ألا يا طيبَ العيشِ في ظلِّ لُقياك تُضيءُ الأنفسُ إن لاحَتْ محيّاكِ سَحَرْتِ القلبَ من نظرٍ ومن لفظٍ فكيفَ يَسْلَمُ مَنْ قد عَاشَ بهواكِ؟ تَقولُ العاذِلاتُ غَرِقْتَ في شَجَنٍ فقلتُ: دَعُونِي، فما لي غيرُ ذِكراكِ إذا ما غِبْتِ، فالآفاقُ مُظْلِمَةٌ وإن حَضَرْتِ، تَجَلَّتْ عن شجاكِ تَماهى البدرُ خَجْلاً من تَبَسُّمِكِ ونورُ الشمسِ يَغَارُ من سَناكِ أيا مَن روحُها تَشْفِي العليلَ إذا تَنَفَّسَ الصبحُ عن أريجِ رِضاكِ قَسَمًا بِحُسْنِكِ، ما في الكونِ من أَمَلٍ إلا وقلبي يَرتَجِي لُقيا مَحَيَّاكِ فإن رَضِيتِ، فقد نالَ الفؤادُ مُناهُ وإن أبَيْتِ، فحَسْبُ الروحِ ذِكراكِ
أراكِ وقد أبدعتِ في الحسنِ والبهاءِ كأنكِ شمسٌ في السماءِ بلا غطاءِ إذا ما أطلَّتْ عيناكِ، ماتَ الدجى فما للحسنِ في الدنيا من بقاءِ وما البدرُ إلا بعضُ ضياءِ جبينكِ يغارُ منهُ، ويذوبُ في العناءِ وليلُ شعركِ إذا ما انسدلَ يعانقُ النجومَ بنبضِ النقاءِ أما الشفاهُ، ففجرٌ من أرجوانٍ يرتوي منهُ الهوى بكلِّ ارتواءِ تخطينَ، فيخشى الزهرُ أن يَذبلَ من وقعِ خطاكِ في وهادِ الفضاءِ فقولي، أأنتِ من عالمٍ غيرِنا؟ أم أنَّكِ آيةٌ في الأرضِ من السماءِ؟ لو كنتُ أملكُ عمري لافتديتُكِ وقلتُ للدنيا: خذي كلَّ ما لديَّ من ولاءِ فأنتِ التي في العيونِ تسكنينَ وعلى جدرانِ القلبِ نقشُكِ لا فناءَ
يا ربةَ الحسنِ في الأفياءِ والدِّيَمِ هل لي إلى وصلكِ المأمولِ من سبيلِ؟ مررتُ بالحيِّ والأحبابُ قد رحلوا فاستوقفَتْني طيوفُ الوجدِ والذِّكرِ رأيتُ ظبيًا تسامى في خمائلِها كالغصنِ يمشي تهاديًا على مَهَلِ ناديتُها والهوى نارٌ تُؤجِّجُني يا ذاتَ الطرفِ هل تسمعينَ مُرتَهَلي؟ فالتفتتْ بسِنى عينينِ ساحرةٍ وابتسمتْ مثل بدرٍ لاحَ في الأصلِ قالتْ ألا فتىً يَكُفُّ القلبَ عن وَلَهٍ قلتُ الغرامُ قضى ما كانَ من حِيَلِ فامضِ رضًا فلعلَّ الدهرَ يجمعُنا في ظلِّ ليلٍ به الأسرارُ تكتملِ