيْطان قاعد عند بيتك ينتظر خروجك!!
كلّ مرّة! كلّ مرّة تخرج فيها من بيتك، هناك شيطان عند بيتك، ليس له عمل إلّا انتظار خروجك، ومهمّته معروفة، ومطلبه معروف، ومعه أعوان.
فإذا قلت: «بِسْم اللَّهِ، توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلا حوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ». كُفيت شرّه وشرّ أعوانه، والتفت هذا الشَّيْطان إلى أعوانه وإخوانه ويأَّسَهم من هذا الرّجل.
قَالَ: «كيف لك برجل قد هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟!»
ولهذا ما ينبغي للمسلم أَنْ يحرم نفسه من هذا الخير العظيم، والفضل العميم، أن يأتي بهذا الذّكر المبارك: «بِسْم اللَّهِ، توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلا حوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ».
جرى بعض المفسرين على تفسير ( أعلم) في القرآن الكريم ب( عالم) كما في قوله تعالى:{ وربُّك أعلم بمن في السموات والأرض}
وحجتهم: أن ( أعلم) اسم تفضيل، وهو يقتضي اشتراك المفضّل والمفضّل عليه، وهذا لا يجوز بالنسبة لله.
ولكن يقال: إن( أعلم) يراد بها معناها الحقيقي. لأن الله تعالى عبّر بها عن نفسه. ولأن ( أعلم) مقتضاه أن لا يساويه أحدٌ في هذا العلم، فهو أعلم من كل عالم، وهذا أكمل من تفسيرها ب( عالم). واللغة العربية بالنسبة لاسم التفضيل تمنع المشاركة فيما دل عليه، بخلاف اسم الفاعل فإنها لا تمنع المساواة في الوصف.
• البلاغ بدين الله سنة عظيمة يجهلها كثير من الناس •
▫كانت المهمَّة الأولى للأنبياء هي البلاغ! .
◽فقد قال تعالى: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} [النحل:٣٥]، وقال: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ} . [المائدة:٩٩]، ▫ومثال هذه الآيات كثير في القرآن، ولمـَّا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، وليس بعده رسول يقوم بمهمَّة البلاغ، أوكل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين الصادقين للقيام بهذه المهمَّة بعده، فصارت سُنَّة نبوية في غاية الأهمية . ◽فقد روى البخاري عَنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
▫وتتحقَّق هذه السُّنَّة بنقل معلومة واحدة من الدين إلى أي فرد؛ - سواء من المسلمين أو من غير المسلمين، وسواء كان من الكبار أو الأطفال، شريطة الصدق وعدم تعمُّد الكذب، وقد كان واضحًا من سياق الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُشَجِّع المسلمين على الإقدام على البلاغ؛ - لأن كثيرًا من الناس قد يتحرَّجون من أداء هذه المهمَّة؛ - إما بسبب قلَّة علمهم، أو بسبب تهيُّبهم من الكلام في الدين؛ ▫فشجَّعهم الرسول صلى الله عليه وسلم بتقليل المطلوب في عملية البلاغ، فقال: «وَلَوْ آيَةً»!! . ثم ذكر وحذر ممن يكذبون فيقولون أن النبي ﷺ قال كذا وكذا وهم يعلمون أنه كذب عليه فتوعدهم بعقاب شديد يوم القيامة الا وهو النار! ، فوضح أن المرفوض في عملية البلاغ هو الكذب (المتعمَّد)، أما حدوث خطأ في النقل لعدم دقَّة الحفظ، أو لعدم وضوح الفهم، فليس هو المقصود في الوعيد الذي جاء في النصِّ ولكن ينبغي على من يقوم بالبلاغ التحري فيما يقوله بالتريث وعدم التسرع .
▫إن هذا الطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضع على أكتافنا مهمَّة جليلة، وهي مهمَّة الوصول بهذا الدين العظيم إلى العالمين؛ فليكن مبدأنا بهذا بأن نبدأ بتعليم أولادنا، ونصح جيراننا، وأرحامنا، وأصدقائنا ، ثم نجعله من مبدأنا في الحياة بأن نخبر مَنْ نعرف ومَنْ لا نعرف من الناس ممن نصادفهم في حياتنا كالأمر بالمعروف والناهي عن المنكر مع ذكر ما يأيد كلامنا من كتاب الله وسنة نبينا ﷺ والله الهادي والموفق .
◽عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كانت له مظلمةٌ لأخيه من عرضه أو شيءٍ فليتحلَّلْه منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " . رواه البخاري ( ٢٣١٧ ) .
❍ قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ومن ظلم إنسانا ، فقذفه ، أو اغتابه ، أو شتمه ثم تاب : قبل الله توبته . لكن إن عرف المظلومُ، مكَّنَه من أخذ حقه . وإن قذفه أو اغتابه، ولم يبلغه؛ ففيه قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد: أصحهما : أنه لا يُعلمه أني اغتبتك .
وقد قيل: بل يحسن إليه في غيبته ، كما أساء إليه في غيبته. كما قال الحسن البصري: كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( ٣ / ٢٩١ ) .
❍ وقال ابن قدامة رحمه الله: " واعلم أن كل ما يفهم منه مقصود الذم، فهو داخل في الغيبة، سواء كان بكلام أو بغيره، كالغمز، والإشارة والكتابة بالقلم، فإن القلم أحد اللسانين .
وأقبح أنواع الغيبة، غيبة المتزهدين المرائين، مثل أن يُذكر عندهم إنسان فيقولون: الحمد لله الذي لم يبتلنا بالدخول على السلطان، والتبذل في طلب الحطام، أو يقولون: نعوذ بالله من قلة الحياء، أو نسأل الله العافية، فإنهم يجمعون بين ذم المذكور ومدح أنفسهم .
وربما قالا أحدهم عند ذكر إنسان: ذاك المسكين قد بلى بآفة عظيمة، تاب الله علينا وعليه، فهو يظهر الدعاء ويخفى قصده " . انتهى من "مختصر منهاج القاصدين" (١٧٠) .
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:" ما دُمت في الصلاة فأنت تقرع باب الملك، ومَن يقرع باب الملِك يُفتح له".
في هذا الأثر دليل على أهمية الصلاة وأن الإنسان فيها وهو يناجي ربه ويتلو كتابه و يدعوه حري بأن يؤمنه ربُّه ويعطيه سؤله.
وليس بالضرورة أن يُفتح له من أول مرة. فالله سبحانه لحكمة بالغة قد يؤخِّر فتح الباب، وإجابة دعوة الداعي، فيحصل له من الخير ما لا يتأتى له لو قُضيت حاجته بسرعة.
أمرٌ آخر وهو: أن فتح الباب لا يلزم منه أن يكون بإجابة الدعوة بل قد يكون بدفع شرٍّ وبلاء، أو بادّخار هذه الدعوة ليوم أحوج ما يكون فيه لرفع الدرجات وتكفير السيئات.
○الذِّكر أنواع ؛ يكون بالقلب ، ويكون باللسان ، ويكون بالجوارح .
◇أما بالقلب كأن يكون قلب الإنسان دائمًا متعلِّقًا بربِّه ، يذكر الله عزوجل كلَّما شاهد آيةً من آيات الله .
•وفِي كل شيء له آيةٌ.. تدلُّ على أنه واحد . •فهو كلَّما نظر في الكون ذكر الله عزوجل .
◇والذِّكر باللِّسان هو قول : لا إله إلا الله ، وسبحان الله، والحمد لله، وما أشبه ذلك ، ونَصِفُه بصفة العموم فنقول : كلُّ قول يقرِّب إلى الله فهو من ذكر الله، فيشمل قراءة القرآن ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، ودراسة العلم ، وغير ذلك .
◇وأما الذِّكر بالجوارح فهو التعبُّد لله تعالىٰ بالجوارح، فالصلاة مثلاً تجمع أنواع الذِّكر ، لأنها ذكرٌ بالقلب ؛ إذ أن الإنسان حين صلاته متعلِّق قلبه بربِّه عزوجل ، وهي ذكرٌ باللسان ؛ لأنها تشتمل على تكبير وقرآن وتسبيح ودعاء ، وهي ذكرٌ أيضاً بالجوارح ؛ لأن فيها قيامًا وقعودًا وركوعًا وسجودًا ، فهي في الحقيقة روضةٌ من رياض الذِّكر لا نظير لها في العبادات ، ولهذا كانت أفضل العبادات بعد الشهادتين .
قصة الشيخ سليمان الرحيلي -حفظه الله. واصابته بالعين
قال حفظه الله أحب أن أنبه الإخوة إلى أدب ينبغي أن نتأدب به، وذلك أيها الإخوة أن العين حق كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنها تورد الجمل القدر، والعين لها أثرها الكبير، والعين كما قال العلماء نوعان:
١)عين حاسدة
٢)وعين معجبة.
فقد تكون إصابة العين نتيجة الحسد ولذلك في حديث الرقية يقول النبي - صلى
الله عليه و سلم- : ((بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل عين حاسد
الله يشفيك بسم الله أرقيك )) – أو كما قال صلى الله عليه وسلم
فقال : ((ومن شر عين كل حاسد)) وفي رواية : ((ومن شر عين حاسدة أرقيك))
فقد تكون العين حاسدة لكنه ليس لازما.
فقد تكون العين معجبة ليست حاسدة، ولذلك شرع لنا أيها الإخوة إذا رأينا ما يعجبنا أن نبرك فإن النبي - صلى الله عليه و سلم- قال: ((إذا رأى أحدكم من أخيه أو نفسه أو ماله ما يعجبه فليدعوا بالبركة فإن العين حق)) فمن رأى من نفسه شيئا يعجبه رأى أنه يحفظ بسرعة فليقل : اللهم بارك ، فإن الإنسان قد يصيب نفسه بالعين كما هو ظاهر هذا الحديث.
إذا رأى من ولده شيئا يعجبه رأى الولد نجيبا ما شاء الله حريصا على حفظ القرآن فليقل : اللهم بارك .
إذا رأى من أخيه، إذا رأى من خطيب الجمعة ، إذا رأى من شيخه، إذا رأى من أخيه شيئا يعجبه فليبرك فإن العين حق . فهذا أدب فقده بعض الناس في زماننا هذا، فلربما رأى من أخيه شيئا يعجبه فلم يبرك عليه فأضر أخاه وهو لا يعلم، بعض الناس يقول: أبدا أعوذ بالله هل أنا حاسد!!حتى أبرك تقول : لا . فإنك قد تضر بعينك وأنت معجب، بل وأنت محب، كما تحب نفسك وتحب ولدك، وقد تحب شيخك، فمن الأدب التبريك. والعين لها أثر عظيم وقد تتسبب في شر ومنع خير فينبغي علينا أن نتأدب بهذا الأدب.
أقول هذا يا إخوة وأنا أعرف هذا وأراه، وأذكر لكم من باب أن ننتبه :
قبل سنين طويلة - قبل أكثر من ستة وعشرين سنة- كنت ألقي المحاضرات ارتجالا ثم أصبت فيما يظهر لي بعين فأصبحت لا أستطيع أن أستحضر شيئا يعني أعرف ما أريد أن أقوله فإذا جلست على الكرسي نسيت حتى أني مرة أردت أن أقول الفاتحة فما استطعت، وعالجناها و الحمد لله بالرقية حتى ذهب شرها، لكن يا إخوة أنظروا هذا الأمر ما يسبب من شر ويمنع من خير. اليوم في خطبة الجمعة لما صعدت على المنبر وكنت في أحسن حالاتي من حيث الصحة، ما إن سلمت على الناس حتى أصبت بألم شديد في حلقي وتشوش ذهني تماما وتعرقت عرقاً كأني محموم، وغلب على ظني أنها عين، ويغلب على ظني أنها اعجاب من بعض الناس لحسن ظنه بأخيه فكنت أسكت قليلا و أقرأ على نفسي
حتى ذهب شرها.
فلماذا أقول هذا يا إخوة؟
أقوله ليعلم الإنسان أن ضرر العين متعدي وأنه قد يتسبب في شر، وقد يتسبب في منع خير، بل قد يتسبب في قتل المسلم.
الذي يحمينا من أن نبرك إذا رأينا ما يعجبنا فنقول: اللهم بارك . وإن قلنا :ماشاء الله لا قوة إلا بالله اللهم بارك فحسن هذا أقوله من باب حبي للخير لنفسي و لإخواني المؤمنين. فما هذا؟
تفريغ من مقطع العين حق للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله تعالى.