والنَّبيلُ لا يتنبَّل، كما أنَّ الفصيحَ لا يتفصَّح، لأنَّ النَّبيل يكفيه نُبله عن التَّنبُّل، والفصيحُ تكفيه فصاحتهُ عن التّفصُّح، ولم يتزيّد أحدٌ قط إلَّا لنقصٍ يجدهُ في نفسه.
لا بُدّ لكلّ واحدٍ منّا أن يُسجّل يومًا فاصلًا، يكون مختلفًا بعده، يترك فيه ذنبًا، يأخذ عهدًا، يجدّد نِيّةً، يُدوّن فكرةً، يبدأ خطوةً، نحتاج ليومٍ فاصلٍ يشهد لنا، يكون منطلقًا لحياةٍ أقرب للسّماء!
"تعظُمُ خطوبُ الدهر؛ فيُهوِّنُها لطفُ اللهِ الخفيُّ فيها، تملُّ النفسُ ويَكادُ ينفدُ صبرُها؛ فيُسلّيها ثوابُ الله لها، فإنما بالله ومع الله سلوةُ القلوب، وبه يَصِلُ العبدُ وإن عزَّ عليه المطلوب، وإليه يرُجَعُ الأمرُ كلُّه فهو علامُ الغيوب"
صبّر نفسَكَ بنفسِك، فالكلُّ مُنصَرِفٌ إلى هَمِّه، وفي شُغلٍ عن معرفة حجمِ ما تُعانيه وتُقاسيه، والكلُّ فيه ما يكفيه، فاتَّكِأْ على صبرِكَ، وقَدِّر قَدمَك التي تحملُكَ إلى الآن، وتشبّث بيقينكَ باللّٰهِ فهذا مَنبع رباط الجأش، ومُثبِّت العقلِ أمام ما يراه مِنْ أهوالٍ وما تُصيبُهُ مِنْ مَصائب، فشُدّ عليكَ وَثاقَ صبرِك، واقبض على جَمْرِ أملِك، فاللّٰهُ فاتِحٌ عليكَ السماءَ بجَبْرٍ مُنهَمِر.
"المؤمن غالٍ على الله، آلامه ليست مهدورة أبدًا، ومن يُكفِّر بالشوكة، هو من يُكفِّر بالألم والهم، هو من يرسل العطايا ليُنقِّيك، ويرحمك ويعطيك، لتعود مغسولًا حاملًا كنز اليقين بين أضلعك، راغبًا في رضاه، طامعًا فيما عنده"🤍