...
📚 شـــ🌹ــــــرح رياض الصالحين
📚 الحديث الستون
📜 *باب المـــ🌹ــــــراقبة*
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله ﷺ ذَاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عَلَينا رَجُلٌ شَديدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عَلَيهِ أثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبيّ ﷺ ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبتَيهِ، وَوَضعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ.
وَقالَ: يَا مُحَمَّدُ، أخْبرني عَنِ الإسلامِ، فَقَالَ رَسُول الله ﷺ : ((الإسلامُ: أنْ تَشْهدَ أنْ لاَّ إلهَ إلاَّ الله وَأنَّ مُحمَّدًا رسولُ الله، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيتَ إن اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلًا)). قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقهُ!
قَالَ: فَأَخْبرنِي عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ: ((أنْ تُؤمِنَ باللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِر، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ)). قَالَ: صَدقت. قَالَ: فأَخْبرني عَنِ الإحْسَانِ. قَالَ: ((أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ)).
قَالَ: فَأَخْبِرني عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: ((مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ)). قَالَ: فأخبِرني عَنْ أمَاراتِهَا. قَالَ: ((أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وأنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ)).
ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: ((يَا عُمَرُ، أَتَدْري مَنِ السَّائِلُ؟)) قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: ((فإنَّهُ جِبْريلُ أَتَاكُمْ يعْلِّمُكُمْ دِينَكُمْ))
✏️ رواه مسلم
📝 شرح الحديث :
🌸🍃
🌀
✅هذا الحديث عظيم القدر ، جامع لأبواب الدين كله ، بأبسط أسلوب ، وأوضح عبارة ، ولا نجد وصفا جامعا لهذا الحديث أفضل من قوله صلى الله عليه وسلم :
( فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم )
↩وقد تناول الحديث حقائق الدين الثلاث : الإسلام والإيمان والإحسان ، وهذه المراتب الثلاث عظيمة جدا ؛ لأن الله سبحانه وتعالى علق عليها السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة
⬅وبين هذه المراتب ارتباط وثيق ، فدائرة الإسلام أوسع هذه الدوائر ، تليها دائرة الإيمان فالإحسان ، وبالتالي فإن كل محسن مؤمن ، وكل مؤمن مسلم
🔸و الحديث فسّر الإسلام هنا بالأعمال الظاهرة ، وذلك لأن الإسلام والإيمان قد اجتمعا في سياق واحد ، وحينئذ يفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة ، ويفسر الإيمان بالأعمال الباطنة من الاعتقادات وأعمال القلوب .
🔹ففسر الإسلام بشهادة (أن لا إله إلا الله)
ومعنى أن تشهد أن لا إله إلا الله، أي: أن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه بأنه لامعبود بحق إلا الله عزّ وجل
↩و أَشْهَدُ بمعنى:أقر بقلبي ناطقاً بلساني؛ لأن الشهادة نطق وإخبار عما في القلب.
و(أن محمد رسول الله) رسول الله أرسله للخلق جميعا
⁉وهنا مسألة: لماذا جُعِلَ هذان ركناً واحداً، ولم يجعلا ركنين؟.
📩والجواب:أن الشهادة بهذين تبنى عليها صحة الأعمال كلها، لأن شهادة ألا إله إلا الله تستلزم الإخلاص، وشهادة أن محمداً رسول الله تستلزم الاتباع، وكل عمل يتقرب به إلى الله لا يقبل إلا بهذين الشرطين: الإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله .
🔹(وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا)
وهذه بقية أركان الإسلام
🔹( قَالَ: صَدَقْتَ)
القائل صدقت: جبريل عليه السلام وهو السائل، فكيف يقول: صدقت وهو السائل؟ لأن الذي يقول: صدقت للمتكلم يعني أن عنده علماً سابقاً بما يسأل عنه ،وهو محل عجب، ولهذا تعجب الصحابة كيف يسأله ويصدقه
↩ثم فسر النبي ﷺ الإيمان بالاعتقادات الباطنة أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره
🔸والإيمان يتضمن أمورا ثلاثة : الإقرار بالقلب ، والنطق باللسان ، والعمل بالجوارح والأركان
🔹ثم تناول الحديث مرتبة الإحسان ، وهي أعلى مراتب الدين وأشرفها
والمراد بالإحسان هنا قد بيّنه النبي ﷺ في قوله : ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ، وهذه درجة عالية ولا شك ، لأنها تدل على إخلاص صاحبها ، ودوام مراقبته لله عزوجل .
↩ثم سأل جبريل عليه السلام عن الساعة وعلاماتها ، فبيّن النبي ﷺ أنها مما اختص الله بعلمه ، وهي من مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله ، لكنه بين شيئا من أماراتها ، فقال :
🔹( أن تلد الأمة ربتها )
قال الأكثرون هذا إخبار عن كثرة الجواري وأولادهن، أي أن تكون المرأة أمة فتلد بنتا ، وهذه البنت تصبح سيدة تملك الإماء ، وهذا كناية عن كثرة الرقيق ، وقد حصل هذا في الصدر الأول من العهد الإسلامي
📚 شـــ🌹ــــــرح رياض الصالحين
فضيلة الشيخ بن عثيمين رحمه الله
https://t.center/chbihiilham/72991