"واعلم أن طول الأمل حجاب على قلبك، يمنعك من رؤية الموت ومشاهدته، ووقر في أذنيك يمنعك من سماع وجبته ودوي وقعته.
وبقدر ما يرفع لك من الحجاب ترى، وبقدر ما يخفف عن أذنيك من الوقر تسمع.
فانظر رحمك الله نظر من رفع الحجاب وفتح بابه، واستمع سماع من أزيل وقره وخوطب سره، وبادر قبل أن يبادر بك، وينزل عليك، وينفذ حكم الله فيك، فتطوى صحيفة عملك، ويختم على ما في يديك، ويقال لك: اجن ما غرست، واحصد ما زرعت، وأقرأ كتابك الذي كتبت، {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} وبربك تبارك وتعالى شهيدا ورقيبا..
واعلم أن الأمل يكسل عن العمل، ويورث التراخي والتواني، ويعقب التشاغل والتقاعس، ويخلد إلى الأرض، ويميل إلى الهوى.
وهذا أمر قد شوهد بالعيان؛ فلا يحتاج إلى بيان، ولا يطلب صاحبه ببرهان،
كما أن قصره يبعث على العمل، ويحمل على المبادرة، ويحث على المسابقة".
#كتاب العاقبة في ذكر الموت والآخرة
للإمام: عبدالحق الإشبيلي | ص٧٣.