القوي المتين جل جلاله:
4- ألا يكون خوفك إلا منه:
لأنَّ قوته سبحانه وتعالى فوق كل قوة، وليس أقوى مِن القويِّ أحدٌ، فكيف تخاف أحدًا أكثر مِن خوفك مِن الله؟!
وكيف تخشى سطوة أمير أو مدير أكثر مِن خشيتك لله، والله تعالى يقول: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: 44]، ويقول: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175].
فلا بد أن تُحقِّق الخوف الحقيقي مِن القويِّ جل جلاله كعلامة مِن علامات إيمانك؛ ولهذا قال الإمام أحمد لرجل وقد شكا إليه من الخوف: "لو صَحَحْتَ لم تخَفْ أحدًا"
5- ألا تطلب النصرة إلا منه:
لأن النصر الحقيقي لا يكون إلا مِن عند الله لعباده المؤمنين الذين نصروا دينه بقلوبهم وأقوالهم وأفعالهم، فاستحقوا بذلك نصر ربهم؛ قال تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 40]، فليس النصر للأقوى سلاحًا، ولا للأكثر عددًا؛ وإنما لمن آمن بالله القويِّ وتعلَّق به؛ قال الله: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: 10].
لقد أنزل الله الملائكة يوم بدر، ووظيفتها بثُّ البُشرى والطُّمَأْنينة في قلوب المؤمنين ليس أكثر، فإن الله تعالى ناصرٌ عباده المؤمنين بقوته القاهرة وقدرته الباهرة؛ قال الله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: 9، 10].
هذه عقيدة راسخة عند مَن آمن بالله القويِّ، فهو يعمل كل ما يقدر عليه دون أن يعتمد على نفسه؛ بل على قوة مَن آمن به وجاهد في سبيله.
حين جاء الأحزاب لحصار المدينة وتآمروا لكسر شوكة المؤمنين، وأحكموا كيدهم سِرًّا وعلانيةً، أرسل الله القويُّ عليهم ريحًا عاتية اقتلعتْ خيامهم، وقلبتْ قدورهم، وأطفأتْ نيرانهم؛ قال تعالى: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ [الأحزاب: 25].
6-أن نعمل جاهدين على تحصيل القوة (مع الأمانة):
قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: 60]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ))؛ فالله تعالى يُحب القوة والأقوياء؛ الأقوياء في إيمانهم وأجسادهم وعلمهم وتعاطيهم وأخذهم وسائر أمورهم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمنُ القويُّ خَيْرٌ وأحَبُّ إلى الله مِن المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خيرٌ، احرِصْ على ما ينفَعُكَ، واسْتعِن بالله ولا تعجزْ)).
والله تعالى يكره القوة المبنية على الطغيان والظلم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((لا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لا يأخُذُ الضعيفُ فيها حقَّه غيرَ مُتَعْتَعٍ))، وقوله: ((غير مُتَعْتَعٍ))؛ أي: من غير أن يُصيبَه أذًى يُقلِقُه ويُزعجه
فلا بد مع القوة مِن الأمانة: ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26].
إن قوَّةً بغير أمانة كفيلةٌ بأن تنتج الطغاة في الأرض، وتنشُر الظلمَ والعدوان، وإن أمانةً مع ضَعْفٍ كفيلةٌ بأن تُفسِد من حيث أردْتَ الإصلاح، فلا بد لنا - إن أردْنا النهوض - مِن هاتين الصفتين: القوة والأمانة
وقد عرفنا القوة، أما الأمانة فـ"ترجع إلى خشية الله، وألا نشتري بآياته ثمنًا قليلًا، وترك خشية الناس..."
7- دعاء الله تعالى باسمه القويِّ والمتين: فاللهم إنا نسألك باسمك القويِّ:
♦ أن تُوفِّقنا إلى طاعاتك، وتُعيننا على مرضاتك، وتأخُذ بنواصينا إلى طريق جناتك.
♦ وتنصرنا على أعدائك، وأن تُعيننا على ضَعْف نفوسنا ووهن قلوبنا، وأن تجعلنا مِن الصادقين.
♦ اللهم إنا نسألك باسمك القوي أن تنتقمَ مِن الظالمين، اللهم أَرِنا فيهم عجائبَ قُدرتكَ.
♦ اللهم إنا نسألك باسمك القوي أن تشفي صُدور قومٍ مؤمنين.
اللهم آمين.
#مبادرة_من_أحصاها